وَقْفَةٌ مَعَ منْظومَةِ: الدُّرَّةِ الألْفِيَّةِ فِي عِلْمِ العرَبيَّة.. وناظِمِها يَحْيَى بْنِ مُعْطٍ الزَّوَاويّ المغْربيّ
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمدُ للهِ، والصَّلَاةُ والسَّلَامُ
على رسولِ اللهِ، أمَّا بعدُ:
ففيما كانَ المرءُ يَظنُّ أنَّ
(ألفيَّةَ ابنِ مالكٍ) في النَّحو، هي الألفيةُ الوحيدةُ في هذا البابِ، وإذْ بِهِ
يحظى بِألفيَّةٍ أخرى، قدْ حوتْ منَ المزايا ومنَ الدُّرِرِ النَّحويَّةِ ما
صدقَ عليهِ اسمُها:
(((الدُّرَّةُ الألْفِيَّةُ فِي عِلْمِ
العرَبيَّة)))
فهذِهِ معلوماتٌ قيِّمةٌ عَنِ
المنظومةِ وعَنْ نَاظِمِها -رحمَهُ اللهُ تعالى-
لَخَّصْتُها ** ورتَّبتُها على شكلِ فقراتٍ، مع تصرُّفٍ يسيرٍ بتعليقاتٍ يسيرةٍ،
وضمَّنْتُها بعضَ أبياتِ الألفيَّةِ حيثُ ناسبَ الاسْتشْهادَ بها، مع إيرادِ رقم البيتِ؛
آملةً أن تكونَ فوائدَ نافعةً نديَّةً؛ تَسْقِي صحراءَ جَهْلِنا؛ فينبُتُ معها علمٌ نافعٌ، بتوفيقِ ربِّنا.
لَخَّصْتُها ** ورتَّبتُها على شكلِ فقراتٍ، مع تصرُّفٍ يسيرٍ بتعليقاتٍ يسيرةٍ،
وضمَّنْتُها بعضَ أبياتِ الألفيَّةِ حيثُ ناسبَ الاسْتشْهادَ بها، مع إيرادِ رقم البيتِ؛
آملةً أن تكونَ فوائدَ نافعةً نديَّةً؛ تَسْقِي صحراءَ جَهْلِنا؛ فينبُتُ معها علمٌ نافعٌ، بتوفيقِ ربِّنا.
وقْفَةٌ
مَع مَنْظُومَةِ:
الدُّرَّةِ
الألْفِيَّةِ فِي عِلْمِ العرَبيَّة
أ) معَ
النَّاظم
1- اسمُ النَّاظمِ ونَسَبُهُ:
يَحْيَى بنُ عبدِ المعْطي بنِ عبدِ
النُّورِ الزَّوَاويِّ المغْربيِّ.
وقد سطَّرَهُ في أوَّلِ بيتٍ في
ألفيَّتِهِ:
1- يَقُولُ رَاجِي رَبِّهِ الغَفُورِ
... يَحْيَى بنُ مُعْطٍ بْنِ عَبْدِ النُّورِ
وفي ختامِها:
1019- نَظَمَها يَحْيَى بْنُ مُعْطِ
المغْرِبيْ ... تَذْكِرَةً وَجيزَةً لِلْمُعْرِبِ!
وكُنيتُهُ أبو الحسين، ولُقِّبَ بـ
(زين الدّين).
2- ولَادَتُهُ ووفاتُه:
- وُلِدَ عام (564) للهجرةِ
في مدينةِ (بجاية) ، وهي ميناءٌ يقعُ
على ساحلِ البحرِ المتوسِّطِ، شرقَ الجزائر.
فهناك كانتْ تسكنُ قبيلتُهُ (زَواوة)،
قبيلةٌ كبيرةٌ بظاهرِ (بجاية)، من عمل إفريقية
فهُوَ من أهلِ الجزائر.
- تُوُفِّيَ سنة (628) للهجرة، في
مدينةِ (القاهرة) بمصْر.
فقدْ عاشَ أربًعا وستّين (64) عامًا،
رحمَهُ اللهُ تعالى.
3- مكانته العلميّة:
نَحْويٌّ فقيهٌ، لُقِّبَ بـ (شيخ
النَّحوِ)!
كان إمامًا مُبرّزًا في عِلْمِ اللّسان، شاعرًا
مُحسنًا.
صنّفَ التّصانيف الأدبية كـ
"الفصول"، و"الألفية"، و" أرجوزةٌ في القراءات
السّبع".
فلَهُ نَظْمٌ ونثرٌ، وتَخَرَّجَ بِهِ
أئمَّةٌ بمصرَ ودمشق
حيث رحلَ إلى دمشقَ مدّةً، وأقرأَ فيها
النّحْو
ثمّ إلى مصرَ، وتصدَّر بالجامعِ
العتيق،في القاهرة، وحمَلَ النّاس عنه.
وبقيَ هناكَ يُقْرِئُ النَّاسَ الأدبَ
والنَّحوَ، إلى أنْ وافَتْهُ المنيَّةُ! فدُفِنَ فيها...
رحمَهُ اللهُ تعالى.
