بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
حديثٌ جامعٌ نافعٌ لكلِّ (مأمومٍ) يُسَابقُ (الإمامَ) في الصّلاةِ!

عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ، رضيَ اللهُ عنه؛ قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ صَلاةً؛ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أُقِرَّتِ الصَّلاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ؟
قَالَ فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصَّلاةَ، وَسَلَّمَ، انْصَرَفَ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟
قَالَ: فَأَرَمَّ الْقَوْمُ!
ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَرَمَّ الْقَوْمُ!
فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ قُلْتَهَا؟ قَالَ: مَا قُلْتُهَا، وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا!
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا قُلْتُهَا، وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلاَّ الْخَيْرَ!
فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلاتِكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلاتَنَا, فَقَالَ:
((إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ
فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا
وَإِذْا قَالَ:
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}، فَقُولُوا: (آمِينَ)، يُجِبْكُمُ اللهُ!
فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ، فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الإمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ)).
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((فَتِلْكَ بِتِلْكَ!
وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللهُ لَكُمْ! فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ!
وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ، فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا؛ فَإِنَّ الإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ)).
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((فَتِلْكَ بِتِلْكَ!
وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ:
التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ للهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ،
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)).
[صحيح مسلم/ كتاب الصّلاة/ باب التّشهّدِ في الصّلاة/ رقم الحديث: 404]
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
طرفٌ من معاني بعضِ كلماتِ الحديثِ:
ـ"(فَأَرَمَّ الْقَوْمُ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ؛ أَيْ: سَكَتُوا.
ـ(تَبْكَعَنِي) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فِي أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا؛ أَيْ: تُبَكِّتَنِي بِهَا، وَتُوَبِّخَنِي.
ـ(فَتِلْكَ بِتلْكَ): اجْعَلُوا تَكْبِيرَكُمْ لِلرُّكُوعِ وَرُكُوعَكُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ، وَكَذَلِكَ رَفْعَكُمْ مِنَ الرُّكُوعِ يَكُونُ بَعْدَ رَفْعِهِ.
[وفي موضع آخر]:
وَمَعْنَى (تِلْكَ بِتِلْكَ): أَنَّ اللَّحْظَةَ الَّتِي سَبَقَكُمُ الإِمَامُ بِهَا فِي تَقَدُّمِهِ إِلَى الرُّكُوعِ تَنْجَبِرُ لَكُمْ بِتَأْخِيرِكُمْ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَحْظَةً؛ فَتِلْكَ اللَّحْظَةُ بِتِلْكَ اللَّحْظَةِ، وَصَارَ قَدْرَ رُكُوعِكُمْ كَقَدْرِ رُكُوعِهِ، وَقَالَ مِثْلَهُ فِي السُّجُودِ" ا.هـ
[شرح النّووي على مسلم]
"أنَّ مَا سبَقكَمْ من رُكُوعِهِ قَبْلَكُمْ، وسُجُودِهِ قَبْلَكُمْ؛ تُدْرِكُونَهُ بِتَأَخُّرِكُمْ بالرَّفْعِ بَعْدَهُ مِنَ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، فَتُسَاوونَهُ فِي قَدْرِ رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ بذَلِكَ". ا.هـ 
["فتح الباري" لابن رجب].
ـ"(يَسْمَعُ اللهُ لَكُمْ): يَسْتَجِبْ دُعَاءَكُمْ
ـ(سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)؛ أَيْ: أَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ." ا.هـ
[شرح النّووي على مسلم].
~~~~~~~~~~~~~~~
هذا؛ باختصار شديد؛ وإلاّ ففي الحديث فوائدَ جمّة، واستنباطات وأقوال ومسائل فقهيّة مهمّة؛ حبّذا الرّجوع إليها في شروحات أولئك العلماء -رحمهمُ اللهُ أجمعين- وفي شروحات أخرى. 
وإنما انتقيتُ بعض المعاني وبإيجاز؛ لعامّة النّاس؛ بغرضِ التّركيز على اتّباعِ هديهِ عليه الصّلاة والسّلام في عدم مسابقة المأموم للإمام؛ فالبعضُ يحتجّ بأنّه يسابقُ (الإمام) لأجل أن يلحقَ به! فدونه ذاك الحديث الشّريف.
والله الموفّق.
~~~~~~~~~~~~~~~
الثّلاثاء/ 9/ صفر/ 1433هـ.