كيفيّةُ أداءِ حكمِ (الإظهار الحلقيّ)

بسم الله الرحمن الرحيم
الدّرسُ الثّاني
كيفيّةُ أداءِ حكمِ (الإظهار الحلقيّ)
تعريف الإظهار:
لغة: البيانُ.
اصطلاحًا: إخراجُ كلِّ حرفٍ من مخرجِهِ.
هذا التّعريفُ (عامٌّ) لكلِّ حرفٍ حكمُهُ (الإظهار) في القرآنِ الكريمِ.
ولكونِ درسنا -اليوم- خاصٌّ بـ:  (إظهار النّون السّاكنة والتّنوين)؛ لزِمَ أن أخصّصَ التّعريفَ على النّحوِ الآتي:
الإظهارُ الحلقيّ: هو إخراجُ النّونِ السّاكنةِ (أو التّنوينِ) من مخرجِهِا، من غير غنّة زيادة زمن الغنّة، وذلكَ إذا جاء بعدها أحدُ الأحرفِ الحلقيّةِ السّتةِ التّاليةِ:
(الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء).
وقد وردَ في القرآنِ الكريم في كلمةٍ، وفي كلمتين.
سببُ التّسميةِ: لأنّ جميعَ الأحرفِ السّتةِ التي تظهرُ عندها النّون، تخرجُ من موضعِ (الحلق).
سببُ الإظهارِ:
1) اتّباعُ الرّوايةِ.
2) "بُعْدُ مَخْرَجِ حُرُوفِ الحلقِ مِنْ مَخْرَجِ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ، وَإِجْرَاءُ الحروفِ الحلقيّةِ مُجْرًى وَاحِدًا" ا.هـ "النّشر في القراءات العشر".
الأمثلة:
أولاً: مع النّون السّاكنة:
أ) الإظهار في كلمة واحدة:
يَنْأَوْنَ - مِنْهُمْ - أَنْعَمْتَ - تَنْحِتُونَ - فَسَيُنْغِضُونَ – الْمُنْخَنِقَةُ
ب) الإظهار في كلمتين:
مَنْ ءامَنَ -  مِنْ هَادٍ - مِنْ عَمَلِ - مِنْ حَكِيمٍ - مِنْ غَيْرِ - مِنْ خَيْرٍ
ثانيًا: مع التّنوين (ولا يكون إلا في كلمتين):
كُلٌّ ءامَنَ- جُرُفٍ هَارٍ- عَذَابٌ عَظِيمٌ- حَكِيمٍ حَـمـِيدٍ- طَعَامٍ غَيْرَ- قَوْمٌ خَصِمُون
توضيح:
- الحرف الـمُظْهَرُ؛ هو: النّون السّاكنةُ (نْ)، أو التّنوين: (النّصب، أو الرّفع، أو الخفض)
- الحرف الـمُظْهَرُ عندَهُ؛ هو: أحدُ الأحرفِ الحلقيّةِ السّتّةِ.
- من غير زيادة في الغنّة: أي: يكونُ زمن النّون عند إظهارها بزمن النّون السّاكنة المخفّفة؛ فلا نُطيلُ زمنَ النّون؛ فتلتبسَ بالمشدّدةِ!
كيفَ نطّبق حكم الإظهار الحلقيّ (عمليًّا)؟
أوّلاً: ننطقُ الحرفُ المظهر (النّون الساكنة) كما الآتي:
أ- نقرعِ طرفِ اللّسانِ مع لثةِ الثّنيَّتين العُلْيَيَيْنِ (أي: نطبّق مخرج النّون)، دون أن يصاحبَ ذلك أيّ حركةٍ في الفم؛ لأنّها ساكنة.
ب- نثبّتُ طرف اللّسانِ عند مخرجِ النّون؛ حرصًا على سكونِها.
ج- نعطي النّون زمن (التّوسّط)، من غيرِ إطالة؛ لئلاَّ يطول معه صوت الغنّة؛ فتلتبسَ بالنّونِ المشدّدة، ولا نقصان (لئلاَّ تُقلقلَ)، وهذا يُضبط بالمشافهةِ.
ثانيًا: ننطقُ الحرفَ المظهرَ عنده:
بعد انتهاءِ زمن النّون ننطقُ الحرفَ المظهر عنده (أي: أحد الأحرف السّتّة)؛ كلٌّ حسبَ مخرجهِ، وحركتهِ.
طريقة الأداء باختصار:
مَنْ <<ننطق النّون مع الحرص على صفة التوسط (ثمَّ) ننطق الهمزة>> ءامَنَ
ملاحظة:
ما ذُكر عن (النّون السّاكنة)، ينطبق على (التّنوين).
والله الموفّق.
~ ~ ~
كتبتْهُ: حسّانة بنت محمّد ناصر الدّين الألبانيّ
الثّلاثاء/6/ من شهر الله المحرّم/ 1434هـ

"قَدْ نَصَّ القُرْآنُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الرَّقْصِ"!...

بسم الله الرحمن الرحيم
"قَدْ نَصَّ القُرْآنُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الرَّقْصِ"!...
 
