(جِئْتُ أَنْبِطُ الْعِلْمَ)... (جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ)





(جِئْتُ أَنْبِطُ الْعِلْمَ)!
(جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ)!..

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ...
الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ علىٰ رسولِ اللهِ، وبعدُ:
- عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ:
أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عسَّال الْمُرَادِيَّ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟!
قُلْتُ: جِئْتُ أنْبِطُ الْعِلْمَ!
قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ:
((مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ يَطْلُبُ الْعِلْمَ؛ إِلَّا وَضَعَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا؛ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ))!
قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟
قَالَ: نَعَمْ، كُنَّا فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهُورٍ ثَلَاثًا؛ إِذَا سَافَرْنَا، ولَا نَخْلَعْهُمَا مِنْ غَائِطٍ، ولَا بَوْلٍ).
رواهُ ابنِ حبّانَ في "صحيحِهِ"،  وقالَ عنهُ الوالدُ: "حسنٌ صحيحٌ". يُنظر: "التّعليقات الحِسان علىٰ صحيح ابن حبّان"، كتاب الطّهارةِ، باب المسح علىٰ الـخُفّينِ وغيرِهِـمَا، رقم (1322).

- معنىٰ (أنبِطُ):
- في معجم مقاييس اللّغة":
"(نَبَطَ)" النُّونُ وَالْبَاءُ وَالطَّاءُ؛ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اسْتِخْرَاجِ شَيْءٍ! وَاسْتَنْبَطْتُ الْمَاءَ: اسْتَخْرَجْتُهُ، وَالْمَاءُ نَفْسُهُ إِذَا اسْتُخْرِجَ نَبَطَ..." اهـ‍
- وفي "حاشية السّنديّ علىٰ سنن ابن ماجه":
"قَوْلُهُ (أُنْبِطُ الْعِلْمَ): مِنْ: نَبَطَ الْبِئْرَ -كَضَرَبَ وَنَصَرَ-؛ إِذَا اسْتَخْرَجَ مَاءَهُ.
وَالْمُرَادُ: أَطْلُبُ الْعِلْمَ، وَأَسْتَخْرِجُهُ مِنْ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ! وَأُحَصِّلُهُ فِي قَلْبِي!
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ -تَبَعًا لِصَاحِبِ "النِّهَايَةِ": أَيِ: اسْتَنْبَطَهُ: أَيْ: أُظْهِرُهُ وَأُفْشِيهِ فِي النَّاسِ. انْتَهَى" اهـ (1/ 100).

- وفي روايةٍ قالَ:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْمَسْجِدِ عَلَىٰ بُرْدٍ لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ!
فَقَالَ: ((مَرْحَبًا بطالبِ الْعِلْمِ! طَالِبُ الْعِلْمِ لَتَحُفُّهُ الْمَلَائِكَةُ وَتُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا، ثُمَّ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغُوا السَّمَاءَ الدُّنْيَا؛ مِنْ حُبِّهِمْ لِمَا يَطْلُبُ! فَمَا جِئْتَ تَطْلُبُ؟))
قَالَ: قَالَ صَفْوَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَا نَزَالُ نُسَافِرُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَأَفْتِنَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:
((ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ)).
"سلسلة الأحاديث الصّحيحة"، الحديث رقم (3397).

- معنىٰ (أَطلبُ):
- في "لسان العرب":
" ( طَلَبَ): الطَّلَبُ: مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ، وأَخْذِهِ!.." اهـ‍
- في معجم مقاييس اللّغة":
" (طَلَبَ): الطَّاءُ وَاللَّامُ وَالْبَاءُ؛ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَىٰ: ابْتِغَاءِ الشَّيْءِ!" اهـ‍

- قالَ أَبُو حاتمٍ -رحمهُ اللهُ- في "روضةِ العقلاء ونزهةِ الفضلاء":
"... وحُكْمُ (العاقلِ)! أنْ لا يُقَصِّرَ في سلوكِ حالةٍ تُوجِبُ لَهُ بَسْطَ الملائكةِ أجنحَتَهَا؛ رضًا بصنيعِهِ ذٰلكَ!" اهـ‍ (ص: 33)

- توجيهٌ:
قالَ العلَّامةُ: عبدُ الرَّحمٰنِ بنُ محمّدٍ بنِ قاسمٍ -رحمهُ اللهُ- في "حاشيتِهِ على الأصولِ الثّلاثَةِ":
"...والعلمُ إذَا أُطْلِقَ فالمرادُ بِهِ (العِلْمُ الشَّرعيُّ)! الَّذي تُفيدُ معرفتُهُ ما يجبُ علىٰ المكلَّفِ من أمرِ دينِهِ!.." اهـ‍ (ص: 14).
واللهُ تعالىٰ أعلم.
نرجوهُ تعالىٰ أن يكرمَنَا بطلبِ العلمِ الشّرعيِّ، وببسطِ الملائكةِ أجنحتَهَا لنَا..
إنّهُ قريبٌ مجيبٌ.
~~~
كتبتْهُ: حسّانة.
الثّلاثاء: 17/ ذو الحجّةِ/ 1434هـ‍