قَصِيدَةُ: أَيَا عُــمْرًا قَــطَعْنَــاهُ!



قَصِيدَةُ:
أَيَا عُــمْرًا قَــطَعْنَــاهُ!
نَظَمَتْهَا:
حَسَّانَة بنت محمّد ناصر الدّين بن نوح الألبانيّ
شهر  شوّال/ لعامِ 1434هـ
(من بحر الهَزج)‍

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرّحيم...
الحمدُ للهِ وحدَهُ لَا شريكَ لهُ، والصَّلاةُ والسّلامُ علَىٰ خَاتَمِ رُسُلِ اللهِ، أمَّا بعدُ:
قالَ تعالىٰ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذّاريات: 56]
فغايةُ حياتِنَا: في القرآنِ الكريمِ مسطورةٌ..
وكالشّمسِ -لا سحابَ دونهَا- منظورةٌ!
وبينما كنتُ أتأمَّلُ في واقِعِنَا، وفي ما ينبغِي أن يهتدِيَ إليهِ حالُنَا...
 وهٰذي أيّامُنا!.. كَيْفَ بَلَوْنَاهَا؟ وأعمارُنَا!.. بمَ عَمَرْنَاهَا؟
استرْسلْتُ بـهاتِهِ القصيدةِ؛ الّتي أوّلُ مَنْ أعني بِـهَا (نفسِي)!
وقدْ نظمتُها مرآةً لـِمَا يجولُ في الخاطرِ! تعكسُ واقِعَ أوقاتٍ وأعمارٍ تَمضِي مهملةً.. دونَ وعيٍ أو إدراكٍ لِما ينبغي لنا أن نتدارَكَه..
إلاَّ من رحمَ اللهُ منَّا، فعافاهُ ووفَّقَهُ وسدَّدَهُ...
والمرادُ:
- اجتنابُ تضييعِ الأوقاتِ بالتّفاهاتِ من الأمورِ!
- والنّهْلُ منَ ينبوعِ العلمِ الشّرعيِّ الواجبِ علينَا وجوبًا عينيًّا! مـمَّا يُعينُنَا علىٰ عبادةِ اللهِ علىٰ الوجهِ الّذي يُرضيهِ، علىٰ بيِّنةٍ وبصيرةٍ!
- والتّسامِي إلىٰ معالِي الأمورٍ، والفطنةِ إلىٰ جوهرِ وجودِنَا في الحياةِ، مـمَّا نحنُ مسؤولونَ عنهُ يومَ لقاءِ ربِّ العالمينَ!
لعلَّنَا نحيَا حياةَ سلفِنَا الصّالحِ؛ تلكَ الحياةُ الجادّةُ الطيِّبَةُ! حياةُ أُوْلِي الألبابِ!
وقدْ أتيتُ بالمعانِي بطريقِ التّقريراتِ تارةً، والتّساؤلاتِ تارةً أخرىٰ!
عَلَىٰ أنَّنِي لستُ بشَاعرةٍ؛ إنّمَا هيَ كُلَيْمَاتٌ قدَّرَهَا اللهُ -عَلَىٰ بَنَانِي- فَأَجْرَاهَا!
فأستوفقُ اللهَ فيهَا الصّواب...
راجيةً اللهَ -جلَّ جلالُهُ- أنْ يَـغفِرَ ليَ الخطأَ في العملِ والخطاب..
إنه قريبٌ مجيبٌ.

