قدْ تخرُجُ الْهمزَة عَنِ الِاسْتِفْهَام الْحَقِيقِيّ؛ فَتردُ لثمانيةِ معَانٍ

بسمِ الله الرّحمن الرّحيم

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، أمَّا بعدُ:

• من "مغني اللّبيب عن كتب الأعاريب*، لِابن هشامٍ رحمَهُ اللهُ:

"قدْ تخرُجُ الهمزَة عَنِ الِاسْتِفْهَام الحَقِيقِيّ؛ فَتردُ لثمانيةِ معَانٍ:

- أَحدُهَا: التَّسْوِيَة:

نَحْو: {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}[المنافقون : 6]

وَنَحْو: "مَا أُبَالِي أَقمْتَ أمْ قعَدْتَ".

أَلا ترى أَنه يَصحُّ: سَوَاءُ عَلَيْهِمُ الاسْتِغْفَارُ وَعَدَمُهُ؟

وَ: مَا أُبَالِي بقيامِكِ وَعَدَمِه؟

 

- وَالثَّانِي: الإِنْكَار الإِبْطالي:

وَهَذِه تَقْتَضِي أَنَّ مَا بعْدهَا غيرُ وَاقعٍ، وأنَّ مدَّعيْهِ كَاذِبٌ.

نَحْو: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثاً}[الإسراء : 40]

{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً}[الحجرات : 12]

{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ}[ق : 15]

 

- وَالثَّالِثُ: الإِنْكَار التَّوبيخي:

فَيَقْتَضِي أَنَّ مَا بعْدهَا وَاقعٌ، وَأَنَّ فَاعلَهُ ملُومٌ.

نَحْو: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}[الصّافّات : 95]

{أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ}[الصّافّات : 86]

 

- وَالرَّابِعُ: التَّقْرِير:

وَمَعْنَاهُ: حملُكَ المُخَاطبِ على الإِقْرَار وَالِاعْتِرَاف بِأَمْرٍ قدِ اسْتَقرَّ عِنْدهُ ثُبُوتُهُ أَو نَفْيُهُ، وَيجبُ أَنْ يَليهَا الشَّيْءُ الَّذِي تُقَرِّرَهُ بِهِ.

تَقولُ فِي التَّقْرِير بِالفِعْلِ: "أضربْتَ زيدًا؟".

وبالفاعلِ: "أَأَنْتَ ضربْتَ زيدًا".

وبالمفعولِِ: "أزيدًا ضربْتَ؟".

 

- وَالخَامِسُ: التَّهكُّم:

نَحْو: {أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}[هود : 87]

 

- وَالسَّادِسُ: الْأَمرُ:

نَحْو: {أَأَسْلَمْتُمْ}[آل عمران : 20]؛ 

أَيْ: أَسْلِمُوا.

 

- وَالسَّابِعُ: التَّعَجُّبُ:

نَحْو: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}[الفرقان : 45].


- وَالثَّامِنُ: الِاسْتبطاءُ:

نَحْو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[الحديد : 16]" انتهى باختصار.

واللهُ تعالى أعلم.

* ص: 17-18، ج1، ط1407هـ‍، تحقيق : محمّد محيي الدّين عبد الحميد، المكتبة العصريّة، بيروت

السّبت 24 ذو الحِجَّة 1443هـ