قال ربُّنا تبارك وتعالى:
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}
سورة الإسراء/ الآية رقم:37
 
وجاءَ في: "الجامعِ لأحكامِ القرآنِ"؛ للإمامِ القرطبيِّ -رحمهُ اللهُ- ما يلي:
"اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلَى (ذَمِّ الرَّقْصِ وَتَعَاطِيهِ)!
قَالَ الإِمَامُ أَبُو الوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ:
قَدْ نَصَّ الْقُرْآنُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ (الرَّقْصِ)، فَقَالَ:
{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} وَذَمَّ الْمُخْتَالَ.
و(الرَّقْصُ): أشَدُّ المرَحَ والبَطَرِ!
أَوَ لَسْنَا الذِينَ قِسْنَا (النَّبيذَ) علَى (الخمْرِ)؛ لاتِّفاقِهَا في الإطْرَابِ وَالسُّكْرِ؟!
فَمَا بَالُنَا لَا نَقِيسُ: (القَضِيبَ وَتَلْحِينَ الشِّعْرِ مَعَهُ) عَلَى: (الطُّنْبُورِ وَالمِزْمَارِ والطَّبلِ) لاجْتِمَاعِهَا؟!
فَمَا أَقْبَحَ مِنْ ذِي لِحْيَةٍ، وَكَيْفَ إِذَا كان شيْبَةٍ، يَرْقُصُ وَيُصَفِّقُ عَلَى إِيقَاعِ الأَلْحَانِ وَالقُضْبَانِ، وَخُصُوصًا إِنْ كَانَتْ أَصْوَاتٌ لِنِسْوَانٍ وَمُرْدَانٍ!
وَهَلْ يَحْسُنُ لِمَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ (المَوْتُ) وَ(السُّؤَالُ) وَ(الحَشْرُ) وَ(الصِّرَاطُ)، ثُمَّ هُوَ إِلَى إِحْدَى الدَّارَيْنِ، يَشْمُسُ بِالرَّقْصِ شَمْسَ البهائم! ويصفِّقُ تَصْفِيقَ النِّسْوانِ!
وَاللهِ لقدْ رَأَيْتُ مَشَايِخَ فِي عُمْرِي مَا بَانَ لَهُمْ سِنٌّ مِنَ التَّبَسُّمِ، فَضْلًا عَنِ الضَّحِكِ، مَعَ إدْمَانِ مخالَطَتي لَهُمْ".
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوزِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-:
"وَلَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَنِ الإِمَامِ الْغَزَالِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ:
"الرَّقْصُ حَمَاقَةٌ بينَ الكَتِفَينِ، لا تَزُولُ إلاَّ باللّعِبِ*!"...." ا.هـ 
~ ~ ~
* هكذا في الأصل.
السبت/18/ذو الحجّة/1433هـ

من ميمية ابن القيّم

بسم الله الرحمن الرحيم
 
من (ميميّة ابن القيّم) -رحمهُ اللهُ تعالى-:
(معَ الحجيجِ من الإحرامِ إلى الرّحيلِ)! 
والقصيدةُ -من مطلعِهَا إلى خاتمتِهَا- بليغةٌ لفظًا ومعنًى!
لكنّي اخترتُ منها الأبيات التي سبكَهَا -رحمهُ اللهُ- بدموعِ المشاعرِ، واصفًا حجّاجَ بيتِ اللهِ، وأعمالهمْ في (الحجّ)؛ بل وأحاسيسَهمْ، خطوةً خطوةً!
وقد قسّمتُها إلى مقاطعَ بإضافةِ عناوينَ لها، لنركّزَ على المعاني!
 
تأهّبُ وفد الحجيجِ للحجِّ!
أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ ....... وَلبُّوا لهُ عندَ المَهَلِّ وَأحْرَمُوا!
وقدْ كَشفُوا تِلكَ الرُّؤوسَ توَاضُعًا ....... لِعِزَّةِ مَن تعْنو الوُجوهُ وتُسلِمُ!
يُهلُّونَ بالبيـــــــــداءِ لبيــــــــك ربَّنا ....... لكَ المُلكُ والحَمْدُ الذي أنتَ تَعْلمُ!
دعاهُمْ فلبَّوْهُ رِضًا ومَحَبَّةً ....... فلمَّا دَعَوهُ كان أقربَ منهمُ!
ترَاهُمْ على الأنضاءِ شُعْثًا رؤوسُهُمْ ....... وغُبْرًا وهُمْ فيها أسَرُّ وأنْعَمُ!
وَقدْ فارَقوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً ....... ولم يُثنِهِمْ لذَّاتُهُمْ والتَّنَعُّمُ!
يَسِيرونَ مِن أقطارِها وفِجاجِها ....... رِجالا ورُكْبانا ولله أسْلمُوا!
ولمَّا رأتْ أبصارُهُم بيتَهُ الذي ....... قلوبُ الوَرَى شوقًا إليهِ تَضَرَّمُ!
كأنهمُ لمْ يَنْصَبُوا قطُّ قبْلهُ ....... لأنَّ شَقاهُمْ قد ترحَّلَ عنْهُمُو!
فلِلَّهِ كمْ مِن عَبْرةٍ مُهْرَاقةٍ ....... وأخرى على آثارِها لا تَقَدَّمُ!
وَقدْ شَرِقتْ عينُ المُحِبِّ بدَمْعِها ....... فينظرُ مِن بينِ الدُّموعِ ويُسْجِمُ!
إذا عَايَنَتْهُ العَيْنُ زالَ ظلامُها ....... وزالَ عن القلبِ الكئيبِ التألُّمُ!
فمِنْ أجلِ ذا كلُّ القلوبِ تُحِبُّهُ ....... وتَخْضَعُ إجْلالا لهُ وتُعَظِّمُ!
 
