عَدَمُ التَّودُّدِ إلى النَّاسِ عَلى (حِسَابِ الدِّينِ).. من قولِ شَاعرٍ: وَلَسْتُ وَإِنْ قُرِّبْتُ يَومًا بِبَائِعٍ ... خِلَاقِي وَلَا دِينِي ابْتِغَاءَ التَّحَبُّبِ



بسم اللهِ الرَّحمن الرَّحيم

• قالَ الشَّاعِرُ؛ منَوِّهًا إلى عَدَمِ التَّودُّدِ إلى النَّاسِ عَلى (حِسَابِ الدِّينِ):
- وَلَسْتُ وَإِنْ قُرِّبْتُ يَومًا بِبَائِعٍ ... خِلَاقِي وَلَا دِينِي ابْتِغَاءَ التَّحَبُّبِ!
- وَقَدْ عَدَّهُ قَومٌ كَثِيرٌ تِجَارَةً ... وَيَمْنَعُنِي مِنْ ذَاكَ دِينِي وَمَنْصِبِي!
"بهجة المجالِسِ وأُنْسُ المُجالس"، (1/47)، ط2 (1402هـ‍)، تحقيق: محمّد الخولي، دار الكتب العلميّة، بيروت..
- - -
الأربعاء 17 ربيع الثّاني 1437هـ‍


معَ الثّلجِ وَ البَرَدِ في الدُّعَاء

معَ (الثّلجِ) وَ (البَرَدِ)
في (الدُّعاءِ)!
- سبقَ نشْرُه-

((المُرَغِّمَتَينِ))!...ممَّا جاءَ فِي فَضْلِ سُجُودِ السَّهْوِ





بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

((المُرَغِّمَتَينِ))!
مِمَّا جَاءَ فِي فَضْلِ سُجُودِ السَّهْوِ


الحمدُ للهِ، والصَّلَاةُ والسَّلَامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:
جاءَ في "صحيحِ ابنِ حِبَّانَ"، في بَابِ قضَاءِ الفوائتِ، وصحَّحَهُ والدي -رحمَهُ اللهُ- في "التّعليقات الحِسان"ـ تحت رقم (2654):
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ؛ فليُلْقِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ
فَإِنِ اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ؛ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ
فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً؛ كَانَتِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً، وَالسَّجْدَتَانِ نَافِلَةً
وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً؛ كَانَتِ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِصَلَاتِهِ
وَالسَّجْدَتَانِ؛ تُرْغِمَانِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ))!

وفي روايةٍ عندَ "أبي داود"، في بَابِ إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ، رقم (1024)، وصحَّحَهَا والدي -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
((والسَّجْدَتَانِ ؛ مُرَغِّمَتَيِ الشَّيطَانِ))!

وفي المصْدَرِ السَّابِقِ -نفسِهِ-  برقم (1025)، وصحَّحَهُ والدي -رحمَهُ اللهُ-:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى سَجْدتَيِ السَّهْوِ: ((المُرَغِّمَتَينِ))!

في معْنَى: ((المُرَغِّمَتَينِ)):
- "مُعجَم مقاييس اللُّغة"، لابن فارس، (2/ 413-414):
"(رَغَمَ) الرَّاءُ وَالْغَيْنُ وَالْمِيمُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا التُّرَابُ، وَالْآخَرُ الْمَذْهَبُ.
فَالْأَوَّلُ الرَّغَامُ، وَهُوَ التُّرَابُ. وَمِنْهُ: "أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ"؛ أَيْ: أَلْصَقَهُ بِالرَّغَامِ!..
هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، ثُمَّ حُمِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْخَلِيلُ: (الرَّغْمُ): أَنْ يَفْعَلَ مَا يَكْرَهُ الْإِنْسَانُ" اهـ‍ مختصَرًا.
- "النّهايةُ في غريبِ الحديثِ والأثَر"، لابنِ الأثير،  (2/ 238-239):
".(أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ)؛ أَيْ: ألصَقَهُ بِالرَّغَامِ؛ وَهُوَ (التُّرَابُ)، هَذَا هُوَ الأصلُ،
ثُمَّ استُعْمل فِي: الذُّلِّ، وَالْعَجْزِ عَنِ الانْتصَافِ، والانْقِيادِ عَلَى كُرْهٍ!
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَجَدتي السَّهْوِ: ((كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ))!" اهـ‍ مختصَرًا.

قالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ - في "مدارج السَّالكين بين منازل إيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نستعين"، (1/ 525):
"..قَالُوا: وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ: تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ فِي وَسْوَسَتِهِ لِلْعَبْدِ! وَكَوْنِهِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُضُورِ فِي الصَّلَاةِ! وَلِهَذَا سَمَّاهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْمُرْغِمَتَيْنِ))..." اهـ‍  ط 3 (1416هـ‍)، دار الكتاب العربيّ، بيروت.

وأخيرًا، نتذاكرُ ما جاءَ في "صحيح مسلم"، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ، فَسَجَدَ؛ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ:
يَا وَيْلَتِي! أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ، فَسَجَدَ؛ فَلَهُ الْجَنَّةُ!
وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ، فَأَبَيْتُ؛ فَلِيَ النَّارُ ))!

= فلْنَسْتَحْضِرْ في (سُجودِ السَّهوِ) عُبوديَّةَ (إرْغامِ الشَّيطانِ) وإذْلَالِهِ...
جعلَنا اللهُ من السَّاجدينَ العابدينَ لَهُ وحدَهُ سُبحانَه، والمرْغِمينَ الشَّيطانَ وأعْوَانَه.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وسَلَّم.
- - -
أعدَّتْهُ: حسَّانة
الأحد 14 ربيع الثَّاني 1437 هـ‍