القَصِيدَةُ
1- بِبِسـمِ اللهِ قُــلْنَاهُ   ...   بِـــــحَــــمْدٍ قـَـد دَّعَــــوْنَاهُ
2- لِتـَــــــــذْكـِـــــيرٍ نَــــظـَــمنَاهُ   ...   لإِعْـــــذَارٍ كَـــــــتَبْنَاهُ
3- فَيَــــا يــَــوْمًـــــــا قَضَــــيْنَــــــاهُ   ...   أَيَـــــا عُـــــمْرًا قَطَعْنَــــــاهُ!
4- عَلَــىٰ الْأَحْــــلامِ شِدْنَـــــاهُ   ...   إِلَـــىٰ  الْأَوْهَــــامِ قُدْنَاهُ!
5- كَــــــبَـرْقٍ قَــــدْ لَمَحْــنَاهُ   ...   سَــــــرَابًا قَــــــدْ رَأَيْنَـــــاهُ!
6- بِلَغْـــــوٍ كَــــــمْ شَغَلْنَاهُ   ...   كـذَا (قِيْـــلٍ) وَ(قُلْنَــاهُ)!
7- شَبَـابًــا  كَيْــــــفَ عِشْــنَــــاهُ   ...   عَــنِ السَّــفْسَــــافِ صُنَّاهُ؟
8- بِلَهْــوٍ قَـدْ مَشَيْنَـــاهُ   ....   بِـــلَعْــبٍ قَدْ أَضَعْنَــاهُ!
9- وَعَقْـــلًا قَدْ حَشَوْنَاهُ   ...    بِـجَهــــلٍ؛ كَمْ ظَلَمْنَاهُ!
10- قَــذَىٰ الــرَّائِي اسْتَسَغْنَاهُ!    ...   وَبِالْكُتْــبِ اشـتَرَيْنَاهُ!
11- وَجَـوَّالًا هَـوَيْنَاهُ!   ...   كَـــوَسْـــوَاسٍ جَعَـــلْنَاهُ!
12- فَرَاغًــا كَـمْ مَلَأْنَــاهُ   ...   بِـــذَا (التَّسْويـــفِ) غُلْـنَاهُ!
13- فَــلَا (عِــلْمًا) طَلَبْنَـــاهُ    ...    وَلَا (مَــــتْنًــا) حَــــفِظْنَــاهُ!
14- وَلَا (الْـهَـــــادِيْ) صَحِبْنَاهُ!    ...   وَلَا (الـتَّــــأْوِيلَ) زِدْنَـــــاهُ!
15- وَلَا (فِــقْهًــــا) خَـــــبَــرْنَاهُ   ...  وَلَا (نَــــحْوًا) نَــحَوْنَاهُ!
16- (قِيَـــامٌ) هَــلْ أَطَلْناهُ؟   ...   وَ(ذِكْـــــــرٌ) كَــــمْ أَدَمْنَــــاهُ؟
17- "بُـخَـــــارِيًّا" فَقِهْنَاهُ؟!    ...   "قُشَــــــيْرِيًّا" وَعَـــــــيْنَاهُ؟!
18- حَـــــلَا (التَّوْحِيْدِ) ذُقْنَاهُ؟    ...   عَــنِ الْأَنـْــــــدَادِ حِـــدْنَاهُ؟
19- (نَبِــــــِيٌّ) أَتَّـــبَعْنَـــاهُ؟   ...   كَـــــأنَّا قَــدْ رَأيْـــنَاهُ؟
20- ومَنْــــهَجَـــهُ اقْــــتَـــفَيْنَــــاهُ؟    ...   لِــحُـبِّ اللهِ سِــــــرْنَـــاهُ؟
21- حَــذَا السّلَفِيْ حذَوْنَاهُ؟   ...    أَمِ الآبَـا لَـحِقْنَاهُ!
22- وَإِسْلامًا، رَعَــيْنَاهُ؟  ...    مِــــنَ البِـدَعِيْ حَرَسْنَاهُ؟
23- لِسـَــــانٌ هَلْ مَلَكْنَاهُ؟   ...   وَبَيــْـــــــــــتٌ هَـــلْ لَــــزِمْنَاهُ؟
24- وَحـــرْفًــــــــــــا إِذْ لَفَظْنَاهُ   ...   لِــــحَــقٍّ هَـــلْ نَــــطَقْنَاهُ؟
25- وَزِيٌّ قَــــدْ لبِــسْنَاهُ   ...   بِسَــمْتِ الدِّيْــنِ خِطْنَاهُ؟
26- وَعِلْمًا قَدْ نَهَلْنَاهُ  ...   مِـــنَ الْــمَوْثُوْقِ حُـزْنَاهُ؟
27- وَسُـــؤْلًا إِنْ جَــــــهِلْنَاهُ  ...   لِـذِيْ عِلْمٍ أَحَلْنَاهُ؟
28- رُوَيْبِضَـةً حَذِرْنَاهُ؟   ...  جَهُــــولٌ هَــــلْ هَجَرْنَاهُ؟
29- فَــذَا (دَرْبٌ) ضلَلْنَاهُ    ...   وَذَا (قَــلْـبٌ) فَــتَنَّــاهُ!
30- وَبِــــالشُّبُهَاتِ جِـئْنَاهُ   ...   فَوَاهًـا! هلْ رَحِمْنَـاهُ!
31- فَيَــا (رَبًّــــــــا)! رَضِيْنَــاهُ   ...    (إلَـــٰــهًـــــا) قَـدْ عَبدْنَاهُ!
32- أَنِــرْ دَرْبًــا سَلَكْنَاهُ   ...   بِنُـــورِ (الْعِلْـــمِ)، زِدْنَا هُوْ!
33- بصــدْقٍ قـَدْ بَغَيْنَاهُ    ...   عَـــــلَىٰ (الْبَيْضَــــاءِ) رِدْنَاهُ!
34- وَحِفْظَ الذِّكْرِ هَبْنَا هُوْ    ...   كَـــذَا انْفَعْنَـــا بـمَعْنَاهُ!
35- وَفِقْهَ الدِّيــْـنِ سُقْنَا هُوْ    ...   وَ(بِـالْــــمَسْنُـــوْنِ) شـئْنَاهُ!
36- مَـعَ (الدَّلِيْــــــــــلِ) رُمْنَاهُ   ...   بِـــــلَا (الْأَهْــــــــــوَا) رَمَقْنَاهُ!
37- وَجَـــاوِزْ مَـــــــا أَسَأْنَاهُ   ...   لِضَــعْفٍ قَــدْ جَنَيْنَاهُ!
38- تَقَبَّـــــلْ مَــا عَمِــــلْنَاهُ   ...   عَــــلَىٰ التَّقْصِــــيرِ نِـــلْنَاهُ!
39- أَزِلْ (ذَنْـــبًـا) كَسَبْنَـاهُ   ...   بِعُـمْرٍ قَدْ وَأَدْنَاهُ!
40- أَغِثْ (قَلْبًـــا) وَجَدْنَاهُ    ...   بَكَتْ لِلْفَــوتِ عَيْنَاهُ!
... بحمدِ اللهِ تمتْ...

