((إِنَّ الَّذِي يَكْذِبُ عَلَيَّ؛ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي النَّارِ))! قال الحافظُ الذّهبيّ: فأَيْنُ علْمُ الحَدِيثِ؟ وأَيْنَ أَهْلُهُ؟.....

بسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:

في "مسندِ الإمامِ أحمدَ" رحمَهُ اللهُ، وصحَّحَهُ الوالدُ -رحمةُ اللهِ عليهِ- في "السّلسلة الصّحيحة"، رقم (1618):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((إِنَّ الَّذِي يَكْذِبُ عَلَيَّ؛ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي النَّارِ))!

 

وفي "تذكرة الحُفّاظِ" (ج1، ص: 3-4)، قالَ الحافظُ الذّهبيُّ -رحمَهُ اللهُ- دررًا بليغة، وذلكَ بعدَ أنْ ساقَ الحديثَ ونحوَهُ:

"فهذا وعيدٌ لمنْ نقَلَ عنْ نبيِّهِ ما لمْ يقُلْهُ معَ غلَبَةِ الظَّنِّ أنَّهُ ما قالَهُ!

فكيفَ حالُ منْ تهجَّمَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وتعمَّدَ عليْهِ الكذبَ وقولِهِ ما لمْ يقُلْ؟!

وقدْ قالَ عليْهِ السّلام: ((مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ؛ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبَبْنَ)).

فإنَّا للهِ وإنَّا إليْهِ رَاجِعُونَ!

ما ذِي إلَّا بليَّةٌ عظيمةٌ، وخطرٌ شديدٌ ممَّنْ يَرْوِي الأباطيلَ والأحاديثَ السَّاقطةَ المتّهَمُ نَقَلَتُها بالكذبِ!

فحَقُّ على المحدِّثِ أنْ يتورَّعَ في ما يؤدِّيْهِ،

وأنْ يَسألَ أهلَ المعرفةِ والوَرَعِ؛ لِيُعينُوُهُ على إيضاحِ مروِّياتِهِ،

ولَا سبيلَ إلى أنْ يصيرَ العارفُ الذي يُزَكِّي نقلَةَ الأخبارِ ويَجْرَحُهُمْ جهبذًا؛ إلَّا:

- بإدمانِ الطَّلبِ والفحْصِ عنْ هذا الشَّأنِ.

- وكثرةِ المذاكرةِ والسَّهرِ والتَّيَقُّظِ والفَهْمِ.

- معَ التَّقْوى والدِّيْنِ المتينِ والإنصافِ.

- والتَّرَدُّدِ إلى مجالسِ العلماءِ.

- والتَّحرِّي والإتقانِ.

وإلَّا تفعَلْ:

فَدَعْ عنْكَ الكتابَةَ لسْتَ منْها ... ولَوْ سَوَّدْتَ وَجْهَكَ بِالمدَادِ!

قالَ اللهُ -تعالَى عزَّ وجلَّ-: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النَّحل: 43]

فإنْ آنسْتَ -يا هذَا!- مِنْ نفسِكَ فهْمًا وصدْقًا ودِينًا وَوَرَعًا؛ وإلَّا فلَا تَتَعَنَّ!

وإنْ غلبَ عليكَ الهوَى والعصبِيَّةُ لِرَأْيٍ ولِمذْهَبٍ؛ فبِاللهِ! لَا تَتْعَبْ!

وإنْ عَرَفْتَ أنَّكَ مُخَلِّطٌ مُخَبِّطٌ مُهْمِلٌ لِحُدُودِ اللهِ؛ فأَرِحْنَا منكَ!

فبعدَ قليلٍ ينكشِفُ البَهْرَجُ، ويَنْكَبُّ الزَّغَلُ!

{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر : 43]

فقدْ نصحتُكُ؛ فـ(عِلْمُ الحَدِيثِ) صَلْفٌ،

فأَيْنُ علْمُ الحَدِيثِ؟

وأَيْنَ أَهْلُهُ؟

كدتُّ أنْ لَا أرَاهُمْ إلَّا في كتابٍ، أو تحتَ تُرَابٍ!" انتهى.