بسم الله الرّحمن الرّحيم


أدنى أهل الجنّة منزلة

وأدنى أهل النّار عذابًا!

يبيّنها هذا الحديث الشّريف:

قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:

(إنّ أدنَى أهلِ الجنَّةِ منزلةً: رجلٌ صرفَ اللهُ وجهَه عن

النارِ قِبَل الجنةِ، ومثّل له شجرةً ذاتَ ظلٍّ؛ فقالَ:

أيْ ربِّ! قدِّمْني إلى هذه الشّجرةِ؛ فأكونَ في ظلِّها!

فقال اللهُ:

هل عسيتَ إن فعلتُ أن تسألني غيرها؟

قال:

لا وعزَّتِكَ!

فقدَّمه اللهُ إليها، ومثّل له شجرةً ذاتَ ظلٍّ وثَمرٍ؛

فقال:

أيْ ربِّ! قدّمني إلى هذِه الشجرةِ؛ أكونُ في ظلّها، وآكلُ من ثَمَرها!

فقال اللهُ له:

هل عسيْتَ إن أعطيتُكَ ذلكَ أن تسأَلني غيرَه؟

فيقولُ: لا وعزَّتِكَ!

فيقدِّمه اللهُ إليها؛ فتُمثّل له شجرةٌ أخرى ذات ظلٍّ وثمرٍ وماءٍ؛ فيقولُ:

أيْ ربّ! قدّمني إلى هذه الشّجرةِ؛ أكونُ في ظلّها، وآكلُ من ثمرها، وأشربُ من مائها! فيقولُ له:

هل عسيتَ إن فعلتُ أن تسأَلني غيرَه؟

فيقولُ:

لا و عزَّتك! لا أسأَلكَ غيرَه!

فيقدِّمه اللهُ إليها؛ فيبرز له بابُ الجنّةِ؛ فيقولُ:

أيْ ربِّ! قدّمني إلى بابِ الجنّة؛ فأكونَ تحتَ نجافِ الجنّة، وأَنظرَ إلى أهلها!

فيقدّمه اللهُ إليها؛ فيرَى أهلَ الجنّةِ وما فيها؛ فيقولُ:

أيْ ربِّ! أدْخِلني الجنّةَ!

قال:

فيدخلُه اللهُ الجنّةَ!

قال:

فإذا دخلَ الجنّةَ؛ قال: هذا لي؟!

قال: فيقولُ الله عزّ وجلّ له: تمنَّ !

فيتمنَّى، ويذكِّره اللهُ: سلْ من كذا وكذا؛ حتّى إذا انقطعتْ به

الأمانيُّ؛ قال اللهُ عزّ وجلّ:

هوَ لكَ، وعشَرةُ أمثالهِ!

قال:

ثمّ يدخلُ الجنّةَ، يدخلُ عليه زوجتَاه من الحورِ العين؛ فيقولانِ له:

الحمْدُ لله الذي أَحياكَ لنا، وأحيانَا لكَ!

فيقولُ: ما أُعطِيَ أحدٌ مثْلَ ما أُعطيتُ!

قال:

وأَدنى أهلِ النّار عذَابًا؛ يُنْعَلُ من نارٍ بنعلينِ؛ يغْلي دماغُه

من حرارةِ نعْلَيه))!

.........................................

أخرجه مسلم، وأبو عوانة، وأحمد ـ والسياق لأحمد ـ كلّهم عن النّعمان بن أبي العيّاش؛ عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:..فذكره. انظر: "سلسلة الأحاديث الصّحيحة"؛ رقم الحديث: (3503).


الإثنين/23/ ذو الحجّة/ 1431هـ

الاستغفارُ عُقيب الطّاعاتِ!


من كلامِ ابنِ القيّمِ


ـ رحمَهُ اللهُ تعالى ـ


بسم الله الرّحمن الرّحيم



قال ابن القيّم ـ رحمه الله تعالى ـ: (1)

"وأرباب العزائم والبصائر أشدّ ما يكونون استغفارًا عُقَيْب الطّاعات! لشهودهم:

تقصيرهم فيها!

وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه!

وأنّه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبوديّة، ولا رضيها لسيده!

وقد أمر الله تعالى وفده، وحجّاج بيته بأن يستغفروه عُقَيب إفاضتهم من عرفات؛ وهو أجلّ المواقف وأفضلها؛ فقال:

{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}

{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

[البقرة: 198ـ199]


وقال تعالى:

{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}

[آل عمران: 17]


قال الحسن:

"مَدُّوا الصّلاة إلى السّحر، ثمّ جلسوا يستغفرون الله عزّ وجلّ". (2)

وفي الصّحيح:

أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سلّم من الصّلاةِ استغفرَ ثلاثًا، ثمّ قال:

((اللهمََّ أنت السّلامُ ومنكَ السلامُ؛ تباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ)). (3)

وأمره الله تعالى بـ (الاستغفار) بعد أداء الرسالة، والقيام بما عليه من أعبائها، وقضاء فرض الحجّ، واقتراب أجله؛ فقال في آخر سورة أنزلت عليه:

{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}

{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا}

{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}.".

