بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:
• قالَ الإمامُ ابنُ الجزريِّ -رحمَهُ اللهُ- في منظومتِهِ: "الدُّرّة المُضيَّة":
15- فحَرِّكْ وَأَيْنَ اضْمُمْ (مَلَائِكَةِ اسْجُدُوا)... أَزَلَّ فَشَا لَا خَوفَ بِالْفَتْحِ حُوِّلَا.
• قالَ الشّارِحُ عبدُ الفتّاح القاضي، في "الإيضاح لمتن الدّرة"(1)، مبيِّنًا الشّطْرَ الأوَّلَ منَ البيتِ:
"وقولُهُ: "وَأَيْنَ اضْمُمْ (مَلَائِكَةِ اسْجُدُوا)"؛ يعني أنَّ:
(أبَا جعفَرَ) -المرموزَ لهُ بهمزةِ (أَيْنَ)- قَرَاَ بضمِّ تاءِ التّأنيثِ في لفظِ: {لِلْمَلاَئِكَةِ} الواقعِ قبلَ {اسْجُدُواْ}، حيثُ نزلَ،
وهوَ في خمسةِ مواضعَ؛ في:
- البقرة: 34
- والأعراف: 11
- والإسراء: 61
- والكهف: 50
- وطه: 116.
ووجْهُ هذِهِ القراءةِ:
إِتْباعُ حركةِ التّاءِ في {لِلْمَلاَئِكَةِ} حركةَ الجيمِ في {اسْجُدُواْ}.
وقدْ تواترتْ هذِهِ القراءةُ؛ فلا مجالَ للطّعنِ فيها بمخالفتِها قواعدَ اللّغةِ العربيّةِ؛
إذِ القرآنُ حُجَّةٌ على اللّغةِ، وليستِ اللّغةُ حُجَّةٌ على القرآنِ!" انتهى.
• قالَ الإمامُ ابنُ الجزريِّ في: "النّشْر في القراءات العشر"(2) منوِّهًا إلى عدمِ الِالتفاتِ إلى القولِ بتضعيفِ هذِهِ القراءةِ أو إنكارِها:
"...لِأَنَّ (أَبَا جَعْفَرٍ) إِمَامٌ كَبِيرٌ؛ أَخَذَ قِرَاءَتَهُ عَنْ مِثْلِ (ابْنِ عَبَّاسٍ)، وَغَيْرِهِ -كَمَا تَقَدَّمَ-،
وَهُوَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ؛ بَلْ قَدْ قَرَأَ بِهَا غَيْرُهُ مِنَ (السَّلَفِ)،
وَرَوَيْنَاهَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ الْكِسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَالِدٍ،
وَقَرَأَ بِهَا -أَيْضًا- الْأَعْمَشُ،
وَقَرَأْنَا لَهُ بِهَا مِنْ كِتَابِ "الْمُبْهِجِ"، وَغَيْرِهِ،
وَإِذَا ثَبَتَ مِثْلُهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ؛ فَكَيْفَ يُنْكَرُ؟!" انتهى.
(1) "الإيضاح لمتن الدّرة"، ص: 196-198، ط2، 1434هـ، المكتبة الأسديّة، مكّة المكرّمة.
(2) ج2، ص: 210-211، أشرفَ على تصحيحهِ ومراجعتِهِ للمرة الأخيرة: علي الضّبّاع، لا يوجد رقم للطّبعة، دار الكتب العلميّة، بيروت.