أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ؟!
-رضيَ اللهُ عنهُمَا-
حياؤُها وخدمَتُهَا لبيتِها...
 
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا أثرٌ عن (أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ) رضيَ اللهُ عنهُمَا...
تصفُ فيهِ خدمتَها لبيتِها!...
ويتجلَّى فيه حياؤُهَا!...
وأمورٌ أخرى بليغةٌ.. تُعتَبَرُ مدرسةً لكلِّ امرأةٍ تأمّلَتْ وتدبَّرَتْ!
 
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ:
(تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ (مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ)! وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ!
فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ!
وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ!
وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ -الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِي! وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ!
فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: ((إِخْ إِخْ)) (1) لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ! وَذَكَرْتُ (الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ) وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ!
فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى!
فَجِئْتُ (الزُّبَيْرَ) فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ!
فَقَالَ: وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ!
قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ (أَبُو بَكْرٍ) بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي!). (2)
~ ~ ~
أسألُهُ تعالى أن يجمعَني بها في الفردوسِ الأعلَى!
~ ~ ~
(1) ":لَفْظَةُ إِخْ إِخْ -بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الخاءِ المُعجَمَةِ- كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْبَعِيرِ لِيَبْرُكَ" ا.هـ  باختصار من "شرح النّوويّ على مسلم"
(2) أخرجه البخاريّ ومسلم وغيرهما.
....
الجمعة/ 19/ ذو القعدة/1433هـ