[النّصر: 1ـ3]

ا.هـ

.....................................

(1) في كتابه: مدارج السّالكين/ منزلة: المحاسبة.

(2) وفي تفسير الطّبري: حدّثنا ابن حُميد؛ قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن؛ قال: "مدّوا في الصّلاة ونشطوا؛ حتّى كان الاستغفار بسحر".

(3) عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا وَقَالَ: ((اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)).

انظر: صحيح مسلم/ كتاب المساجد ومواضع الصّلاة/ باب استحباب الذّكر بعد الصّلاة وبيان صفته، رقم الحديث: 591.


الإثنين/ 15/ ذو الحجّة / 1431هـ.

هل يجوز الجمع بين الأُضحية والعقيقة؟

هل يجوز الجمع بين الأُضحية والعقيقة؟

للإمام الألبانيّ ـ رحمه الله تعالى ـ



سؤال:

إنسانٌ لم يتمكن من أن يَعُقَّ عن أبنائه ـ إذا كان ذكرًا أو أنثى ـ وجاءَ عيدُ الأضحى، وَضَحَّى بالأُضحيةِ، وضمَّ نيّةَ (العقيقةِ) مع (الأُضحيةِ)؛ هلْ يجوزُ ذلكَ؟ جزاكَ اللهُ خيرًا.

جواب الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ:

"إذا أردتُّ أن أُجيبَكَ باختصارٍ؛ فالجوابُ: لا يجوزُ!

وتفصيلُهُ: يختلفُ باختلافِ رأيِ العلماءِ:

مَنْ كانَ يرى أنَّ العقيقةَ (سُنّةٌ)، والأُضحيةُ (سنّةٌ)؛ فعلى التّفصيلِ الّذي ذكرْنَاهُ في صيامِ ستٍّ مِنْ شوّال

أي: ضحَّى ونوى (العقيقةَ)؛ يُكتبُ له أجر: (أُضحية) زائد: نيّة (العقيقة)؛ هذا بالنّسبة لمن يرى أنّ كلاًّ من الأُضحية والعقيقة (سُنّة).

أمّا مَنْ يرى ـ مثلي أنا ـ أنَّ كلاًّ من الأُضحية والعقيقة (واجبة)؛ فلا يُغني واجبٌ عن واجب؛ فلابدّ من أن يعقَّ، ولابدَّ من أنْ يُضحّي، وبهذا القدر كفاية.". ا.هـ *

.....................................................

* لم أتمكّن من إرفاق الملفّ الصّوتيّ.


الأربعاء/ 11/ ذو الحجّة / 1431هـ.

فضلُ صيامِ يومِ عَرَفة

فضلُ صيامِ يومِ عَرَفة


بسم الله، والحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله؛ أمّا بعد:

فهذه بعض رواياتٍ؛ وردتْ في فضل صيام (يوم عرفة)؛ ممّا فيه سلوى لمن لم يُكتب له الحجّ!

فالحمد لله على كلّ حال...


عن أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه؛ أَنَّ رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ؛ قَالَ:

((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)).

صحيح مسلم/ كتاب الصّيام/ باب استحباب صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، رقم الحديث: (1162).


وفي رواية أخرى ـ عنه رضي الله عنه ـ؛ أنّه عليه الصّلاةُ والسّلامُ:

سُئِلَ عَنْ صَومِ يَومِ عَرَفَة؟ فقال:

((يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيةَ)).

صحيح مسلم/ كتاب الصّيام/ باب استحباب صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر وصوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس. رقم الحديث: (1162).

عن سهل بن سعد رضي الله عنه؛ قال:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ:

((مَنْ صَامَ يَومَ عَرَفَةٍ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُ سَنَتَينِ مُتَتَابِعَتَينِ)).

رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصّحيح. انظر: "صحيح التّرغيب والتّرهيب"؛ رقم الحديث: (1012)


وعن سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ رضِيَ اللهُ عنهُ؛ قالَ:

سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللهِ بن عُمَرَ عَنْ صَوْمِ (يَوْمِ عَرَفَةَ)؟ فَقَالَ:

(كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَتَيْنِ).

رواه الطّبرانيّ في" الأوسط" بإسناد حسن. وقال عنه الوالد ـ رحمه الله ـ: حسن لغيره". انظر: "صحيح التّرغيب والتّرهيب"، رقم الحديث: (1014).

