لمَ التّقاعسُ عن تعلُّمِ تلاوةِ سورةِ الفاتحةِ

 بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمدُ لله، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:

قالَ اللهُ -عزَّ وجلَّ-:

{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114] 

{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزّمِّل: 4]

 

بعضُ النّاسِ إذا قيلَ لهُمْ:

"تعالَوا لتَتَعلَّمُوا قراءةَ سورةِ الفاتحةِ".

ولَّوْا، قائلًا القائلُ منهمْ:

"ولماذا أتعلَّمُها؟! أنا أقرؤُها منذُ صِغري، فأنا أعرفُ قراءَتَها جيِّدًا"!

ثمَّ إذا سمعتَهُ يتلُوها، إذا بهِ:

1- لا يكادُ يُسمِعُ صوتَ الحاءِ في البسملة: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

2- ولا يُفخِّمُ الرّاءَ فيها، خلافَ لُغةِ العربِ

3 - ويحذفُ الهمزةَ فيبدأُ باللّامِ مباشرةً، في: {الْحَمْدُ}

4- ويقتربُ بالكسرةِ إلى الفتحةِ في اللّامِ الأُولى، في:  {لِلَّهِ}

5- ويرقِّقُ الرّاء، في: {رَبِّ}

6- ويخفِّفُ الباءَ فيها

7- ويقتربُ بكسرتِها إلى الفتحةِ.

8- ولا يفتحُ اللّامَ جيِّدًا؛ فيكادُ يكسِرُها، في: {الْعَالَمِينَ}

9- ويُطيلُ الألفَ فيها أكثرَ منَ المدِّ الطّبيعيّ.

10- والملاحظةُ نفسُها التي في البسملةِ، تتكرَّرُ في: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

11- ويتوقَّفُ عندَ الكافِ حتّى تلتبِسَ بالسّكونِ، في: {مَالِكِ}

12-  ويقلِبُ -وما أسوأَهُ من قلبٍ!- الدّالَ تاءً، في: {الدِّينِ}

13- وينطقُ كسرةَ الهمزةِ؛ بين الفتحةِ والكسرةِ، في: {إِيَّاكَ}

14- ويخفِّفُ الياءَ فيها؛ فيسمعُها السّامعُ ياءً واحدَةً.

15- ويجعلُ حرفَ العينِ شديدًا قريبًا من الهمزةِ، في: {نَعْبُدُ}

16-  ولا يُتمُّ الضّمَّةَ فيها

17- وينطقُ بكسرةِ همزةِ الوصلِ أقربَ ما تكونُ إلى الفتحةِ، في: {اهْدِنَا}

18-، ويُحَوِّلُ الصّادِ إلى سينٍ، في:  {الصِّرَاطَ}، {صِرَاطَ} [في روايةِ حفصٍ ومن وافقَهُ]

19- ويُحَوِّلُ السّينَ إلى صادٍ، في: {الْمُسْتَقِيمَ}

20- ويقلْقِلُ النّونَ والميمَ، في: {أَنْعَمْتَ}

21- ولا يُتمُّ كسرةَ الهاءِ، في:  {عَلَيْهِمْ}

22-  ويُحوِّلُ الضّادَ إلى الظّاءِ، في: {الْمَغْضُوبِ}، {وَلَا الضَّالِّينَ} [ولنتأمَّلْ -هنا- كيفَ سنفهمُ المعنى!]

23-  ولا يفخِّمُ الضّادَ مع الألفِ تبعًا لمرتبتِها، في: {وَلَا الضَّالِّينَ}

24- ويخفِّفُ اللّامَ، فيها.

25- ويطيلُ زمنَ مدِّ الألف، فيها، بما يقربُ من عشرين حركةً! حتّى ينقطعَ صوتُهُ.

26- زدْ على ذلكَ: فلا يقفُ على رؤوسِ الآياتِ؛ بل يصلُ الآياتِ ببعضِها؛ خلافًا للسُّنَّةِ!

كلُّ ماسبقَ، مثالٌ يسيرٌ على ما يقعُ فيهِ الكثيرُ ممّنْ يقرأُ (سورةَ الفاتحةِ)، ظانًّا نفسَهُ أنَّهُ يُتقِنُ تلاوتَها، وإلَّا فلَنا أنْ نضيفَ إليها العديدَ منَ الأخطاءِ المختلفةِ والمتنوِّعةِ؛ تبعًا لتأثيرِ اختلافِ اللّغاتِ واللّهجاتِ في عمومِ أرضِ اللهِ الواسعةِ. 

ممّا يجعلُ المرءُ يشمِّرُ  وينهضُ، ساعيًا ليتعلَّمَها، ويقرأَها {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشّعراء: 195]


قالَ الإمامُ ابنُ كثيرٍ -رحمَهُ اللهُ-، في "تفسير القرآن العظيم"، ج6، ص: 162:

"وَقَوْلُهُ: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}؛ أَيْ:

هذَا القُرْآنُ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيكَ [أَنْزَلْنَاهُ] بِلِسَانِكَ العَرَبِيِّ الفَصِيحِ الكَامِلِ الشَّامِلِ؛

لِيَكُونَ بَيِّنًا وَاضِحًا ظَاهِرًا، قَاطِعًا لِلْعُذْرِ، مُقِيمًا لِلْحُجَّةِ، دَلِيلًا إِلَى المَحَجَّةِ" اهـ‍‍‍‍‍

واللهُ تعالى أعلمُ.

وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وسلَّم.

كتبتْهُ: حَسَّانَةُ بنتُ محمَّدٍ ناصرِ الدِّينِ الألبانيّ

الخميس 3 جمادى الثّانية 1443 هـ‍.