{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63)} [آل عمران]
جاء في تفسير العلّامةِ السّعديّ -رحمَهُ اللهُ-:
"{فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}؛ أيِ: الشّاكِّينَ في شيءٌ ممَّا أخبركَ بهِ ربُّك.
وفي هذِهِ الآيةِ وما بعدَها؛ دليلٌ على قاعدةٍ شريفةٍ؛ وهوَ أنَّ:
ما قامتِ الأدلَّةُ على أنَّهُ (حقٌّ)، وجزَمَ به العبدُ من مسائلِ العقائدِ وغيرِها؛
فإنَّه يجبُ أن يُجْزَمَ بأنَّ كلَّ ما عارضَهُ؛ فهوَ (باطلٌ)،
وكلُّ شُبهةٍ تُورَدُ عليهِ؛ فهيَ (فاسدةٌ)،
سواءٌ قدِرَ العبدُ على حلِّها، أم لَا،
فلَا يوجِبُ -لهُ- عجزُهُ عنْ حلِّها القدحُ فيما علِمَهُ؛
لأنَّ ما خالفَ (الحقَّ) فهوَ (باطلٌ)،
قالَ تعالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} [يونس : 32]
وبهذِهِ القاعدةِ الشّرعيَّةِ؛ تَنْحَلُّ عنِ الإنسانِ إشكالاتٌ كثيرةٌ يُورِدُها المتكلِّمونَ، ويُرتِّبها المنطِقيُّونَ،
إنْ حلَّها الإنسانُ؛ فهوَ تبرُّعٌ منْهُ؛
وإلَّا؛ فوظيفتُهُ أنْ (يُبيِّنَ الحقَّ) بأدلَّتِهِ، ويدْعُو إليْهِ" انتهى.
"تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنان"، ص: 133، ط4، 1426هـ،
تحقيق: عبد الرّحمن بن معلّا اللّويحق، مؤسّسة الرّسالة، بيروت.