الحجّاجُ في (يومِ عرفةَ)!
ورَاحُوا إلى التَّعْريفِ يَرْجُونَ رحمةً ....... ومغفرة مِمَّن يجودُ ويُكرِمُ!
فلِلهِ ذاكَ الموقفُ الأعظمُ الذي ....... كموقفِ يومِ العَرْضِ بلْ ذاكَ أعظمُ!
ويدْنُو بهِ الجبّارُ جَلَّ جلالُهُ ....... يُباهِي بهمْ أمْلاكَه فهو أكرَمُ!
يقولُ عِبادِي قدْ أتونِي مَحَبَّةً ....... وَإنِّي بهمْ بَرٌّ أجُودُ وأرْحَمُ!
فأشْهِدُكُمْ أنِّي غَفَرْتُ ذنُوبَهُمْ ....... وأعْطيْتُهُمْ ما أمَّلوهُ وأنْعِمُ!
فبُشراكُمُ يا أهلَ ذا المَوقفِ الذِي ....... به يَغفرُ اللهُ الذنوبَ ويَرحمُ!
فكمْ مِن عتيقٍ فيه كَمَّلَ عِتقهُ ....... وآخرَ يَسْتسعَى وربُّكَ أرْحَمُ!
ومَا رُؤيَ الشيطانُ أغيظَ في الوَرَى ....... وأحْقرَ منهُ عندها وهو ألأَمُ!
وَذاكَ لأمْرٍ قد رَآه فغاظهُ ....... فأقبلَ يَحْثُو التُّرْبَ غَيْظا وَيَلطِمُ!
وما عاينتْ عيناه مِن رحمةٍ أتتْ ....... ومغفرةٍ مِن عندِ ذي العرْشِ تُقْسَمُ!
بَنَى ما بَنى حتى إذا ظنَّ أنه ....... تمَكَّنَ مِن بُنيانِهِ فهو مُحْكَمُ!
أتَى اللهُ بُنيَانًا له مِن أساسِهِ ....... فخرَّ عليه ساقطا يتهدَّمُ!
وَكمْ قدْرُ ما يعلو البناءُ ويَنْتهي ....... إذا كان يَبْنِيهِ وذو العرش يهدِمُ!
 
الحجّاجُ في (مزدلفة ويوم النّحرِ)!
وراحُوا إلى جَمْعٍ فباتُوا بمَشعَرِ الْـ ....... ـحَرَامِ وصَلَّوْا الفجْرَ ثمَّ تقدَّموا!
إلى الجَمْرةِ الكُبرَى يُريدون رَمْيَها ....... لوقتِ صلاةِ العيدِ ثمَّ تيَمَّمُوا!
منازلَهمْ للنحْرِ يَبغونَ فضلَهُ ....... وإحياءَ نُسْكٍ مِن أبيهمْ يُعَظَّمُ!
فلوْ كان يُرضِي اللهَ نَحْرُ نفوسِهمْ ....... لدانُوا بهِ طوْعًا وللأمرِ سلَّمُوا!
كما بَذلُوا عندَ الجِهادِ نُحورَهُمْ ....... لأعدائِهِ حتَّى جرَى منهمُ الدَّمُ!
ولكنَّهمْ دانُوا بوضْعِ رؤوسِهمْ ....... وذلِكَ ذلٌّ للعبيدِ ومَيْسَمُ!
ولمَّا تقضَّوْا ذلكَ التَّفَثَ الذِي ....... عليهمْ وأوْفَوا نذرَهُمْ ثمَّ تَمَّمُوا!
دعاهُم إلى البيتِ العتيقِ زيارةً ....... فيَا مرحَبًا بالزائِرين وأكرمُ!
فلِلهِ ما أبْهَى زيارتَهُمْ لهُ ....... وقدْ حُصِّلتْ تلكَ الجَوائزِ تُقْسَمُ!
وَللهِ أفضالٌ هناكَ ونِعْمَةٌ ....... وبِرٌّ وإحْسَانٌ وجُودٌ ومَرْحَمُ!
 
الحجّاجُ في أيّامِ (مِنى)!
وعادُوا إلى تلكَ المنازلِ مِن مِنَى ....... ونالُوا مناهُمْ عندَها وتَنَعَّمُوا!
أقامُوا بها يومًا ويومًا وثالثًا ....... وأذِّنَ فِيهمْ بالرحيلِ وأعْلِمُوا!
وراحُوا إلى رمْيِ الجمارِ عَشِيَّةً ....... شعارُهُمُ التكْبيرُ واللهُ معْهُمُو!
فلو أبْصرَتْ عيناكَ موقفَهمْ بها ....... وَقدْ بسَطوا تلكَ الأكفَّ لِيُرْحَمُوا!
ينادونَهُ يا ربِّ يا ربِّ إننا ....... عبيدُكَ لا ندْعو سواكَ وتَعْلمُ!
وها نحنُ نرجو منكَ ما أنتَ أهلُهُ ....... فأنتَ الذي تُعْطِي الجزيلَ وتُنْعِمُ!
 
