حَرْفُ (الضَّادِ).. "قَلَّ مَنْ يُحْسِنُهُ"!.. من كتاب النّشر في القراءات العشر، للإمام ابن الجزريّ رحمهُ اللهُ





بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيم..
حَرْفُ (الضَّادِ).. "قَلَّ مَنْ يُحْسِنُهُ"!

• قالَ الإمامُ ابنُ الجزريِّ -رحمَهُ اللهُ- في كتابِهِ "النَّشر في القراءات العشر":
"وَ(الضَّادُ): انْفَرَدَ بِـ(الِاسْتِطَالَةِ)
وَلَيْسَ فِي الْحُرُوفِ مَا يَعْسُرُ عَلَى اللِّسَانِ مِثْلُهُ!
فَإِنَّ أَلْسِنَةَ النَّاسِ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ، وَقَلَّ مَنْ يُحْسِنُهُ!
فَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُهُ (ظَاءً)!
وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْزُجُهُ (بِالذَّالِ)!
وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ (لَامًا مُفَخَّمَةً)!
وَمِنْهُمْ مَنْ يُشِمُّهُ (الزَّايَ)!
وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
وَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ: ((أَنَا أَفْصَحُ مَنْ نَطَقَ بِالضَّادِ))؛ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ!
فَلْيَحْذَرْ مَنْ قَلَبَهُ إِلَى (الظَّاءِ)، لَا سِيَّمَا فِيمَا يَشْتَبِهُ بِلَفْظِهِ؛ نَحْوَ:
{ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ}، يَشْتَبِهُ بِقَوْلِهِ: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا}
 وَلْيُعْمِلِ (الرِّيَاضَةَ) فِي إِحْكَامِ لَفْظِهِ؛ خُصُوصًا إِذَا جَاوَرَهُ (ظَاءٌ)، نَحْوَ:
{أَنْقَضَ ظَهْرَكَ}، {يَعَضُّ الظَّالِمُ}
أَوْ حَرْفٌ مُفَخَّمٌ، نَحْوَ: {أَرْضُ اللهِ}
أَوْ حَرْفٌ يُجَانِسُ مَا يُشْبِهُهُ، نَحْوَ: {الْأَرْضِ ذَهَبًا}
 وَكَذَا إِذَا سَكَنَ وَأَتَىٰ بَعْدَهُ حَرْفُ إِطْبَاقٍ نَحْوَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ}.
أَوْ غَيْرُهُ نَحْوَ: {أَفَضْتُمْ}، {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ}، وَ{فِي تَضْلِيلٍ}" اهـ‍
(1/ 219-220)، تحقيق: علي محمّد الضّبّاع، المطبعة التّجاريّة الكبرىٰ.

• وجملةُ الإمام ابنُ الجزريُّ -رحمَهُ اللهُ- "قلَّ من يُحْسِنُهُ"، أيْ: في (التّلاوةِ)، وفي الواقِعِ أنَّ هناكَ من لا يُحْسِنُهُ (كتابةً) أيضًا! فيكتُبُ (الضّادَ): ظَاءً! والعكسُ! وقدْ وقفتُ علىٰ ذَٰلكَ (الخطأ الكتابيِّ) حتَّىٰ في كتابةِ الشّعرِ، ممَّا يُعكِّرُ صفوَ القارئِ؛ لأنَّ المعنىٰ يتغيَّرُ تمامًا، بل قدْ يُصبِحُ قبيحًا! ولأجلِ هذَا (التّغييرِ) وهَٰذا (القُبحِ) حَذَّرَنا الإمامُ رحمَهُ اللهُ.
أمثلةٌ:
- (ضلَّ) لو كُتبت بالظّاء؛ تصبحُ (ظلَّ)!
- (يغيضُ) لو كُتبت بالظّاء؛ تصبحُ (يغيظُ)!
- (مرض) لو كُتبت بالظّاء؛ تصبحُ (مرظَ)!!
- (ضَفَر)  لو كُتبت بالظّاء؛ تصبحُ (ظَفَر)!
- (نقضَ) لو كُتبت بالظّاء؛ تصبحُ (نقظَ)!
وما ذكرتُهُ من أمثلةٍ إنما هو غيضٌ من فيضٍ!
وإلَّا فهناكَ من اللَّحنِ في كتابة هذا الحرفِ ممَّا لا يُمكنُني -معَهُ- إيرادَهُ؛ لشِدَّةِ قُبحِهِ في المعنَىٰ!
فلْنجْتَهِدْ في تَحسينِهِ (نُطقًا) و(كتابةً)!
{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.
وهنا موضوعٌ له تعلّقٌ، تحتَ عنوان: "الخَلطُ بين (الضَّادِ) و(الظَّاءِ)! وتدريبٌ مقترَحٌ".

- - -
الأحد 27 شعبان 1436هـ‍