{بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}..يظنُّ بعضُهُمْ أنَّ معناهُ: مِثْلَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ..

 بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمدُ لله، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:

قالَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- في سورةِ "يس":

{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)}.

وقالَ سُبحانَهُ، في سورةِ "الأحقاف":

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(33)}.

 

في قولِهِ تعالى في سورة "يس": {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم}؛ هلْ معناهُ: مِثْلَ السّمواتِ والأرْض؟

بمعنًى آخرَ: هلِ الضّميرُ (هُمْ) في {مِثْلَهُمْ}؛ يعودُ على السّمواتِ والأرْضِ؟


جاءَ في: "البرهان في علوم القرآن"، (ج4، ص: 34):

"يظنُّ بعضُهُمْ أنَّ معناهُ: مِثْلَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ؛ وهوَ فاسِدٌ لوجهَينِ:

- أحدُهُما: أنَّهُمْ ما أنكرُوا إعادَةَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ حَتَّى يَدُلَّ عَلَى إِنْكَارِهِمْ إِعَادَتَهُمَا بِابْتِدَائِهِمَا؛ 

وإِنَّمَا أَنْكَرُوا إِعَادَةَ (أَنْفُسِهِمْ)؛ فَكَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا (إِلَيْهِمْ)؛ لِيَتَحَقَّقَ حُصُولُ الجَوَابِ لَهُمْ، والرَّدُّ عَلَيْهِمْ.

- الثَّانِي: لِتَبَيُّنِ المُرَادِ فِي قَوْلِهِ: { وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}" اهـ‍‍‍‍‍

 

في تفسير "الطّبريّ"، (ج22، ص: 560):

"يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ؛ مُنَبِّهًا هَذَا الكَافِرَ الَّذِي قَالَ: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} عَلَى خَطَأِ قَولِهِ، وعَظِيمِ جَهْلِهِ:

{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ} السَّبْعَ والأَرْضِينَ؛ {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ}: مِثْلَكُمْ، 

فَإِنَّ خَلْقَ (مِثْلِكُمْ) مِنَ الْعِظَامِ الرَّمِيمِ؛ لَيْسَ بِأَعْظَمِ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.

يَقُولُ: فَمَنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ خَلْقُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ (خَلْقِكُمْ)،

فَكَيْفَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ العِظَامِ مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ رَمَّتْ وَبَلِيَتْ؟"اهـ‍‍‍‍‍

 

تفسير "القرطبيّ"، (ج8، ص: 41):

 "{أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}، أَيْ: (أَمْثَالَ االمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ)" اهـ‍‍‍‍‍

 

تفسير "ابن كثير"، (ج6، ص: 595-596):

"{يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}؛ أَيْ: مِثْلَ (البَشَرِ)، فَيُعِيدُهُمْ كَمَا بَدَأَهُمْ. قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَهَذِهِ الآيةُ الكَريمةُ كقولِهِ عزَّ وجلَّ:

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(33)}. [الأحقاف]" اهـ‍‍‍‍

 

تفسير "السّعديّ"، (ص: 700):

"{بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}؛ أيْ: أنْ يعيدَهُمْ بأعْيانِهِمْ" اهـ‍‍‍‍‍

واللهُ تعالى أعلم.

الأربعاء 9 جمادى الثّانية 1443هـ‍‍‍‍‍