الحجّاجُ في (طوافِ الوداعِ)!
ولمَّا تقضَّوْا مِن مِنًى كلَّ حاجةٍ ....... وسالتْ بهمْ تلكَ البِطاحُ تقدَّموا!
إلى الكعبةِ البيتِ الحَرامِ عشيةً ....... وطافُوا بها سبْعًا وصَلوْا وسَلَّمُوا!
ولمَّا دَنا التوْدِيعُ منهمْ وأيْقنُوا ....... بأنَّ التدَانِي حبْلُهُ مُتَصَرِّم!ُ
ولمْ يبقَ إلا وقفةٌ لِمُوَدِّعٍ ....... فلِلهِ أجفانٌ هناكَ تُسَجَّمُ!
وللهِ أكبادٌ هنالِكَ أُودِعَ الْـ ....... ـغرامُ بها فالنارُ فيها تَضرَّمُ!
وللهِ أنفاسٌ يكادُ بِحَرِّها ....... يذوبُ المُحِبُّ المُسْتهَامُ المُتيَّمُ!
فلمْ ترَ إلا باهِتًا مُتَحَيِّرًا ....... وآخرَ يُبْدِي شجوَهُ يَترَنَّم!ُ
 
ألمُ المشاعرِ عندَ الرّحيلِ!
رَحَلتُ وأشْواقِي إليكمْ مُقِيمَةٌ ....... ونارُ الأسَى مِنِّي تَشُبُّ وتَضْرمُ!
أوَدِّعُكُمْ والشوقُ يُثنِي أعِنَّتِي ....... وقلبيَ أمْسَى فِي حِماكُمْ مُخَيِّمُ!
هنالِكَ لا تَثْريبَ يومًا عَلىَ امرئٍ ....... إذا ما بَدا منهُ الذي كانَ يَكْتُمُ!
فيَا سائِقينَ العِيسَ باللهِ ربِّكمْ ....... قِفوا لِي على تلكَ الرُّبوعِ وسَلِّمُوا!
وقولوا مُحِبٌّ قادهُ الشوقُ نحوكُمْ ....... قضَى نحبَهُ فيكُمْ تَعِيشُوا وَتسْلمُوا!
قضَى اللهُ ربُّ العرشِ فيمَا قضَى بهِ ....... بأنَّ الهوَى يُعمِي القلوبَ ويُبْكِمُ!
وحُبُّكُمُ أصْلُ الهَوَى ومَدَارُهُ ....... عليهِ وفوزٌ للمُحِبِّ ومَغْنَمُ!
وتفنَى عِظامِ الصَّبِّ بعدَ مَماتِهِ ....... وأشواقُهُ وقْفٌ عليهِ مُحَرَّمُ!
~~~ 
السبتُ/11/ذو الحجّة/1433هـ

فضلُ صيامِ يومِ عرفةَ

بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيم
فضلُ صيامِ يومِ عرفةَ
(لغير الحاجّ)
 
قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ:
((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ))! (1)
 
وفي روايةٍ:
((يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ))!(2)

وعن سَهْلِ بنِ سعدٍ؛ رضيَ اللهُ عنهُ، قالَ:
قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ:
((منْ صامَ يومَ عرفةَ؛ غُفِرَ لَهُ ذنبُ سنَتَينِ مُتَتابِعَتَينِ))! (3)
 
 
 
(1) و(2): الرّوايتانِ عن أبي قتادةَ الأنصاريِّ؛ رضيَ اللهُ عنهُ.
يُنظرُ تمامُهُمَا في: "صحيح مسلم"، كتابُ الصّيامِ، بابُ استحبابِ صيامِ ثلاثة ِأيّامٍ من كلِّ شهر، الحديث رقم: (1162).
(3) قال عنه الوالد: "صحيح". يُنظر: "صحيح التّرغيب والترهيب" كتابُ الصّومِ، التّرغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها، الحديث رقم: (1012)
~~~
الثّلاثاء/7/ ذو الحجّة/1433هـ

دروسٌ في التّجويدِ العمليِّ

دروسٌ في التّجويدِ العمليِّ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصّلاةُ والسّلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلينَ؛ أمّا بعدُ:
فعَنْ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))
(رواه البخاري وغيره)
وبحولِ اللهِ  تعالى سأخصّصُ في هذا القسمِ؛ دروسًا لتقريبِ كيفيّة أداءِ بعضِ أحكامِ (التّجويدِ) للمبتدئينَ، وذلك براويةِ حفصٍ عن عاصمٍ من طريقِ الشّاطبيّةِ.
 حريصةً -في ذلك- على تيسيرِهَا بالقدْر الّذي يتحقّقُ معه المرغوبُ؛ ولا يُخلُّ بالمطلوبِ، إن شاء الله.
ومن جهة أخرى:
فالتّجويدُ (النّظريُّ) مبسوطٌ في كثيرٍ من كتبِ التّجويدِ للمتقدّمينَ والمتأخّرينَ
أمَّا (العمليُّ) فقد لا يجدْهُ طلاّبُ هذا العلم موسَّعًا مفصًّلاً في الكتب؛ لذا كان (توضيحُهُ) من أهدافي الأساسيّة من هاتِهِ الدّورسِ
وعليهِ؛ فالطّريقةُ -العامّةُ- التي سأسيرُ عليها -إن شاء اللهُ-:
1) أضع القاعدةِ النّظريّة للحكمِ التّجويديِّ، وذلكَ بناءً على ما اصطلحَ عليه أهلُ العلمِ في هذا البابِ، وأختارُ منها ما يفي بالمقصود من الدّرسِ.
2) أبيّنُ الخطواتِ العمليّةَ الـمُوْصِلةَ للأداءِ الصّحيحِ، وذلك بطرحِ نقاطٍ عمليّةٍ للوصولِ إلى تلاوةٍ متقنةٍ -قدْرَ وسعي-، وهي الطّريقةُ نفسُهَا التي نستخدمُهَا مع الطّالباتِ في تفهيمِ التّجويدِ؛ لئلاَّ يكون ثمّةَ فصلٌ بين النّظريّ والعمليّ؛ وأكتبُهَا هنا لتعيمِ الفائدةِ.
فأشرعُ مستعينةً باللهِ تعالى.
 