تأصيلٌ وتعليقٌ:
- نَظمتُ القصيدةَ علىٰ بحرِ (الهزجِ): عَلَىٰ الْأَهْزَاجِ تَسْهِيْلُ .. مَفَاعِيْلُنْ مَفَاعِيْلُ. وقدْ لجأتُ إلىٰ بعضِ الضّروراتِ الشّعريّةِ؛ كمَا في الأبياتِ (32، 34، 35).
- هٰذا؛ ولأنَّ الإنسانَ قدْ لا يسلَمُ من الخطأِ في النّثرِ فضلًا عنِ الشِّعرِ؛ فقدْ تمَّ عرضُ القصيدةِ علىٰ بعضِ أهلِ العلمِ: الوالدِ العلاّمةِ الشّيخِ: عبيدٍ الجابريِّ -حفظهُ اللهُ-، بتاريخِ (الخميس: 13/ ذو القعدة/ 1434هـ)، وبعد استحسانِهِ للقصيدةِ، ودعائِهِ -جزاهُ اللهُ خيرًا-، وإيذانِهِ بنشرِهَا، قالَ: "حَسَنةٌ، صالحةٌ للنّشْرِ". اهـ‍
كـمَا قدْ تمَّ عرضُها علىٰ العلاّمةِ: عبدِ الرَّحمٰنِ بنِ عوفٍ الكونيِّ -حفظهُ اللهُ- بتاريخِ (الإثنين: 17/ ذو القعدة/ 1434هـ)، فأشارَ إلىٰ بعضِ التّعديلاتِ اللّغويّةِ الشّعريّةِ -جزاهُ اللهُ خيرًا-، وأفادَ بالآتِي:
"تركيباتُ القصيدةِ صحيحةٌ؛ إلَّا مِنْ بعضِ الضّروراتِ الشّعريّةِ، وللضَّرورةِ أحكامُها، والمعنىٰ جيّدٌ من جهةِ (الشّرعِ)؛ لأنَّ في القصيدةَ شعورًا بالنّقصِ، أو بالقصورِ في العبادةِ في هذهِ العصورِ، فهٰذِهِ القصيدةُ تُذكِّرُ وتُنَبِّهُ علىٰ هٰذِهِ الغفلاتِ، وتعِظُ بالرّجوعِ إلىٰ العملِ بالإسلامِ، بالكتابِ والسُّنَّةِ، وقدْ كانَ نهجُ (السّلفِ) هوَ شدَّةُ الشّعورِ والانتباهِ! فلذٰلِكَ كَثُرَ عملُهُمْ لقلَّةِ الغفلةِ الصّارفةِ عنِ الاشتغالِ بالعبادةِ أكثرَ، فتجدُ حياتَهُمْ سواءٌ في التّجارةِ أو غيرِها في دنياهُمْ تجدُهُمْ مرتبطينَ بالأعمالِ الصّالحةِ، يذكرونَ اللهَ بقلوبِهِمْ وأفعالِـهِمْ وحركاتِهِمْ وأبدانِهِـمْ؛ وذٰلِكَ لقلَّةِ غفلَتِهِمْ، وهٰذهِ من الفوارقِ الكبيرةِ بيننَا وبينَ السّلَفِ!
فالقصيدةُ تُنبِّهُ أو تُشعِرُ بهذِهِ الأحوالِ من الغفلةِ؛ لا سيّمَا في عصرِ الفتنِ؛ فالغفلةُ تكونُ محضةً!
فموضوعُ القصيدةِ يعينُ علىٰ ما ينبغِي علىٰ المسلمِ فِي زمنِ الفتنةِ؛ لأنّهَا تُنبِّهُ علىٰ العملِ، وزمنُ الفتنةِ تكثرُ فيهِ الصّوارفُ عنِ الأعمالِ، وتكثرُ الغفلاتُ". انتهىٰ كلامهُ -مختَصَرًا- جزىٰ اللهُ الشّيخَ خيرًا.

