الإمَامُ
ابْنُ الجَزَريِّ -رحمهُ اللهُ-
يَحُثُّ
عَلَى تعلُّمِ تِلاوةِ القُرآنِ الكَريمِ
والتَّدَرُّبِ
العَمَليِّ!
بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ
الرَّحِيم...
الحمدُ للهِ، والصَّلَاةُ
والسَّلامُ علىٰ رسولِ اللهِ، وبعدُ:
• هذهِ أبياتٌ للإمامِ
(ابنِ الجزريِّ) -رحمهُ اللهُ- من (المقدّمة الجزريّةِ)؛ ذاتِ الدُّرِّ المرصوفِ!
يتحدّثُ فيها عن تجويدِ
القرآنِ الكريم:
- وَالأَخْذُ
بِالتَّجْوِيدِ حَتْمٌ لاَزِمُ ... مَنْ لَمْ يُجَوْدِ الْقُـــــــــــــــــــــــــــــــــرَآنَ
آثِـــــمُ!
- لأَنَّــــــــــــــــــــــــــــهُ
بِهِ الإِلَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ أَنْزَلاَ ... وَهَكَــــــــــــــــــــــــــــــــذَا
مِنْهُ إِلَيْنَا وَصَـــــــــــــــــــلاَ!
- وَهُــــــــــــــــــــــــــوَ
أَيْضًا حِلْيَةُ التِّلاَوَةِ ... وَزِينَــــــــــــــــــــــــــــــةُ
الأَدَاءِ وَالْقِــــــــــــــــــــــــــــــــــــرَاءَةِ!
- وَهُـوَ إِعطْاءُ
الْحُرُوفِ حَقَّهَا ... مِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنْ صِفَةٍ لَهَا
وَمُستَحَقَّهَا!
- وَرَدُّ كُـــــــــــــــــــــــــلِّ
وَاحِـــــــــــــــــــدٍ لأَصلِهِ ... وَاللَّفْـــظُ فِــــــــــــــــــي
نَظِـــــــــــــــيرِهِ كَمِثْلهِ!
- مُكَمِّلاً مِـــــــــــــــــــــنْ
غَيْرِ مَا تَكَلُفِ ... بِاللُطْفِ فِي النُّطْقِ بِلاَ تَعَسُّفِ!
- وَلَيْسَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ تَـــــــــــــــــــــــــــــــــــرْكِهِ ... إِلاَّ رِيَاضَةُ امْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرِئٍ
بِفَكِّــــــــــــــــهِ!
• وأركِّزُ على البيت
الأخير:
- وَلَيْسَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ تَـــــــــــــــــــــــــــــــــــرْكِهِ ... إِلاَّ رِيَاضَةُ امْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرِئٍ
بِفَكِّــــــــــــــــهِ!
فلا يظنَّنَّ من يرومُ
تعلُّمَ تلاوةَ القرآنِ الكريمِ، أنّهَا تُتلقَّى منَ الكتبِ فحسبْ!
فها هوَ العالمُ
النّحريرُ (ابنُ الجزريُّ) -رحمهُ اللهُ- والذي ألَّفَ مصنَّفاتٍ جزيلةَ المباحثِ
في (التّجويدِ النّظريِّ)، ومع ذلكَ، لم يقلْ في أبياتِهِ: -وَلَيْسَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ تَــــــــرْكِهِ .. إِلاَّ قراءةٌ في الكتبِ المصنَّفةِ!
إنَّما أوقفَ (المتعلِّمَ)
على أمرٍ هو من أهمِّ أسبابِ بلوغِ المهارةِ في تلاوةِ القرآنِ الكريم؛ ألا وهوَ
(رياضة الفكّ)!
بترويضِهِ وتمرينِهِ على
إتمامِ الضَّمِّ، والكسرِ، والفتحِ، والتّفخيمِ، والتّرقيقِ.., إلخ، حتى تتلاشى
يبوسَةُ الكلامِ! وتنجلي طلَاقَةُ
اللّسانِ!
بل وجعلَ (ترويضَ الفمِ)
فيصلًا بين إجادةِ التّجويد وتركهِ!
ومنْ زاولَ تعلُّمَ ترتيل
كلام اللهِ، ومارَسَهُ، يلمسُ دقّةَ تعبيرِهِ، وأهميَّتَهُ!
• فلا بدَّ لمن تطلَّبَ
تعلُّمَ تلاوةِ القرآنِ الكريم أن يأخذَ بهذين السّببينِ:
- الأوَّل: أن يتدرَّبَ، ويتدرَّبَ، ويتدرَّبَ (عمليُّا)،
حتى يتقنَ، ولا يَيْأَيس!
- الثّاني: أن يتدرّبَ
(عمليًّا) على تلاوةِ المصحفِ (كلِّهِ)!
فلا يكتفي بتعلُّمِ
تلاوةِ سورةٍ أو سورتينِ! كما تظنُّ بعضُ أخواتِنا الطّالباتِ المبتدئاتِ، أنها إنْ
دَرَستْ جزءًا واحدًا فقد بلغتِ المهارةَ!
فتجويدُ وتحسينُ الحروفِ
لا يأْتي منْ أوَّل تدريب، ولا سورة واحدةٍ، ولا جزءٍ؛ بل آية وراء آيةٍ.. ومن سورةٍ إلى سورةٍ .. وجلسة وراءَ جلسة.. يومًا بعدَ يومٍ..
إلى نهايةِ المصحفِ الشّريفِ، فيظفرُ القارئُ بالمهارةِ، بتوفيقِهِ سبحانهُ وتعالى.
فلْندركْ هذهِ النّقطةَ؛
التي كفانا أنَّ عَلَمًا من أعلَامِ التّجويدِ قدْ نصَّ عليها نصًّا بليغًا،
وأكَّدَها توكيدًا؛ في بيتِ واحدٍ!... فرحمهُ اللهُ تعالى، وجزاهُ عنا خيرًا.
• وهذا التّدريبُ يستلزمُ
زمنًا!
وهذا الزّمنُ سببٌ لطولِ
صحبةِ القرآنِ الكريمِ، وتذوُّقِ حلاوةِ كلماتِهِ وآياتِهِ، وحلاوةِ معانيها!
فيا لها من نعمةٍ، وما
أحسنَها مِنْ غنيمةٍ!
أكتبُ هذا راجيةً ربَّنا
تبارك وتعالى أن يرزقَنا الإخلاصَ والمتابعةَ في تعلٌّمِ القرآنِ الكريمِ
وتعليمِهِ..
وأن يجعلَهُ صاحِبًا وحجّةً
لنا وشفيعًا؛ إنه سميعٌ عليمٌ.
والحمدُ للهِ ربِّ
العالمين.
كتبتْهُ: حسَّانة بنت
محمّد ناصر الدّين الألبانيّ
الأحد: 10 شعبان 1435هـ