الدّرسُ الأوّلُ
كيفيّةُ أداءِ حكمِ الغنّةِ في (النّون والميم المشدّدتين)
نّ- مّ
تمهيد:
تعريفُ الغنّة:
"لغة: صوت أغَنّ يخرج من: الخيشوم؛ لا عمل للّسان به
اصطلاحًا: صوت أغنّ مركبٌ في جسمِ النّون -ولو تنوينًا- والميم مطلقًا" ا.ه
يُنظر: "هداية القاري في تجويد كلام الباري"
 
 
ومعنى: (لا عمل للّسان به)؛ أي: صوت الغنّة يخرج من الخيشوم فقط، ولا يشاركه أدنى عمل للّسان، بحيث لو لم نحرّك اللّسان لبقي صوتُ الغنّة، ولو أغلقنا الخيشوم بالكلّيّة لانقطع صوت الغنّة بالكلّيّة.
وبتعبير آخر: لا يحتاج إخراج صوت الغنة لمشاركة اللّسان؛ فصوتها يخرج بالضّغط على موضعِ الخيشومِ فقط، فهي صوت فقط.
 
حروفها: اثنان:
1) ن
2) م
 
كيف نطبّق حكمَ (الغنّة) عند نطق النّون المشدّدة؟
نّ: عبارة عن حرفين: (نْ ن)؛ فـ:
أ- ننطق النّون الأولى (السّاكنة) بقرعِ طرفِ اللّسانِ للثةِ الثّنيّتين العُلْيَيَن (مخرج النّون)
ب- نخرج صوت الغنّة بالضّغط على الخيشوم، طيلة نطق النّون
جـ - نعطيها زمنًا يضبط بالمشافهة
وهو زمن أطول من زمن النّون وهي مخفّفة (غير مشدّدة)
أيْ: نتريّث ولا نستعجل؛ بل نقف هنيهة إلى حين انتهاء زمن الغنّة. 
(كل هذه الأعمال "أ-ب-ج" مشتركة في وقت وزمن واحد، إنّما فصّلتُها لأجلِ توضيح النّقاطِ الأساسيّةِ التي لو أتى بها القارئ لوصل للأداء العمليّ المتقن؛ بإذن الله)
دـ- عندما ينتهي زمن الغنّة في النّونِ (الأولى) ننطقُ النّونَ (الثّانيةَ)، حسب حركتها.
 
كيف نطبّق حكمَ (الغنّة) عند نطق الميم المشدّدة؟
مّ: عبارة عن حرفين: (مْ م)؛ فـ:
أ- ننطق الميم الأولى (السّاكنة) بإطباق الشفتين (بتصادمهما معًا) من غير ضغط زائد. (مخرج الميم)
ب- نخرج صوت الغنّة بالضّغط على الخيشوم، طيلةَ نطقِ الميم
جـ - نعطيها زمنًا يضبط بالمشافهة
وهو زمن أطول من زمن الميم وهي مخفّفة (غير مشدّدة)
د- عندما ينتهي زمن الغنّة، ننطقُ الميمَ (الثانيةَ) حسب حركتها.
 
فنلاحظُ:
أن طريقة أداء (الغنّة) في النّون والميم، واحدة، إلاّ أنَّ المخرج مختلف.
 
التّطبيق:
نطبّق حكم (الغنّة) في (النّون المشدّدة) على سورة "النّاس".
بسم الله الرحمن الرحيم
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}
وقد أتتْ في الكلمات التّالية:
النَّاسِ
الْخَنَّاسِ
الْجِنَّةِ.
فكلّما نطقنا نونًا مشدّدة؛ نطقنا معها الغنّة بزمن ينضبط بالمشافهة.
............................
نطبّق حكم (الغنّة) في (الميم المشدّدة) على الكلمات القرآنية التّالية:
أمَّا
عَمَّ
مُحَمَّدٌ
فَأُمُّهُ
فكلّما نطقنا ميمًا مشدّدة؛ نطقنا معها الغنّة بزمن ينضبط بالمشافهة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخلاصةُ:
كلمّا مررنا بكلمة في القرآن الكريم فيها (نّ) أو (مّ) مشدّدة
نقف عند الحرف (الأوّل) برهة من الزّمن إلى حين الانتهاء من زمن الغنّة
والأمرُ يسيرٌ، إن شاءَ اللهُ
فقط يحتاجُ إلى الأخذ بالأسبابِ، من التّركيز والدّربة
وما توفيقنا إلاَّ بالله.
~ ~ ~
الأحد/28/ذو القعدة/ 1433ه
أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ؟!
-رضيَ اللهُ عنهُمَا-
حياؤُها وخدمَتُهَا لبيتِها...
 
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا أثرٌ عن (أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ) رضيَ اللهُ عنهُمَا...
تصفُ فيهِ خدمتَها لبيتِها!...
ويتجلَّى فيه حياؤُهَا!...
وأمورٌ أخرى بليغةٌ.. تُعتَبَرُ مدرسةً لكلِّ امرأةٍ تأمّلَتْ وتدبَّرَتْ!
 
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ:
(تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ (مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ)! وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ!
فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ!
وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ!
وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ -الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِي! وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ!
فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: ((إِخْ إِخْ)) (1) لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ! وَذَكَرْتُ (الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ) وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ!
فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى!
فَجِئْتُ (الزُّبَيْرَ) فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ!
فَقَالَ: وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ!
قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ (أَبُو بَكْرٍ) بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي!). (2)
~ ~ ~
أسألُهُ تعالى أن يجمعَني بها في الفردوسِ الأعلَى!
~ ~ ~
(1) ":لَفْظَةُ إِخْ إِخْ -بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الخاءِ المُعجَمَةِ- كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْبَعِيرِ لِيَبْرُكَ" ا.هـ  باختصار من "شرح النّوويّ على مسلم"
(2) أخرجه البخاريّ ومسلم وغيرهما.
....
الجمعة/ 19/ ذو القعدة/1433هـ

على مثلِ هذا فلْتحْرصِ النِّساءُ!...

