من
وسائلِ تحقيقِ تلكَ الدَّعوةِ: نشْرُ السِّلسلتينِ:
"الصّحيحةِ"
و َ"الضّعيفةِ"!
للوالدِ
الإمامِ (الألبانيِّ)
رحمهُ
اللهُ تعالىٰ
بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيم
الحمدُ للهِ...
والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله، وبعدُ:
ساقَ والدِي -رحمهُ الله-
في مقدِّمةِ الجزءِ الخامسِ من مصنَّفِهِ، وفريدِ فنِّهِ: "سلسلةِ الأحاديثِ
الضّعيفةِ"؛ مَا تُضْرَبُ إِلَيهِ أَكْبَادُ الإِبِلِ! فلْنتأمَّلْهُ!...
• ".. ومن الجديرِ
بالذِّكْرِ -أخيرًا- أن أقولَ:
إنَّهُ وبعدَ مُضِيِّ السَّنواتِ
الطَّويلةِ علىٰ دعوتِنَا إلىٰ:
1- وجوبِ الرُّجوعِ إلى (الكتابِ
والسُّنَّةِ)!
2- وإلىٰ مبدأِ (التَّصفيةِ)
بصورةٍ خاصَّةٍ، تصفيةِ الإسلامِ منَ البدعِ، والمنكراتِ، والأحاديثِ الضَّعيفةِ
والموضوعةِ؛ الّتي حجبتْ نورَ الإسلامَ بعضَ الوقتِ! وبدَّدَتْ جهودَ المسلمينَ في
سُبُلٍ عاقتْ مسيرتَـهُمْ وتقدُّمَهُمْ!
وجلَّ اللهُ القائلُ: {وَأَنَّ
هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُون}[1]
والّتي كانَ من وسائلِ
تحقيقِ تلكَ الدَّعوةِ: نشْرُ السِّلسلتينِ:
"الصّحيحةِ" و َ"الضّعيفةِ"؛
نجدُ أنَّنَا بدأْنَا نلمَسُ انتشارَ الوعيِ بـينَ عامَّةِ المسلمينَ، فضلًا عنْ
خاصَّتِـهِمْ، وذلكَ ببزوغِ نزعةِ (التَّحرِّي والتَّثبُّتِ) فيمَا إذا كانَ (الحديثُ)
الّذي يسمعونَهُ، أو يقرؤُونَهُ: (صحيحًا)، أَمْ (ضعيفًا)!
وما ذٰلكَ -في ظنِّي- إلَّا
بداياتُ إثمارِ البذورِ، والغراسِ الَّتي بذرْنَاهَا وغرسْنَاهَا منذُ نحوِ (نصفِ
قرنٍ من الزَّمانِ)! ولازلْنَا- بحمدِ اللهِ وفضلِهِ- مستمرِّينَ على هٰذَا، مؤكِّدِينَ
-دومًا-:
1) وجوبَ الأخذِ بما (صحَّ)
عنْ رسولِ اللهِ صلَّىٰ اللهُ عليْهِ وسلَّمَ.
2) وتركَ كلِّ ما هوَ (غيرِ
صحيحٍ)! معَ لزومِ معرفتِهِ؛ خشيةَ اعتبارِهِ دينًا!
• فإنَّ (معرفةَ الصَّحيحِ
من الضَّعيفِ)؛ سِكَّتانِ متوازيتانِ علىٰ خطٍّ واحدٍ، لا تلتقيانِ!
نعرفُ (الصّحيحِ)، ونلتزمُهُ،
وندعُو إليه!
ونعرفُ (الضّعيفَ)؛ فنحذَرُهُ،
ونحذِّرُ منُهُ!
وللهُ درُّ حذيفةَ، رضيَ
اللهُ عنْهُ؛ حيثُ قالَ:
(كَانَ النَّاسُ
يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ،
وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي!)[2]
ورحمَ اللهُ القائلَ:
"عَرَفْتُ الشّرَّ
لا لِلشّرْ ... رِ لَكِـــــــــــــنْ
لِتَــــــــــوَقّيهِ
وَمَــــــــنْ لَا يَعْـــرِفِ
الْـخَيْرَ ... منَ الشّرَّ يقعْ فيهِ"[3]
• أقولُ: هٰذِهِ الصّحوة، والحمدُ للهِ، أصبحتْ
ظاهرةً، تلمسُهَا وتسمعُ عنهَا!
فكثيرٌ من الكُتَّابِ،
والمدرِّسينَ، والخطباءِ؛ تجدُهُمْ يُعْنَوْنَ بهٰذَا الأمرِ، ويحرِصُونَ علىٰ
التزامِ ما صحَّ منْ حديثِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قدْرَ
إمكانِهِمْ!
ناهيكَ عنْ ظهورِ العديدِ
منْ طلَّابِ العلمِ الَّذينَ أَخَذُوا يتَخصَّصونَ في هٰذَا العلمِ، والَّذينَ نرجُو
لهُمُ الثَّباتَ، والفلاحَ، والإخلاصَ في طلبِهِمُ العلمَ للهِ!
• ومعَ هٰذا! فإنَّ في
السَّاحةِ -معَ الأسفِ- بوادرَ سيئةً جدًّا منْ تسلُّطِ الكثيرِ من الشبابِ علىٰ
هٰذَا العلمِ؛ للشُّهرة،ِ أوِ الـمالِ! وساعدَهُمْ علىٰ ذٰلِكَ بعضُ الطَّابعينَ،
أوِ النَّاشرينَ الَّذينَ لا هَمَّ لهُمْ إلَّا تكثيرَ مطبوعاتِهِمْ، وإملاءَ جيوبِهِمْ،
ولعلي تعرّضت لهم في بعض ما كتبتُ..".
انتهىٰ المرادُ من
كلامِهِ.
رحمهُ اللهُ تعالىٰ..
وجمعنا بهِ في الفردوسِ
الأعلىٰ..
وأعاننا علىٰ التّمسكِ
بحبلِ اللهِ وسنّةِ رسولِ اللهِ صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلَّم.
~~~
نقَلْتُهُ من مقدّمةِ المجلّد
الخامسِ للسّلسلةِ الضّعيفةِ، مكتبة المعارف، الطبعة الأولىٰ (1417هـ)، الصّفحة (7-8)، وقد تصرّفتُ شيئًا يسيرًا في
التّنسيقِ.
السّبت/ 14/ ذو الحِجّةِ/
1434هـ.