4- عمرُهُ لمَّا نظَمَ ألفيَّتُهُ:
انتهى منْ نَظْمِ ألفيَّتِهِ في عام
(595)؛ أي: وهوَ ابنُ واحدٍ وثلَاثينَ (31) ربيعًا!
فسُبحانَ الملِكِ والوهَّاب!
5- ريادتُه في استعمالِ لفظِ (الألفية) في المنظوماتِ:
يُعَدُّ (ابنُ مُعُطٍ) الرَّائدُ في
اسْتِعْمالِ لَفْظِ (الألْفيَّةِ) في أشعارِهِ
فقدْ أطْلَقَ هَذِهِ التّسميَةَ على
منظومَتِهِ النَّحويَّةِ؛ حيثُ قال:
1018 -
..............................................
... هَذَا تَمامُ الدُّرَّةِ
(الألفِيَّةِ)!
1019- نَظَمَها يَحْيَى بْنُ مُعْطِ
المغْرِبيّ ... تَذْكِرَةً وَجيزَةً لِلْمُعْرِبِ!
فـ(ابنُ مُعْطٍ) صاحبُ الفضْلِ في هذا
الشَّاْنِ؛ لأَنَّهُ فَتَحَ البابَ لمنْ أتى بَعْدَهُ:
كابنِ مالكٍ (ت672هـ)،
والآثاريّ(ت828هـ)، والسُّيوطيّ (ت911هـ).
فألفيَّةُ ابنِ مالِكٍ -رحمَهُ اللهُ-
جاءتْ بعدَ (ألفيةِ ابنِ معطٍ)!
وقدْ أثنى عليهِ ابنُ مالكٍ لِسبْقِ
فضْلِهِ في ذلكَ، حيثُ قالَ في المقدِّمة:
5 -
..............................................
... فَائِقَةً (أَلْفِيّةَ ابْنِ مُعْطِيْ)!
6- وَهْوَ (بِسَبْقٍ) حَائِزٌ تَفْضِيلَا
... مُسْتَوجِبٌ ثَنَائِيَ الجَمِيلَا!
فرحمَهُمُ اللهُ أجمعين.
ب) معَ
المنظومة
1- اسمُ المنظومةِ:
قالَ -رحمَهُ اللهُ- في خاتِمَتها:
1018 -
.......................
... هَذَا تَمامُ (الدُّرَّةِ
الألفِيَّةِ)!
وتُسمَّى أيضًا: "الدُّرَّةِ
الأَلْفِيَّةِ ألفيَّةُ ابنُ مُعْطِي في النَّحْوِ والصَّرْفِ والكتابةِ".
هكذا وجدتُّ اسْمَها على غلافِ
متْنِها المطْبوع.
وتُسمَّى أيضًا: "الدُّرَّةِ الأَلْفِيَّةِ فِي عِلْمِ العرَبيَّة". كما وردَ داخل متْنِها المطْبوع.
وتُسمَّى أيضًا: "الدُّرَّةِ الأَلْفِيَّةِ فِي عِلْمِ العرَبيَّة". كما وردَ داخل متْنِها المطْبوع.
فالِاسمُ المشتركُ بين هذه العناوين: (الدُّرَّةُ
الألفيَّة).
2- بحرُها:
نظمَ ابنُ مُعطٍ ألفيَّتَهُ على
بحْرَين:
1) بحر الرَّجز
2) البحر السّريع
مما ميَّزَ منظومتَهُ، إذْ إنَّ هذه
الطّريقةَ غيرُ مألوفةٍ في النَّظم.
قال في (المقدِّمَة):
13- لَا سِيَّما مَشْطُورَ بحْرِ
(الرَّجَزِ ) ... إِذَا بُنِيْ عَلَى ازْدِواجٍ مُوجَزِ
14- أَوْ ما يَضاهِيهِ منَ
(السَّريعِ) ... مُزْدَوِجَ الشُّطُورِ كالتَّصْريعِ
3- عددُ أبياتِها:
(1021) بيتًا!
قالَ في مقدِّمةِ منظومتِهِ:
11-
أُرْجُوزةٌ وَجِيزَةٌ في النَّحوِ ... عِدَّتُهُا (أَلْفٌ) خَلَتْ مِنْ
حَشْوِ!
وقدْ تمَّ طرحُ سؤالٍ على الشَّيخِ
الكونيّ -حفظَهُ اللهُ- عن سببِ تسميتِهم
(ألفيَّة) مع أنها تزيدُ عن ذلكَ، فأفادَ -جزاهُ اللهُ خيرًا-: "يُسَمُّونَ
(ألْفيّة) وإن زادتْ على ألفِ بيتٍ؛ وذلِكَ بناءً على الغالبِ" انتهى.
4- أهمّيَّتُها:
هي (أوَّلُ) منظومةٍ في (أَلْفِ) بيتٍ
-كما سبق-
وفي عِلْمِ (النَّحْوِ) الذي هو من
أهمِّ العلومِ .