- مطلعُ القصيدةِ:
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ))!
رواهُ التّرمذيُّ، وحسَّنَهُ الوالدُ -رحمهُ اللهُ- لشواهدِهِ. يُنظرُ: "مشكاة المصابيح"، الحديث رقم: (5198)، و"سلسلة الأحاديث الصّحيحة"، الحديث رقم (946).

- البيت رقم (6): قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الـمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ))! رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ وغيرُهُما.

- البيت رقم (7): "السَّفْسَافُ: الأمرُ الحقِيرُ والرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ ضِدُّ المعالِى والمكارِم، وَأَصْلُهُ: مَا يَطِيرُ مِنْ غُبار الدَّقِيقِ إِذَا نُخِل، والترابِ إِذَا أُثِيرَ" اهـ‍  "النهاية في غريب الحديث والأثر".

- البيت رقم (8): "...اللَّهْوُ: وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ شَغَلَكَ عَنْ شَيْءٍ، فَقَدْ أَلْـهَاكَ.." اهـ‍ "معجم مقاييس اللّغة".

- البيت رقم (10): "(قَذِيَ): الْقَافُ وَالذَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الصَّفَاءِ وَالْخُلُوصِ! مِنْ ذَلِكَ الْقَذَى فِي الشَّرَابِ: مَا وَقَعَ فِيهِ فَأَفْسَدَهُ. وَالْقَذَى فِي الْعَيْنِ.."اهـ‍ "معجم مقاييس اللّغة".
الرّائي: (التّلفاز).
(اشْتَرَيْنَاهُ): استبدلْنا متابعةَ الرَّائي-بصُورهِ وشُبهاتِهِ وشهواتِهِ!- بالقراءةِ في الكتبِ النّافعةِ لنا في دينِنَا وآخرتِنَا! فصارَ اقتناؤُهُ في البيتِ، والانكبابُ عليهِ مـمَّا لَا يُستغنَىٰ عنْهُ! أمّا المكتبةُ المنزليّةُ فلَا يَعبأُ بهَا ولَا يُقيمُ وزنَهَا إلّا من رحِمَ اللهُ!
بلْ صارَ المرءُ إذا أرادَ أن يوثِّقَ مسألةً ما، فإنَّ مرجِعهُ: رأيتُ في الرّائي! ومصدرهُ: سمعتُ من الرّائي! أمّا: قرأتُ في كتابِ كذا، صفحةِ كذا، فمفرداتٌ تكادُ تنقرضُ من قاموسِ أحاديثِنَا! ولا غرابَةَ! فالصّاحبُ ساحبٌ - كمَا يُقالُ-.
والبيت الآتي رقم (17)؛ لهُ تعلُّقٌ.

