قالَ العلامة ربيع المدخليّ: "لماذا يستمرُّ هذا النبيُّ العظيمُ كلَّ هذهِ الآماد الطَّويلةِ! " من كتابه: "منهجُ الأنبياءِ في الدّعوةِ إلى الله فيه الحكمةُ والعقلُ"





"لماذَا اسْتَمَرَّ نوحٌ عليهِ السَّلامُ يدْعُو إلى (التَّوحِيدِ)
كلَّ هذِهِ الآمَادِ الطَّويلةِ!!"
للعلّامةِ:
ربيعٍ المدخليِّ
حفظهُ اللهُ

بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ الرَّحِيم...
قالَ العلَّامةُ: أبو محمّدٍ ربيعٍ بنِ هادي المدخليّ -حفظهُ اللهُ تعالى- في كتابهِ الذي يجدرُ بكلِّ مسلمٍ أن يقرأَهُ:  "منهجُ الأنبياءِ في الدّعوةِ إلى الله فيه الحكمةُ والعقلُ"!  -وذلكَ بعدَ أن ساقَ الآياتِ الكريمةِ (1-25) من سورةِ نوحِ:
"...وهنا نتساءلُ!
لماذا يستمرُّ هذا النبيُّ العظيمُ كلَّ هذهِ الآماد الطَّويلةِ!
ويبذلُ هذهِ الجهودَ الكبيرةَ، دونَ كللٍ أو مللٍ؛ يدعُو إلى مبدأ (التَّوحيد)؟!!

 ولماذا يمدحُهُ اللهُ، ويثني عليهِ الثَّناءَ العاطرَ؟
ويخلِّدُ ذكرَهُ، ويجعلُهُ في عدادِ الرُّسُلِ أولي العزْمِ؟

هلْ (دعوةُ التَّوحيدِ) تستحقُّ كلُّ هذهِ العنايةِ والإكبارِ؟

هلْ هذَا (المنهجُ)، وتحديدُ هذا المنطلقِ لهذا النَّبيِّ الكريمِ مجانبٌ (للمنطقِ والحكمةِ والعقلِ)؟

أو أنَّهُ عينُ الحكمةِ، ومقتضى المنطقِ الصَّحيحِ، والعقلِ الواعي الرَّجيحِ؟

لماذا يُقِرُّهُ اللهُ على سلوكِ هذا المنهج في الدَّعوةِ طوالَ (ألفَ سنةٍ إلَّا خمسينَ عامًا)! ويشيدُ بهِ، ويخلِّدُ اسمَهَ وقصصَهُ، ويكلِّفُ أعظمَ الرُّسُلِ، وأعقلَ البشرَ؛ أنْ يجعلَ منهُ (أسوةً) في دعوتِهِ وصبرِهِ؟

الجوابُ المنصفُ القائمُ على العقلِ والحكمةِ، ومعرفةِ مكانةِ النُّبوَّةِ، والثِّقةِ العظيمةِ فيها، وتقديرِها حقَّ قدْرِها:
أنَّ (دعوةَ التَّوحيدِ)
و(محاولةَ القضاءِ على الشِّركِ)
و(تطهيرَ أرضِ اللهِ منهُ) تستحقُّ كلَّ هذا!!
وأنَّهُ عينُ الحكمةِ! 
ومقتضى الفطرةِ والعقلِ!
وأنَّ الواجبّ على كلِّ (الدُّعاةِ إلى اللهِ) أن يفهمُوا هذا المنهجَ!
وهذهِ الدعوةَ الإلهيَّةَ العظيمةَ! والمطلبَ الكبيرَ!
فيكرِّسُوا كلَّ جهودِهِمْ وطاقَتِهمْ لتحقيقِهِ ونشرِهِ في أرضِ اللهِ كلِّها!
وأن يتعاونوا ويتكاتفُوا ويتَّحِدُوا، ويُصَدِّقُ بعضُهم بعضًا
كما كانَ الرُّسلُ (((دعاةُ التَّوحيدِ))) ! ويبشِّرُ سابقُهم بلاحِقِهمْ!
ويصدِّقُ لاحقُهمْ سابقَهُ!
ويؤيِّدُ دعوتَهُ، ويسيرُ في مضمارِهِ!

يجبُ أن نعتقدَ أنَّهُ لو كانَ هناكَ منهجٌ أفضلُ وأقومُ من هذا المنهجِ؛ لاختارَهُ اللهُ لرسلِهِ، وآثرَهُمْ بهِ!

فهلْ يليقُ بمؤمنٍ أن يرغبَ عنهُ، ويختارَ لنفسِهِ منهجًا سواهُ! ويتطاولُ على هذا المنهجِ الرَّبَّانيِّ، وعلى دعاته؟!!!".
انتهى كلامُهُ -حفظهُ اللهُ تعالى-
وجزاهُ عنِ الأمّةِ الإسلاميّةِ خيرَ الجزاء.
والسّطور، من صفحة (42-43). ط1 (1428هـ‍)، دار الآثار.

- - -
السّبت 18 جمادى الثّانية 1435