{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}

بسمِ الله الرّحمن الرّحيم

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:

قالَ اللهُ -عزَّ وجلَّ-:

{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر : 10]

 

قالَ الإمامُ ابنُ كثيرٍ -رحمَهُ اللهُ-:

"{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} يَعْنِي: الذِّكْرَ، وَالتِّلَاوَةَ، وَالدُّعَاءَ. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.

{وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (الْكَلِمُ الطَّيِّبُ): ذِكْرُ اللَّهِ، يُصْعَدُ بِهِ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-،

وَ(الْعَمَلُ الصَّالِحُ): أَدَاءُ فَرَائِضِهِ.

وَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يُؤَدِّ فَرَائِضَهُ، رُدَّ كَلَامُهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَكَانَ أَوْلَى بِهِ

وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلَامَ الطَّيِّبَ.

وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَعِكْرِمَةُ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخعِيّ، وَالضَّحَّاكُ، والسُّدِّيّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وشَهْر بْنُ حَوْشَب، وَغَيْرُ وَاحِدٍ [مِنَ السَّلَفِ] .

وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقَاضِي: لَوْلَا الْعَمَلُ الصَّالِحُ؛ لَمْ يُرْفَعِ الْكَلَامُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ: لَا يُقْبَلُ قولٌ إِلَّا بِعَمَلٍ" اهـ‍ مختَصَرًا.

"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير، ج 6، ص: 536-537، ط 2، 1432هـ‍، تحقيق : سامي السّلامة، دار طيبة، الرّياض.

 

قالَ العلَّامةُ السّعديُّ -رحمَهُ اللهُ-:

"{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}: مِنْ قراءةٍ، وتسْبيحٍ، وتحميدٍ، وتهليلٍ، وكلِّ كَلامٍ حسَنٍ طيِّبٍ، فيُرفَعُ إلى اللهِ، ويُعْرَضُ عليْهِ، ويثْني اللهُ على صَاحبِهِ بينَ الملأِ الأعْلَى

{وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} مِنْ أعْمالِ القُلُوبِ، وأعْمالِ الجوارحِ

{يَرْفَعُهُ} اللهُ -تعالى- إليْهِ أيضًا؛ كالكَلِمِ الطَّيِّبِ.

وقيلَ: و(العَملُ الصّالحُ) يَرْفَعُ (الكَلِمَ الطَّيِّبَ)،

فيكونُ رفْعُ الكَلِمِ الطَّيِّبِ بحَسَبِ أعْمالِ العَبْدِ الصَّالِحَةِ؛ فهيَ التي تَرْفَعُ كَلِمَهُ الطَّيِّبَ،

فإذَا لمْ يَكُنْ لَهُ عملٌ صَالِحٌ؛ لمْ يُرْفَعْ لَهُ قولٌ إلى اللهِ -تعالى-،

فهذِهِ الأعمالُ التي تُرْفَعُ إلى اللهِ -تعالى-، ويَرفَعُ اللهُ صاحِبَها ويُعِزُّه" اهـ‍

واللهُ تعالى أعلمُ.

* "تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنان"، ص: 685، ط4، 1426هـ‍‍‍‍‍،

تحقيق: عبد الرّحمن بن معلّا اللّويحق، مؤسّسة الرّسالة، بيروت.