- البيت رقم (11): جاءَ في اللّغةِ: "الوَسواسُ: شيءٌ يظلُّ يَخطُرُ بالبالِ ويُخافُ منهُ... والوَسواسُ: صوتُ الوَسوسةِ.." اهـ‍  من: "قاموس الهادي" للكرميّ، الطّبعة الأولىٰ (1421)، دار لبنان للطّباعةِ والنّشر، (4/489).

- البيت رقم (12): غُلْـنَاهُ: "(غَوَلَ): غَالَهُ الشَّيءُ غَوْلًا واغْتَالَهُ: أَهْلَكَهُ وأَخَذَهُ مِنْ حَيْثُ لم يَدْرِ" اهـ‍. "لسان العرب".
وفي "معجم مقاييس اللّغة": "الْغَيْنُ وَالْوَاوُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خَتْلٍ وَأَخْذٍ مِنْ حَيْثُ لَا يُدْرَىٰ!" اهـ‍

- البيت رقم (13): أقصدُ بهِ (العلمَ الشّرعيَّ) الواجبَ علينَا، والموافقَ لكتابِ اللهِ وسنّةِ رسولِهِ عليهِ الصّلاةُ والسّلامِ، وعلىٰ فهمِ سلفنَا الصّالحِ!
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ))! رواهُ ابنُ ماجه وغيرُهُ، وقالَ عنهُ الوالدُ: "صحيح". يُنظرُ: "سنن ابن ماجه"، باب فضلِ العلماءِ والحثِّ علىٰ طلبِ العلمِ، الحديث رقم (224). و: "مشكاة المصابيح"، كتاب العلم، الحديث رقم: (218). وقالَ الوالدُ رحمهُ اللهُ في حاشية "المشكاةِ": "وأمَّا زيادةُ (ومسلمةٍ) الّتي اشتُهِرَتْ علىٰ الألسنةِ؛ فلا أصلَ لهَا البتّة!.." اهـ
- البيت رقم (14): (الْـهَــادِيْ)؛ أيْ: القرآنُ الكريمُ. (الـتَّــــــــأْوِيلَ)؛ أيْ: تفسيرُ معانيهِ.

- البيت رقم (17): "قُشَـــــيْرِيًّا"؛ إشارةٌ إلىٰ مصنَّفِهِ: "صحيحِ مسلم"؛ فـ (القُشَيْرِيُّ) هوَ الإمامُ: مُسْلِمٌ أَبُو الـحُسَينِ بنُ الحَجَّاجِ بنِ مُسْلِمٍ القُشَيْرِيُّ، صَاحبُ "صحيحِ مُسلْمٍ". يُنظرُ ترجمتُهُ في "سيرِ أعلامِ النّبلاءِ".
والمقصدُ من ذكري لهٰذينِ الكتابينِ خصوصًا، وللبيتِ عمومًا؛ تبيانُ إعراضِنَا عن أمّهاتِ الكتبِ (الشّرعيّةِ) وذراريهَا، فلمْ نعُدْ ننشطُ لقراءتِهَا، ولَا يَرْتَفِعُ لَهَا حِجَابُ سَمْعِنَا؛ حتىٰ صرنا لَا ندري كمْ في تلكَ المصنَّفاتِ من كنوزٍ تُقطَعُ لـهَا المفاوزُ، فكيفَ بنا وهي بينَ أيدينا!
والبيت رقم (10) له تعلُّقٌ بهٰذَا البيت.

- البيت رقم (18): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: ((أَنْ تَدْعُوَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ!))... الحديث. متّفقٌ عليهِ.