على مثلِ هذا فلْتحْرصِ النِّساءُ!...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، أمّا بعدُ:
أختي المسلمةُ!
دونكِ صفاتٍ حميدةً، ومناقبَ عظيمةً، جمعتُها لي ولكِ من الكتابِ الّذي جعلَهُ اللهُ لنا هدًى ونورًا! من (القرآنِ الكريمِ)! من آياتٍ خاطبَ اللهُ بها (المرأةَ) بشكلٍ خاصّ!
جمعتُها:
لنبصرَهَا -نحنُ معشرَ النّساءِ-!
وندركَ أين قلوبُنا منها!
فنسارع لنفنيَ أعمارَنا في سبيلِ بلوغِهَا!
نائياتٍ عن سفاسفِ هذه الدّنيا الفانيةِ وزخرُفِها!
معرضاتٍ عمّا يفضي بنا إلى سخطِ اللهِ ولعنِهِ!
وجلاتٍ مشفقاتٍ من قولِه عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ:
((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! تَصَدَّقْنَ! فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ!)) [متّفقٌ عليه]
نسألُ اللهَ السّلامةَ والعافيةَ!
هذا، والطّريقةُ التي سرْتُ عليها -في هذا الموضوع-:
1- ذكْرُ الصّفةِ (أو عدّةُ صفاتٍ)
2- ثُمّ تأصيلُها بآيةٍ كريمةٍ
3- ثُمَّ الإتيانُ بطرفٍ من المعنى (ذاكَ أنّ المقصدَ هو التَّدبُّر)!
فمنْ تلكمُ الصّفاتِ والمناقبِ:
1- مسلماتٍ!
2- مؤمناتٍ!
3- قانتاتٍ!
4- صادقاتٍ!
5- صابراتٍ!
6- خاشعاتٍ!
7- متصدّقاتٍ!
8- صائماتٍ!
9- حافظاتٍ لفروجهنّ!
10- ذاكراتٍ للهِ كثيرً!
ويجمعُهَا قولُه تعالى:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهُ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهَ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:35]
المعنى:
"يقولُ تعالى ذكرُه:
إِنَّ الْمُتَذَلِّلِينَ للهِ بِالطَّاعَةِ وَالْمُتَذَلِّلَاتِ
وَالْمُصَدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقَاتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ،
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ للهِ،
وَالْمَطِيعِينَ للهِ وَالْمُطِيعَاتِ لَهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ،
وَالصَّادِقِينَ للهِ فِيمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ وَالصَّادِقَاتِ فِيهِ،
وَالصَّابِرِينَ للهِ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ عَلَى الثَّبَاتِ عَلَى دِينِهِ، وَحِينَ الْبَأْسِ، وَالصَّابِرَاتِ،
وَالْخَاشِعَةَ قُلُوبُهُمْ للهِ؛ وَجَلًا مِنْهُ وَمِنْ عِقَابِهِ، وَالْخَاشِعَاتِ،
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ، وَهُمُ الْمُؤَدُّونَ حُقُوقَ اللهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَالْمُؤَدِّيَاتِ،
وَالصَّائِمِينَ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي فَرَضَ للهِ صَوْمَهُ عَلَيْهِمْ، وَالصَّائِمَاتِ،
الْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، وَالْحَافِظَاتِ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ إِنَّ كُنَّ حَرَائِرَ، أَوْ مَنْ مَلَكَهُنَّ إِنْ كُنَّ إِمَاءَ،
وَالذَّاكِرِينَ للهِ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَجَوَارِحِهِمْ، وَالذَّاكِرَاتِ كَذَلِكَ أَعَدَّ اللهِ لَهُمْ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِمْ، وَأَجْرًا عَظِيمًا؛ يَعْنِي: ثَوَابًا فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ عَظِيمًا، وَذَلِكَ الْجَنَّةُ!...." ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
11- تائباتٍ!
12- عابداتٍ!
13- سائحاتٍ! (صائمات) [1]
قال تعالى:
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التّحريم:5]
المعنى:
"{مُسْلِمَاتٍ} خَاضِعَاتٍ للهِ بِالطَّاعَةِ
{مُؤْمِنَاتٍ} مُصَدِّقَاتٍ بِاللهِ وَرَسُولِهِ.
{قَانِتَاتٍ} مُطِيعَاتٍ للهِ.
{تَائِبَاتٍ} رَاجِعَاتٍ إِلَى مَا يُحِبُّهُ اللهُ مِنْهُنَّ مِنْ طَاعَتِهِ عَمَّا يَكْرَهُهُ مِنْهُنَّ
{عَابِدَاتٍ} مُتَذَلِّلَاتٍ للهِ بِطَاعَتِهِ.
{سَائِحَاتٍ} صَائِمَاتٍ" ا.هـ باختصار من"تفسير الطّبريّ".
"فيه بَيَانُ أَنَّ الخَيْرِيَّةَ الَّتِي يَخْتَارُهَا اللهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي النِّسَاءِ؛ هِيَ تِلكَ الصِّفَاتُ مِنَ الإيمَانِ وَالصَّلَاحِ"! ا.هـ "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن".
14- مريداتٍ للهِ!
15- ورسولِهِ!
16- والدّارِ الآخرةِ!
17- محسناتٍ!
قال تعالى:
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:28-29]
المعنى:
"{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ} وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ (رِضَا اللهِ وَرِضَا رَسُولِهِ وَطَاعَتَهُمَا) فَأَطِعْنَهُمَا
{فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ} وَهُنَّ العَامِلَاتُ مِنْهُنَّ بِأَمْرِ اللهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ" ا.هـ "تفسير الطّبري" بشيءٍ من الاختصارِ.
"{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ} أي: هذه الأشياء مرادكنَّ، وغاية مقصودكنَّ، وإذا حصل لَكُنَّ الله ورسوله والجنّة، لم تبالين بسعة الدّنيا وضيقها! ويسرها وعسرها! وقنعتنَّ من رسول اللهِ بما تيسّر، ولم تطلبنَ منه ما يشقّ عليه".. انتهى المراد. "تفسير السّعديّ".
قال ابن القيّم -رحمه الله-:
" والقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ يُرِيدُهُ وَيُرِيدُ ثَوَابَهُ، وَهَؤُلَاءِ خَوَاصُّ خَلْقِهِ! قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}؛ فَهَذَا خِطَابُهُ لِخَيْرِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ!" ا.هـ " "مدارج السالكين بين منازل (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين)".
