عنْ أنسِ بْنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، قالَ:

قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ:

((مَا تَحَابَّ رَجُلَانِ في اللهِ؛ إلَّا كانَ أَحَبَّهُما إِلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ: أَشَدُّهُما حُبَّا لِصَاحِبِهِ)).

وفي روايةٍ عندَ ابْنِ حبّانَ والحاكِم:

((كَانَ أفْضَلَهُما: أشَدُّهُما حُبًّا لِصَاحِبِه)).

"صحيح التّرغيب والتّرهيب"، (3014).

وَالخَيْرُ حَقِيقَتُهُ....

بسمِ الله الرّحمن الرّحيم

• قالَ سُبحانَهُ في سورةِ "النّور":

{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}[من الآية 11]

 

• من كتابِ "الجامع لأحكام القرآن"، للقرطبيِّ -رحمَهُ اللهُ-:

"و(الخَيْرُ) حَقِيقَتُهُ: ما زَادَ نَفْعُهُ عَلَى ضَرِّهُ.

و(الشَّرُّ): ما زَادَ ضَرُّهُ عَلَى نَفْعِهِ.

وإِنَّ خَيْرًا لَا شَرَّ فِيهِ؛ هُوَ (الْجَنَّةُ)!

وشَرًّا لَا خَيْرَ فِيهِ؛ هُوَ (جَهَنَّمُ)!

فَأَمَّا البَلَاءُ النَّازِلُ عَلَى الأَوْلِيَاءِ فَهُوَ خَيْرٌ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ مِنَ الأَلَمِ قَلِيلٌ فِي الدُّنْيَا، 

وخَيْرُهُ هُوَ الثَّوَابُ الكَثِيرُ فِي الأُخْرَى.

فَنَبَّهَ اللَّهُ -تَعَالَى- عَائِشَةَ وَأَهْلَهَا وَصَفْوَانَ، إِذِ الخِطَابُ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ: 

{لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}؛  

لِرُجْحَانِ النَّفْعِ وَالْخَيْرِ، عَلَى جَانِبِ الشَّرِّ" اهـ‍‍‍‍‍‍

* ج6، ص: 311، ط1، 1425هـ‍‍‍‍‍‍، تحقيق عبد الحميد هنداوي، المكتبة العصريّة، بيروت

الجمعة 30 ذو الحِجّة 1443هـ‍‍‍‍‍‍

من الآية 152 من سورة البقرة

 {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}

[البقرة : 152]

قدْ تخرُجُ الْهمزَة عَنِ الِاسْتِفْهَام الْحَقِيقِيّ؛ فَتردُ لثمانيةِ معَانٍ

بسمِ الله الرّحمن الرّحيم

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، أمَّا بعدُ:

• من "مغني اللّبيب عن كتب الأعاريب*، لِابن هشامٍ رحمَهُ اللهُ:

"قدْ تخرُجُ الهمزَة عَنِ الِاسْتِفْهَام الحَقِيقِيّ؛ فَتردُ لثمانيةِ معَانٍ:

- أَحدُهَا: التَّسْوِيَة:

نَحْو: {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}[المنافقون : 6]

وَنَحْو: "مَا أُبَالِي أَقمْتَ أمْ قعَدْتَ".

أَلا ترى أَنه يَصحُّ: سَوَاءُ عَلَيْهِمُ الاسْتِغْفَارُ وَعَدَمُهُ؟

وَ: مَا أُبَالِي بقيامِكِ وَعَدَمِه؟

 

- وَالثَّانِي: الإِنْكَار الإِبْطالي:

وَهَذِه تَقْتَضِي أَنَّ مَا بعْدهَا غيرُ وَاقعٍ، وأنَّ مدَّعيْهِ كَاذِبٌ.

نَحْو: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثاً}[الإسراء : 40]

{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً}[الحجرات : 12]

{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ}[ق : 15]

 

- وَالثَّالِثُ: الإِنْكَار التَّوبيخي:

فَيَقْتَضِي أَنَّ مَا بعْدهَا وَاقعٌ، وَأَنَّ فَاعلَهُ ملُومٌ.

نَحْو: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}[الصّافّات : 95]

{أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ}[الصّافّات : 86]

 

- وَالرَّابِعُ: التَّقْرِير:

وَمَعْنَاهُ: حملُكَ المُخَاطبِ على الإِقْرَار وَالِاعْتِرَاف بِأَمْرٍ قدِ اسْتَقرَّ عِنْدهُ ثُبُوتُهُ أَو نَفْيُهُ، وَيجبُ أَنْ يَليهَا الشَّيْءُ الَّذِي تُقَرِّرَهُ بِهِ.

تَقولُ فِي التَّقْرِير بِالفِعْلِ: "أضربْتَ زيدًا؟".

وبالفاعلِ: "أَأَنْتَ ضربْتَ زيدًا".

وبالمفعولِِ: "أزيدًا ضربْتَ؟".

 

- وَالخَامِسُ: التَّهكُّم:

نَحْو: {أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}[هود : 87]

 

- وَالسَّادِسُ: الْأَمرُ:

نَحْو: {أَأَسْلَمْتُمْ}[آل عمران : 20]؛ 

أَيْ: أَسْلِمُوا.

 

- وَالسَّابِعُ: التَّعَجُّبُ:

نَحْو: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}[الفرقان : 45].


- وَالثَّامِنُ: الِاسْتبطاءُ:

نَحْو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[الحديد : 16]" انتهى باختصار.

واللهُ تعالى أعلم.

* ص: 17-18، ج1، ط1407هـ‍، تحقيق : محمّد محيي الدّين عبد الحميد، المكتبة العصريّة، بيروت

السّبت 24 ذو الحِجَّة 1443هـ