- البيت رقم (19 و20): قالَ تعالىٰ: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[آل عمران: 31].
وجاءَ في اللّغةِ:
"(نَهَجَ): النَّهْجُ: الطَّرِيقُ. وَنَهَجَ لِي الْأَمْرَ: أَوْضَحَهُ. وَهُوَ مُسْتَقِيمُ الْمِنْهَاجِ. وَالْمَنْهَجُ: الطَّرِيقُ أَيْضًا، وَالْجَمْعُ الْمَنَاهِجُ..." اهـ‍  "معجم مقاييس اللّغةِ".

- البيت رقم (21): "وحَذَا حَذْوَه: فَعَل فِعْلَهُ، وهوَ منْهُ. التّهذيب: يُقَالُ: فُلانٌ يَحْتَذِي عَلَىٰ مِثَالِ فُلانٍ؛ إِذَا اقْتَدَىٰ بهِ في أَمِرِهِ.."اهـ‍. يُنظر: "لسان العرب"، مادّة: (حَذَا).
(الآبـَا): بالقصْرِ (حذف الهمزة) للوزنِ.

- البيت رقم (23): عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اكْسِرُوا قُسِيَّكُمْ، يَعْنِي فِي الْفِتْنَةِ, وَاقْطَعُوا الْأَوْتَارَ، وَالْزَمُوا أَجْوَافَ الْبُيُوتِ, وَكُونُوا فِيهَا كَالْـخَيِّرِ مِنَ ابْنَيْ آدَمَ))! الحديث رقم (1524) في : "سلسلةِ الوالدِ الصّحيحةِ". وقالَ -رحمهُ اللهُ تعالىٰ- في التّعليقِ علىٰ الحديثِ: "قلتُ: وإسنادُهُ صحيحٌ؛ رجالُهُ -كلُّهُمْ- ثقاتٌ، رجالُ البخاريِّ. وفي الحديثِ إشارةٌ قويّةٌ إلىٰ أنَّ الأمرَ بلزومِ البيتِ، إنَّـما هوَ في وقتِ الفِتَنِ الهرجِ والمرجِ؛ فعليه يُحملُ بعضُ الأحاديثِ الآمرةِ بلزومِ البيتِ مطلقًا، كالحديثِ الآتي (1535)...". اهـ‍

- البيت رقم (24): وفي الدّعاءِ المأثورِ عنهُ صلَّىٰ اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ: ((وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ)).. وفي روايةٍ: ((وَكَلِمَةَ الإِخلَاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ)) الحديث. والرّوايتان قدْ صحّحَهُمَا الوالدُ -رحمهُ الله-.  يُنظرُ: "سنن النَّسائيّ"، كتاب السّهوِ، نوعٌ آخر-أي من الدّعاءِ-،  الحديث رقم: (1305) و (1306).

- البيت رقم (26): روَى مسلمٌ في مقدِّمةِ "صحيحِهِ"، بَابُ بيانِ أَنَّ الْإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ وأنَّ الرِّوايةَ لَا تكونُ إلَّا عنِ الثِّقاتِ وأنَّ جَرْحَ الرُّواةِ بما هُوَ فيهِمْ جائزٌ بلْ واجبٌ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: ((إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ؛ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ))!

- البيت رقم (28): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ))، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: ((الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ)). أخرجهُ ابن ماجه وغيرُهُ، وصحَّحَهُ الوالدُ -رحمهُ اللهُ-. يُنظرُ: "سنن ابن ماجه"، كتاب الفتن، باب شدّة الزّمان، الحديث رقم (4036)، و"سلسلة الأحاديث الصّحيحة"، الحديث رقم: (1887).
والرُّوَيبضَةُ في اللّغةِ: "(رَبَضَ) الرَّاءُ والبَاءُ والضَّادُ؛ أصْلٌ يدُلُّ عَلَىٰ سُكُونٍ واسْتقْرَارِ"اهـ‍. "معجم مقاييس اللّغة".
وفي النّهاية في غريب الحديث":
"الرُّوَيْبَضَةُ: تَصْغِيرُ: الرَّابِضَةُ؛ وَهُوَ الْعَاجِزُ الَّذِي رَبَضَ عَنْ مَعَالي الأمُور وقعَد عَنْ طَلَبِها، وَزِيَادَةُ التَّاء للمبالغَة. والتَّافه: الخَسِيس الحَقِير!" اهـ‍