18- صالحاتٍ!
19- حافظاتٍ للغيبِ!
قالَ تعالى:
{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} [النّساء:34]
المعنى:
"يعني بقوله -جلّ ثناؤه-:{فَالصَّالِحَاتُ}: المستقيماتُ الدّينِ، العاملاتُ بالخيرِ!" ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
وفي اللغة: "(صلح): الصَّلاحُ: ضدُّ الفَسَادِ" ا.ه "لسان العرب".
"وأمّا قوله: {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ}؛ فإنّه يعني: حافظاتٌ لأنفسهنَّ عند غيبةِ أزواجهنَّ عنهنَّ، في فروجهنَّ، وأموالهمْ، وللواجبِ عليهنَّ من حقِّ اللهِ في ذلك وغيرِهِ" ا.ه "تفسير الطّبريّ".
20 - مصدّقاتٍ بكلماتِ اللهِ!
قال تعالى:
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}[التحريم: 12]
المعنى:
"{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ}: وهذا وصفٌ لها بالعلمِ والمعرفةِ! فإن التّصديقَ بكلماتِ اللهِ، يشملُ: كلماتِهِ الدّينيّةِ والقَدَرِيَّةِ، والتّصديقُ بكتبِهِ، يقتضي معرفة ما به يحصلُ التّصديقُ، ولا يكون ذلك إلا بالعلمِ والعملِ، [ولهذا قال] {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}؛ أي: المطيعينَ للهِ، المداومينَ على طاعتِهِ بخشيةٍ وخشوعٍ، وهذا وصف لها بكمالِ العملِ، فإنّها -رضي الله عنها- صدّيقةٌ، و(الصّدّيقيّةُ) هي: كمالُ العلمِ والعملِ" ا.ه "تفسير السّعديّ".
21- قارّاتٍ في البيت!
22- غير متبرّجاتٍ!
23- مقيماتِ الصّلاةِ!
24- مؤتياتِ الزّكاةِ!
25- مطيعاتٍ للهِ ورسولِهِ!
ويجمعُها قوله تعالى:
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب:33]
المعنى:
"{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}؛ أي: الْزَمْنَ؛ فَلَا تَخْرُجْنَ لِغَيرِ حَاجَةٍ" ا.ه "تفسير ابن كثير".
"{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}؛ أي: اقْرَرْنَ فيها، لأنّهُ أسْلَم وأحفظ لَكُنَّ.
{وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى}؛ أي: لا تكثرْنَ الخروجّ متجمّلاتٍ أو متطيّباتٍ، كعادةِ أهلِ الجاهليّةِ الأولى، الّذين لا علمَ عندهُمْ ولا دين، فكلُّ هذا دفعٌ للشّرِّ وأسبابِهِ" ا.هـ "تفسير السّعديّ".
"{وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: نَهَاهُنَّ أَوَّلًا عَنِ الشَّرِّ، ثُمَّ أَمَرَهُنَّ بِالْخَيْرِ مِنْ: إِقَامَةِ الصَّلَاةِ؛ وَهِيَ عِبَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ" ا.ه "تفسير ابن كثير".
26- طالباتٍ الجنةَ ومجاورةَ الرّبّ -تبارك وتعالى-!
قال تعالى:
{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[التحريم:11]
المعنى:
"فوصفَهَا اللهُ بالإيمانِ والتَّضَرُّعِ لرَبِّهَا، وسُؤالِهَا لرَبِّهَا أجلَّ المطالبِ، وهو: (دخولُ الجنّةِ! ومجاورةُ الرَّبِّ الكريمِ!) و(سؤالِهَا أن ينجّيَها اللهُ من فتنةِ فرعونَ وأعمالِهِ الخبيثةِ، ومن فتنةِ كلِّ ظالمٍ!، فاستجابَ اللهُ لها، فعاشتْ في إيمانٍ كاملٍ، وثباتٍ تامٍّ، ونجاةٍ من الفتنِ!" ا.هـ "تفسير السعدي".
"لَقَدِ اخْتارَتِ امرَأَةُ فِرعَونَ -في طَلَبِهَا- حُسْنَ الجِوَارِ قَبْلَ الدَّارِ!" ا.هـ "أضواء البيان في تفسير القرآن".
27- مخلصاتِ الطّاعةِ للهِ!
28- مداوماتٍ على الطّاعة!
29- خاضعاتٍ لربِّهِنَّ!
قال تعالى:
{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران:43]
المعنى:
"يعني جلَّ ثناؤُهُ بقولِهِ -خبرًا عن قِيل ملائكتِهِ لمريمَ-: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ}: أخلصِي الطّاعةَ لربِّكِ وحدَهُ" ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
وفي تفسير (السّعديّ) -رحمه الله-:
"{اقْنُتِي لِرَبِّكِ} القنوت: دوامُ الطّاعةِ في خضوعٍ وخشوع!
{وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} خصَّ (السّجودَ والرّكوعَ)؛ لفضلهِمَا ودلالتِهِمَا على غايةِ الخضوعِ للهِ"! ا.ه "تفسير السّعديّ".
30- آمراتٍ بالمعروف!
31- ناهياتٍ عن المنكر!
قال تعالى:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التّوبة:71]
"{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} أيْ: ذكورُهُم وإناثُهُم!
{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} في المحبّةِ والموالاةِ، والانتماءِ والنّصرةِ.
{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} وهو: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما عُرِفَ حُسْنُهُ، من العقائدِ الحسنةِ، والأعمالِ الصّالحةِ، والأخلاقِ الفاضلةِ، وأوَّلُ من يدخلُ في أمرِهِمْ: (أنفسُهُمْ)! {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وهو: كلُّ ما خالفَ المعروفَ وناقضَهُ من العقائدِ الباطلةِ، والأعمالِ الخبيثةِ، والأخلاقِ الرّذيلةِ.
{وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} أي: لا يزالونَ ملازمينَ لطاعةِ اللهِ ورسولِهِ على الدّوام." ا.ه "تفسير السّعديّ".
32- مُتجلبباتٍ!
قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب:59]
المعنى:
"والظّاهرُ أنَّ قولَهُ: {وَنِسَاءِ الْـمُؤْمِنِينَ}؛ يشملُ: (الحرائرَ والإمَاءَ)، والفتنةُ بالإمَاءِ أكثَرُ؛ لكثرَةِ تَصَرُّفِهِنَّ، بِخِلافِ الحرائرِ، فيحتاجُ إخراجُهُنَ مِنْ عمومِ النّساءِ إلى دليلٍ واضحِ!
{ذلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}: لتستُّرِهِنَّ بالعفِّةِ، فلا يُتَعرَّضُ لهُنَّ، ولا يُلْقَينَ بما يَكْرَهْنَ؛ لأنَّ المرْأةَ إذا كانتْ في غايةِ التّسَتُّرِ والاِنضِمامِ، لم يُقْدَمْ عليهَا، بخلافِ المتبرِّجةِ؛ فإنَّهَا مَطْمُوعٌ فيها." ا.هـ "تفسير البحر المحيط" باختصار.

