بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:
• قالَ والدي -رحمَهُ اللهُ- في رسالتِهِ "صلاةُ التّراويح"*:
"ويعجبُني -بهذِهِ المناسبةِ- ما أخرجَهُ ابْنُ أبي شَيْبَةَ، في "المصنَّفِ" (2/110/2)، عنْ مجاهِدٍ، قالَ:
«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
إِنِّي وَصَاحِبٌ لِي كُنَّا فِي سَفَرٍ،
فَكُنْتُ أُتِمُّ، وَكَانَ صَاحِبِي يَقْصُرُ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ:
«بَلْ أَنْتَ الَّذِي كُنْتَ تَقْصُرُ، وَصَاحِبُكَ الَّذِي كَانَ يُتِمُّ»!
وهذا مِنْ فقْهِ ابْنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُ؛
حيثُ جعلَ التَّمامَ والكمالَ في اتِّباعِ سنَّتِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ،
وجعلَ النَّقصَ والخَلَلَ فيما خَالفَها؛ وإنْ كانَ أكثرَ عددًا
كيفَ لا! وهوَ الذي دعَا لهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ بقوله:
((اللَّهُمَّ! فقِّهْهُ في الدِّينِ، وعَلِّمْهُ التَّأويلَ))؟!
والحقيقةُ أنَّ مَنْ كانَ فقيهًا حقًّا؛ لا يسعُهُ أنْ يتعدَّى قولَ ابْنِ عبَّاسٍ هذَا؛
بلْ يجعلُهُ أصلًا في كلِّ ما جاءَتْ بِهِ الشَّريعةُ الكاملةُ؛
لأنَّ عكسَهُ يؤدِّي إلى نِسْبةِ النَّقصِ أوِ النِّسيانِ إلى الشَّارعِ الحكيمِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم : 64].. " اهـ
- - -
* ص: 88-89، ط 2، 1431هـ، مكتبة المعارف، الرّياض .