متى وقتُ قيامِ اللّيلِ؟ من كتاب (قيام رمضان) للعالم الألبانيّ رحمه الله



(3)
مَتَى وَقْتُ قِيَامِ اللَّيلِ؟

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ...
الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ؛ أمَّا بعدُ:
فهذهِ الفقرةُ (الثّالثةُ) أَنتقيها من كتابِ الوالدِ (قيام رمضان)، وجعلتُها بطريقة أسئلة وضعتُها بين [  ]، وإجاباتها بنصِّ كلامِهِ -رحمهُ اللهُ-.
واللهُ الموفّقُ.

"- [متى وقتُ صلاةِ اللّيل؟]
وقتُ صلاة الليلِ: من بعدِ صلاة (العشاء) إلى (الفجرِ).

- [ما الدّليل؟]
قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((إِنَّ اللهَ زَادَكُمْ صَلَاةً، وَهِيَ الْوِتْرُ، فَصَلُّوهَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ))[1]
تُسمّى صلاةُ اللّيل كلُّها: (وترًا)؛ لأنّ عدَدها وترٌ، أي: عددٌ فرديّ.

- [أيّهما أفضلُ: الصلاة أوّل اللّيل أم آخره؟]
الصّلاةُ في (آخر الليلِ) أفضل، لمن تيسّرَ له ذلك.

- [ما الدّليل]؟
قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
 ((مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ؛ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ؛ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ))![2]

- [أيّهما أفضلُ: الصّلاةُ أوّل اللّيلِ جماعةً، أم آخره منفردًا؟]
إذا دارَ الأمرُ بين (الصّلاة أوّل الليل مع الجماعة), وبين (الصّلاة آخر الليل منفردًا)؛ فالصّلاةُ مع (الجماعةِ) أفضل.
أ- لأنَّهُ يحسبُ له (قيام ليلة تامة)! كما تقدم[3] مرفوعًا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
((إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ))![4]
ب- وعلى ذلكَ جرىٰ عملُ (الصحابةِ) في عهد (عمرَ) رضيَ اللهُ عنه, فقال عبدُ الرّحمن بن عبْدٍ القارِيّ:
خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ:
(واللهِ!إِنِّي لَأَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ)!
ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى: أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ:
(نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ) يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.[5]
وقالَ زيدُ بنُ وهبٍ: "كان عبدُ اللهِ يُصلِّي بنَا شهرَ رمضَانَ, فينصَرِفُ بِلَيْلٍ"[6].
انتهى، بتصرّف يسيرٍ. من صفحة (26-27).
- - -
سبقَ ونشرت هذا الموضوع؛ يوم: الثّلاثاء: 14/ رمضان/ 1434هـ
وللتّذكير؛ أعيد نشرهُ الإثنين: 2 رمضان/ 1435هـ‍


[1] -  "حديث صحيح, أخرجه أحمد وغيره عن أبي بصرة, وهو مخرج في "الصحيحة" (108)، و"الإرواء" (2/ 158)" اهـ‍
[2] - "أخرجه مسلم وغيره, وهو مخرج في "الصحيحة" (2910)" اهـ‍
[3] -  ذكره الوالد -رحمه الله- في صفحة سابقة وهي (20)، لكن أعدته هنا للتّذكير به..
[4] - "حديث صحيح، أخرجه أصحاب السنن وغيرهم, وهو مخرج في "صلاة التراويح" ص16-17 و"صحيح أبي داود" (1245)، و "الإرواء" (447)" اهـ‍
[5] - "أخرجه البخاريّ وغيره، وهو مخرج في "التراويح" ص48" اهـ‍
[6] - أخرجه عبد الرزاق (7741)، وإسناده صحيح. وقد أشار الإمام أحمدُ إلى هذا الأثر والذي قبله حين سُئل: يؤخِّرُ القيام - أي التراويح - إلى آخر الليل؟ فقال:
"لا! سنَّةُ المسلمين أحبُّ إليَّ". اهـ‍