8/ ذو الحجّة/ 1431هـ

ممّا وردَ في التّرغيبِ في (الحجِّ)

ممّا وردَ في التّرغيبِ في (الحجِّ)



بسم الله الرّحمن الرّحيم


الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله؛ أمّا بعد:


فالحمد لله الّذي سنّ لعباده فرائض؛ ينطرحون فيها ذلاًّ وعبوديّةً لخالقهِمْ!


ويطرحُونَ ـ فيها ـ عن أنفسهم أثقالَ أوزارهِمْ!


ومن تلكمُ الفرائض: فريضة (الحجّ)...


هذه الفريضة الّتي فيها من (المناسك) ما تقشعرّ منه الجلود!


ومن (الأجورِ) ما يعجز العبد عن شكر ربّه الشّكور!


فمع تلك المناسك؛ وما يتبعها من أجور؛ سنمضي في قراءة الحديث التّالي؛ سائلة الله عزّ وجلّ


أن يمنّ على حجّاج بيته بالقبول.



عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما؛ قالَ:


كنتُ جالسًا مع النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم؛ في مسجدِ مِنى؛ فأتاهُ رجلٌ من الأنصارِ، ورجلٌ من ثقيف؛ فسلّمَا، ثمّ قالا:


يا رسولَ اللهِ! جئْنَا نسألُكَ!


فقالَ:


((إن شئْتُمَا أخبرْتُكُمَا بما جئْتُمَا تسألاَنِي عنه فعلْتُ، وإن شئْتُمَا أن أمسِكَ وتسألاني؛ فعلتُ))


فقالا: أخبِرْنا يا رسولَ اللهِ!


فقالَ الثّقفيُّ للأنصاريِّ: سلْ!


فقالَ: أخبرْنِي يا رسولَ اللهِ!


فقالَ:


((جئتَنِي تسألُنِي عن مخرَجِكَ من بيتِكَ تؤمُّ البيتَ الحرامَ، وما لكَ فيهِْ؟


وعن ركعتيكَ بعد الطّوافِ، وما لكَ فيهِمَا؟


وعن طوافكِ بين الصّفا والمروةِ، وما لكَ فيْهِ؟


وعن وقوفكَ عشيّةَ عرفة، وما لكَ فيْهِ؟


وعن رميكَ الجمارَ، وما لكَ فيْهِ؟


وعن نحرِكَ، وما لك فيه، معَ الإفاضَةِ؟))


فقال: والّذي بعثَكَ بالحقِّ! لَعَنْ هذا جئتُ أسألُكَ!


قال:


((فإنّكَ إذا خرجْتَ من بيتِكَ تؤُمُّ البيتَ الحرامَ؛ لا تضعْ ناقتُكَ خُفًّا ولا ترفعه؛ إلاَّ كتبَ [الله] لكَ به حسنة! ومحا عنكَ خطيئة!


وأمّا ركعتاكَ بعد الطَّوافِ؛ كعتْقِ رقبة من بني إسماعيلَ عليهِ السّلام!


وأمّا طوافًكَ بالصّفا والمروة؛ كعتق سبعين رقبة!


وأمّا وقوفُكَ عشيّةَ عرفة؛ فإنَّ اللهَ يهبِطُ إلى سماءِ الدُّنيا؛ فيباهِي بكُمُ الملائكةَ!


يقول: عبادِي جاؤُوني شُعْثًا من كلِّ فجٍّ عميقٍ؛ يرجونَ جنّتِي!


فلو كانتْ ذنوبُكُمْ كعدَدِ الرَّمْلِ، أو كقَطْرِ المطَرِ، أو كزَبَدِ البَحْرِ؛ لغفَرْتُها!


أفيضُوا عبادِي مغفورًا لكُمْ، ولمنْ شفعتُمْ لَهُ!


وأمّا رميُكَ الجمارَ؛ فلكَ بكُلِّ حصَاةٍ رميْتَهَا تكفيرُ كبيرةٍ من الموبقاتِ!


وأمّا نحرُكَ؛ فمذْخُورٌ لكَ عندَ ربِّكَ!


وأمّا حِلاقُكَ رأسَكَ؛ فلَكَ بكُلِّ شعرْةٍ حلَقْتَهَا حسنةٌ، وتُمْحَى عنْكَ بها خطيئةٌ!


وأمّا طوافُكَ بالبيْتِ بعْدَ ذلكَ؛ فإنَّكَ تطوفُ ولا ذَنْبَ لكَ!


يأتِي ملَكٌ حتّى يضَعَ يدَيْهِ بيْنَ كتِفَيْكَ؛ فيقول:


اعمَلْ فيمَا تَستقْبِلُ؛ فقَدْ غُفِرَ لَكَ ما مَضَى))! *


................................................................


نسأل الله من فضله...


*حديث حسن لغيره. انظر: "صحيح التّرغيب والتّرهيب"؛ رقم الحديث: 1112.



الأحد/1/ ذو الحجّة/1431هـ