ففي ذلكَ عبرةٌ بالغةٌ للدَّاعيةِ والمدْعُوِّينَ في هذا العصْرِ... للإمام الألبانيّ رحمةُ اللهِ عليه

 بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ قالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَا صُدِّقْتُ،

إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ منْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ؛ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ)).

 

أوردَهُ والدي -رحمةُ اللهِ عليهِ- في "سلسلته الصّحيحة"، (ج1، القسم الأوّل)، برقم (397)، وبعدَ تحقيقِهِ، قالَ:
"وفي الحديثِ دليلٌ واضحٌ على أنَّ كثرةَ الأتْباعِ وقلَّتَهم، ليستْ معيارًا لمعرفةِ كونِ الدّاعيةِ على حقٍّ أو باطلٍ؛

فهؤلاءِ الأنبياءُ -عليهمُ الصّلاةُ والسّلامُ- معَ كونِ دعوتِهمْ واحدةً، ودينِهمْ واحدًا، فقدِ اختلفُوا من حيثُ عدَدِ أتْباعِهمْ قلَّةً وكثرةً، حتَّى كانَ فيهمْ منْ لمْ يصدِّقْهُ إلَّا رجلٌ واحدٌ، بلْ ومنْ ليسَ معَهُ أحدٌ!

ففي ذلكَ عبرةٌ بالغةٌ (للدَّاعيةِ والمدْعُوِّينَ) في هذا العصْرِ:

فـ(الدّاعيةُ) عليهِ أنْ يتذكَّرَ هذِهِ الحقيقةَ، ويمضي قُدُمًا في سبيلِ الدَّعوةِ إلى اللهِ تعالَى، ولا يُبالي بقلَّةِ المستجِيبينَ لَهُ؛ لأنَّهُ ليس عليهِ إلَّا (البلاغُ المبينُ)،

ولهُ أُسوةٌ حسنةٌ بالأنبياءِ السّابقينَ الذينَ لمْ يكنْ معَ أحدِهِمْ إلَّا الرَّجُلُ والرَّجُلَانِ!

و(المدْعُوُّ) عليهِ أنْ لَا يستوحشَ من قلَّةِ المستجيبينَ للدَّاعيةِ، ويتخذَ ذلكَ سببًا للشَّكِّ في الدَّعوةِ الحقِّ وتركِ الإيمانِ بها، فضْلًا عنْ أنْ يَتَّخِذَ ذلكَ دليلًا على بُطلانِ دعوتِهِ؛ بحُجَّةِ أنَّهُ:

- لمْ يتبعْهُ أحدٌ!

- أو: إنَّما اتَّبَعَهُ الأقلُّونَ!

- ولو كانتْ دعوتُهُ صادقةٌ؛ لاتَّبعَهُ جماهيرُ النّاسِ!

واللهُ -عزَّ وجلَّ- يقولُ:  {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف : 103]" انتهى.

السّبت 17 جمادى الثّانية 1445هـ‍‍‍‍‍