33- حييّاتٍ!
قال تعالى:
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} الآية [القصص:25]
المعنى:
"يقولُ تعالى ذكرُهُ: فجاءتْ موسَى إحدَى المرأتينِ اللَّتين سَقَى لهُمَا تمشِي على اسْتحياءٍ من موسَى، قدْ سَتَرْت وجْهَهَا بِثَوبِهَا. وبنحو الّذي قلنا -في ذلك- قالَ أهلُ التّأويلِ " ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
"فجاءتْهُ {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} وهذا يدلُّ على كرَمِ عنصرِهَا، وخُلُقِها الحَسَن! فإنَّ الحياءَ من الأخلاقِ الفاضلةِ، وخصوصًا في النّساءِ"! ا.ه "تفسير السّعديّ".
خاتمةُ الموضوعِ:
وبعدَ تلكَ الآياتِ الكريماتِ، وما تضمَّنَتْهُ من حللِ المعاني! وجواهرِ الفضائلِ! ألاَ يجدرُ بالمرأة، أن تصرفَ جهدَهَا وطاقَتَها؛ لتتزينَ بها؟! استعدادًا للقاءِ ربّها؟!
أبعدَ كلّ تلكَ النّفائسِ، تجدُ نفسها راغبةً في حطامِ الدّنيا، لاهثةً وراءَ التّفاهاتِ؟!
أم تراها تَقْبَلُ نفسُها -لأجلِ أن تكونَ جميلةً في نظرِ (النّاسِ)!- التّهافتَ وراء زينةٍ ظاهرُها (إبرازُ الجمالِ) وباطنُها (الوقوع في اللّعنِ والحرامِ)؟!
نعم؛ تتزيّن، لكن بما يرضي ربّهَا..
تتكلّم، بما يرضي ربّهَا..
تنفعُ غيرها، بما يرضي ربّهَا...
ألاَ فبتلكَ الحُللِ، فلْتتجمّلِ (المرأةُ العاقلةُ)!
وعليها فلْتحرصْ!
ولتكنْ عين مطلبِها!
وشغلها الشّاغل للفوزِ بها!
فإنّها الحللُ (النّافعةُ) في الدّنيا والآخرةِ!
أرجوهُ تعالى أن يجعلَنَا من الآخذاتِ بها!
وصلّى اللهُ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وسلّم.
~ ~ ~
كتبتْهُ: حسّانة بنت محمّد ناصر الدّين بن نوح الألبانيّ.
السّبت/6/ ذو القعدة/ 1433هـ










[1] - "وكانَ بعضُ أهلِ العربيّةِ يقولُ: نرَى أنَّ الصَّائمَ إنّما سُمِّيَ (سائحًا)، لأنّ السّائحَ لا زادَ معه، وإنّما يأكلُ حيثُ يجدُ الطّعامَ؛ فكأنّه أُخِذَ من ذلكَ" ا.ه "تفسير الطّبري".