5- من ثناءِ العلماءِ على الألفيّة:
قالَ العلّامةُ شهابُ الدِّين الرّعينيّ
الغرناطيّ المالكيّ -رحمَهُ اللهُ- وهو أحدُ شُرَّاحِ هذهِ الألفيَّة:
- يا طَالبَ النَّحْوِ ذَا اجْتِهادِ
... تَسْمُو بِهِ في الورَى وتَحْيا!
- إِنْ شِئْتَ نيلَ المرادِ فَاقْصِدِ
... أُرْجُوزةً لِلْإِمَامِ يَحْيَى!
- - -
إلى هنا ينتهي ما اختصرْتُهُ من
معلوماتٍ.
تَدعو المرءَ لنهلِ المزيدِ من أبياتِ
هذه المنظومة
لذا سآتي فيما يلي على بعضِ دُرَرِها.
***
تَعْرِيفُ الفِعْلِ وتَعْرِيفُ الحَرْفِ
21- وَ الْفِعْلُ مَا دَلَّ عَلَى زَمَانِ .... وَ مَصْدَرٍ دِلاَلَةَ اقْتِرَانِ
22-
وَ الْحَرْفُ لاَ يُفِيدُ مَعْنًى إِلاَّ ... فِي غَيْرِهِ كَهَلْ أَتَى الْمُعَلَّى
عَلَامَاتُ إعْرَابِ المضارِعِ
115- وَ ارْفَعْ مُضَارِعًا صَحِيحَ الآخِرِ
... مِثْلَ يَقُومُ بِانْضِمَامٍ ظَاهِرِ
116- وَانْصِبْهُ بِالْفَتْحِ وَ إِنْ تَجْزِمْ سَكَنْ ... وَ الرَّفْعُ
فِي مُعْتَلِّهِ لَمْ يُسْتَبَنْ
117- وَ النَّصْبُ فِيهِ بَانَ إِلاَّ فِي الأَلِفْ .... وَ فِي انْجِزَامِهِ
أَخِيرُهُ حُذِفْ
أَسْمَاءُ الإِشَارَةِ
384- أَمَّا الإِشَارَاتُ فَفِيهَا رُتَبُ ... فِي الْقُرْبِ وَ الْبُعْدِ
كَمَا تُرَتَّبُ
385- هَذَا يَلِيهِ ذَاكَ ثُمَّ ذَلِكَا ... هَاتَا تَلِيهَا تِيكَ ثُمَّ تَالِيكَا
386- هَذَانِ ثُمَّ ذَانِ ثُمَّ ذَانِكَا
... هَاتَانِ ثُمَّ تَانِ ثُمَّ تَانِكَا
387- وَ هَؤُلاَءِ وَ أُولَى أُولَئِكَا ... وَ فِي الْمُخَاطَبَةِ
قُلْ مِنْ ذَلِكَا
388- كَيْفَ تَرَى ذَاكَ الْفَتَى يَا سَعْدُ ... وَ كَيْفَ ذَلِكَ
الْفَتَى يَا دَعْدُ
389- وَ كَيْفَ ذَاكُمُو الْفَتَى يَا فِتْيَتِي ... وَ كَيْفَ ذَاكُنَّ
الْفَتَى يَا نِسْوَتِي
390- فَذَا وَ تَا اسْمُ مَنْ لَهُ أَشَرْتَا ... وَ الْكَافُ حَرْفُ
مَنْ لَهُ خَاطَبْتَا
وختامُ المنظومة:
1019- نَظَمَهَا يَحْيَ بْنُ مُعْطِ الْمَغْرِبِي
.... تَذْكِرَةً وَجِيزَةً لِلْمُعْرِبِ
1020- وَفْقَ مُرَادِ الْمُنْتَهَى وَ النَّشْأَهْ ... فِي الْخَمْسِ
وَالتِّسْعِينَ وَالْخَمْسِ الْمائَهْ
1021- وَ الْحَمْدُ للّهِ بِهِ أَعْتَصِمُ ... ثُمَّ عَلَى نَبِيِّهِ
أُسَلِّمُ.منظومة بأكملها.
وأخيرًا: ولالتقاطِ سائرِ دُرَرِها، ينبغي لنا العودةَ
إلى عِقِدِ هذهِ المنظومةِ بأكملِها...
رحِمَ اللهُ ناظِمَها على ما أفادَ في
هذا العلْمِ وأمْتَعَ
سُبحانَك لَا عِلْمَ لنا إلَّا ما
علَّمْتنا؛ إِنَّكَ أنتَ العليمُ الحكيم.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا مُحَمَّدٍ
وعلَى آلِهِ وسلَّم.
كَتَبَتْهُ: حَسَّانُةُ بنتُ
مُحَمَّدٍ ناصرِ الدّينِ الألبانيّ
الإثنين 13 ربيع الأوّل 1438 هـ
** المصادر التي اختصرْتُ منها معلومات الموضوع:
- أغلبهُا من: مقدِّمةِ مطْبوعَةٍ للمنظومة،
لسُلَيمانُ البلكيمي، طبْعةِ دارِ الفَضَيلة، القاهرة.
- وباقيها من: "سير أعلام النبلاء"، و"تاريخ
الإسلام". وكلاهما للذهبيّ.