بسمِ الله الرّحمن الرّحيم
الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله، أمَّا بعدُ:
• قالَ ابنُ الملًقِّنِ -رحمَهُ اللهُ- في "الإِعلام بفوائدِ عُمدة الأحكام"*:
ولقدْ غَلِطَ مَنْ حَمَلَ التَّحريمَ على المُجسَّدِ القائمِ بذاتِهِ؛ حيثُ إِنَّهُ شَبَهَتِ الأصنامَ، "
وأبعدُ مِنْ ذلكَ: حملُ الأحاديثِ على كراهةِ التَّنزيهِ، وأنَّ التَّشديدَ الواردَ في التّصويرِ إنَّما كانَ في ذلكَ لقُرْبِ عهْدِ النَّاسِ بعبادةِ الأوثانِ. وهذا الزَّمانُ انتشرَ الإِسلامُ وتمهدَّتْ قواعدُهُ فلا تُساويهِ في المعنى ولا في التَّشديدِ في التَّحريم!
وكلٌّ مِنَ القولَينِ باطلٌ؛ حيثُ أخبرَ الشَّارعُ بعذابِ المصوِّرينَ يومَ القيامةِ، وأنَّهُمْ ((يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ)) وذلكَ مخالِفًا لمقالتِهمْ، كيفَ وقدْ صرَّحَ بذلِكَ في قولِهِ عليهِ الصّلاة والسّلام، في وصْفِ المصوِّرينَ إنَّهُمْ لمشبِّهُونَ لخلْقِ الله؟!
وهذهِ علَّةُ عامَّةُ مستقلِّةٌ [شاملةٌ] مناسِبةٌ لا تخصُّ زمنًا دونَ زمنٍ، وليسَ لنا التَّصرُّفُ في النُّصوصِ المتظاهرةِ المتضافرةِ الصَّريحةِ بمعنًى خياليٍّ يُمكنُ أنْ لا يكونَ مُرادًا معَ اقْتضاءِ اللَّفظِ التَّعليلَ بغيرِهِ؛ وهوَ التَّشبيهُ بخلْقِ اللهِ" انتهى المراد.
* ج4، ص 490-491، ط 1، 1417هـ، تحقيق : عبد العزيز المشيقح، دار العاصمة، الرّياض.