لِلْحجَّاجِ ولغَيرهِمْ.. "ذكرُ اللهِ باقٍ؛ لا ينقضِي ولا يُفرَغُ منهُ"!...



لِلْحُجَّاجِ ولغَيرهِمْ
"ذكرُ اللهِ باقٍ؛ لا ينقضِي ولا يُفرَغُ منهُ"!...

بسمِ اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصّلاةُ والسّلامُ علىٰ خاتَـمِ الأنبياءِ والمرسلينَ.. وبعدُ:
- قالَ ربُّنَا -تباركَ وتعالىٰ- في سورةِ "البقرة":
{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}[الآيات: 200- 202]

- قالَ الإمامُ ابنُ رجبَ -رحمهُ اللهُ- في "لطائفِ المعارفِ"*:
"وفي الأمرِ بالذِّكْرِ عندَ (انقضاءِ النُّسُكِ) معنًى؛ وهوَ أنَّ:
سائرَ العباداتِ تنقضِي ويُفْرَغُ منهَا، و(ذكرُ اللهِ باقٍ لا ينقضِي ولا يُفرَغُ منهُ)!
بلْ هوَ مستمرٌّ للمؤمنينَ في الدُّنيا والآخرةِ!
وقدْ أمرَ اللهُ -تعالىٰ- بذِكْرِهِ عندَ انقضاءِ الصلاةِ؛ قالَ اللهُ تعالىٰ:
{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}[النّساء: 103]
وقالَ في صلاةِ الجمعةِ:
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً} [الجمعة: 10]
وقالَ تعالىٰ: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرّح: 7- 8]
رُويَ عنِ ابنِ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: "فإذَا فرغْتَ منَ الفرائضِ؛ فانصبْ".
وعنهُ قولُهُ: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشّرح: 8]، قالَ: "في المسألةِ، وأنتَ جالسٌ".
وقالَ الحسنُ: "أمَرَهُ إذا فرغَ من غزوةٍ؛ أنْ يجتهدَ في الدُّعَاءِ والعبادةِ".
فالأعمالُ -كلُّها- يٌفرَغُ منهَا، وَ(الذِّكْرُ) لَا فراغَ لهُ ولَا انقضاءَ!
والأعمالُ تنقطعُ بانقطاعِ الدُّنيا، ولا يبقىٰ منها شيءٌ في الآخرةِ!
وَ(الذِّكْرُ) لَا ينقطعُ!
المؤمنُ يعيشُ علىٰ الذِّكْرِ، ويموتُ عليهِ، وعليهِ يُبْعَثُ!". انتهىٰ.
* من النّسخةِ المقروءةِ، طبعة دار ابن حزم، ص: (291).

- قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -في وصفِهِ لأهلِ الجنّةِ-:
((إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا، وَيَشْرَبُونَ، ولَايَتْفُلُونَ، ولَايَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ))!
قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟!
قَالَ:((جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ))!
رواهُ مسلمٌ، كتاب الجنّة، بابٌ في صفاتِ الجنّةِ وأهلِهَا وتسبيحِهِمْ فيهَا بكرةً وعشيًّا! رقم (2834).
نسألُ اللهَ الكريمَ من فضلِهِ!
~~~
الخميس: 12/ ذو الحِجَّةِ/ 1434هـ‍.