- البيت رقم (33): أيْ: أردْنَا سلوكَ درْبِ حياتِنا على (البيضَاءِ)، التي قالَ فيهَا عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ: ((قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَىٰ الْبَيْضَاءِ! لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ!)).. الحديث. رواهُ ابنُ ماجه، بابُ: اتّباعِ سُنّةِ الخلفاءِ الرّاشدينَ المهديِّيْنَ، الحديث رقم (43)، وصحَّحَهُ والدي-رحمهُ اللهُ- في:"سلسلتِهِ الصّحيحةِ"، الحديثُ رقم: (937)، ويُنظرُ: "ظلالُ الجنّةِ في تخريجِ أحاديث ِكتاب السُّنّة".

- البيت رقم (35): في اللّغة: "(سَوُقَ) السِّينُ وَالْوَاوُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَدْوُ الشَّيْءِ. يُقَالُ سَاقَهُ يَسُوقُهُ سَوْقًا"اهـ‍ "معجم مقاييس اللّغة". "وساقَ اللهُ إليهِ خَيرًا: أتىٰ بِهِ إليْهِ" اهـ‍ "قاموس الهادي".
والمعنىٰ: فقهَ الدّينِ ائْتِ به إلينَا.

- البيت (36): من معاني (الدّليلِ) في اللّغةِ: "..إِبَانَةُ الشَّيْءِ بِأَمَارَةٍ تَتَعَلَّمُهَا، كقولِهِمْ: دَلَلْتُ فُلَانًا عَلَى الطَّرِيقِ. وَالدَّلِيلُ: الْأَمَارَةُ فِي الشَّيْءِ. وَهُوَ بَيِّنُ الدَّلَالَةِ وَالدِّلَالَةِ.." اهـ‍ من "معجم مقاييس اللّغة" باختصار وتصرّفٍ يسيرٍ جدًّا.
قالَ الإمامُ محمَدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ -رحمهُ اللهُ- في رسالتِهِ: "ثلاثة الأصولِ وأدلَّتِهَا":
"اعْلمْ -رَحِمَكَ اللهُ- أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَرْبَع مَسَائِلَ:
اَلْمَسْألَةُ الأُولَى: الْعِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلامِ بالأَدِلَّةِ". انتهىٰ المرادُ.
قالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ -رحمهُ اللهُ- في "نونيّتِهِ"، البيت رقم: (1564):
وَالعِلْمُ مَعْرِفَةُ الْهُدَىٰ بِدَلِيْلِهِ ... مَا ذَاكَ والتَّقْلِيْدُ مُسْتَوِيَانِ!
(الأهوا)، بالقصْر للوزنِ.

- ختامُ الأبياتِ: مع الشّعورِ بالتّفريطِ، فما لنَا إلَّا اللّجوءُ لخالقِنَا الرّحمٰنِ الرّحيمِ، الّذي يعلمُ ضعفَنا؛ فنتضرَّعُ إليهِ لنغتنمَ ما بقيَ من أعمارِنا بالعلمَ النّافعِ في دنيانَا وآخرتِنَا؛ ويغفرَ لنَا ذنوبنَا؛ فهوَ وحدَهُ يعلمَ ما جرىٰ في وادِي الفؤادِ من عبراتِ الحسراتِ والآلامِ؛ فيعوِّضَهُ باستدراكِ ما فاتَهُ من الخيرِ، فيعودُ ويحيَا بماءِ العلمِ والعملِ! فما توفيقُنَا إلَّا باللهِ، ورضاهُ -وحدَهُ لَا شريكَ لَهُ- هوَ المقصودُ، وإليهِ -جلَّ جلالُهُ- المنتهىٰ!
أسألُهُ تباركَ وتعالىٰ أنْ يجعلَ ما كتبتُ عملًا صالحًا مقبولًا...
إنّهُ عليمٌ غفورٌ رحيمٌ.
~ ~ ~
كتبتْهُ: حَسَّانَة بنت محمّد ناصر الدّين بن نوح الألبانيّ.
تاريخُ النّشرِ: الخميس/ 27/ ذو القعدة/ 1434هـ‍.