لِنَحْيَا مَعَ أدبِ (الثّنَاءِ عَلَى اللهِ)!...





بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ الرَّحِيم...
لِنَحْيَا معَ أدبِ (الثّنَاءِ عَلَى اللهِ)!...

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلام على رسولِ اللهِ، وبعدُ:
من الآدابِ التي يرتقيها المرءُ خلالَ لقائِهِ مع بعضِ النّاسِ الذين لهمْ (أيادٍ بيضاءَ) عليهِ (قولًا أو فعلًا)، وربَّما نسَوا معروفَهُم ذاكَ - خاصّةً بعدَ فترةِ انقطاعٍ-: الاعترافُ بذاكَ المعروفِ منهُم، نحو:
-"ما كنتُ أفهمُ معنى (توحيد الرّبوبية والألوهيّة والأسماء والصفات) إلى أن أعطيتني الشّريط، فأحسستُ أني كنتُ ميْتًا، ووُلدتُ من جديد"!..
 "لـمَّا قرأتُ موضوعكَ عن (فضل التسبيح) ؛ أفقتُ من غفلتي عن ذكرِ الله"!..
- "أنا الذي ساعدتني في العام الماضي بإصلاح سيّارتي، لما وقفتَ لي في طريق السّفرِ"!..
- "لا أنسى كأسَ الماءَ الباردِ الذي سقيتني إيّاهُ في ذاكَ اليومِ الحارّ، وكأنَّكَ شعرتَ بعطشي"!..
- "اشتريتُ منزلًا بجانبِ المسجدِ الذي دللتني عليه"!..
- "أنا التي نبَّهْتِني إلى أن أطيلَ جلبابي، فكيفَ ترينهُ الآن"!..
- " كمِ استفدتُّ من (كتاب التّوحيدِ) الذي أهديتِني إياهُ، أصطحبُهُ أينما ذهبتُ" !..
- "تحسن مخرج (الرّاء) في تلاوتي، بحمد الله، فقد تدربت وفق الطرّيقة التي ذكرتها لي"!..
- " أرشدّتني إلى علاماتِ التّرقيمِ، فصرتُ أحرصُ على ألَّا أرصَّ الكلماتِ وراءَ بعضٍ"!..
- "أصبحتُ أجيدُ طهوَ (الخبز) الذي علَّمتِني إيّاهُ، وأقولُ إنهُ وصفةُ فلانة"!..
مواقفُ يسيرةٌ!
لكنَّها؛ أيُّ نبلٍ تحملُ !
وأيُّ تواضعٍ!
إنّهُ شكرٌ مفعمٌ بإعطاءِ صاحبِ الحقِّ حقَّهُ!
وعدمِ كتمانِ معروفِهِ، ولَا احتقارِهِ، في أدقِّ تفاصيلِهِ!
فكم لهُ من أثرٍ في النّفوسِ!
وكم فيه من بُعدٍ عِنْ (الكِبْر)!

وذاكَ بين عبدٍ وعبدٍ مثلِهِ!.. فكيف بالعبدِ مع ربِّهِ؟!
كمْ أسدَى إلينا من نِعَم!
وكمْ صَرفَ عنَّا من نِقمٍ!
كمْ سترَ لنا من ذنبٍ!
وكمْ أزالَ عنَّا من نصَبٍ!
إنَّهُ أهلُ الثّناءِ والمجدِ والحمدِ!

قدوةٌ تُحتذى: نبيُّنا إبراهيمُ عليهِ السّلامُ!
لمَّا قدَّمَ بين يدي دعائِهِ لربه -عزَّ وجلَّ-  ثناءً عليه  -جلَّ جلالهُ-:
{قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [سورة الشّعراء].

• جاء في "فتح القدير" للشوكانيّ، (4/ 122-123):
"كُلُّهَا نِعَمٌ يَجِبُ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِبَعْضِهَا، فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا أَنْ يَشْكُرَ الْمُنْعِمَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الشُّكْرِ الَّتِي أَعْلَاهَا وَأَوْلَاهَا: (الْعِبَادَةُ)!" اهـ‍
إلى أن قالَ:
"ثُمَّ لَمَّا فَرغَ الخليلُ من الثَّناءِ عَلَى رَبِّهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِنِعَمِهِ؛ عَقَّبَهُ بِالدُّعَاءِ؛ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ!" اهـ‍

• وفي "تفسير اللّباب"، لابن عادلٍ ، (ص: 3926):
 لـمَّا حَكَى عَن إبراهيمَ -عليهِ السَّلام- ثناءَهُ على اللهِ؛ ذَكَرَ بعدَ ذَلكَ دعاءَهُ ومسألتَهَ!
 وذلكَ تَنْبِيهٌ على أنَّ تقديمَ الثَّناءِ على الدُّعاءِ من (الـمُهِمَّاتِ)!" اهـ‍

= أسألُهُ تعالى أنْ يهبَنا من لدُنْهُ  نشرَ  فضلِهِ تعالى؛ ونشكرَهُ ولا نكفرَهُ!
ونُثني عليهِ في كلِّ آنٍ وحينٍ، ونُمجِّدُهُ!
ومن ثُمَّ بما لبعضِ النّاسِ علينا من معروفٍ، نقِرُّ لهمْ بِهِ ولا نجحَدُهُ!
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين!
- - -
كتبتهُ: حسّانة.
الأحد 24 شعبان 1435هـ‍