بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله أمّا بعد:
• قالَ الإمامُ ابْنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ- في منظومتهِ "الكافية الشّافية":
4092- واجْعلْ جلُوسَكَ بيْنَ صَحْبِ مُحَمَّدٍ ... وتلَقَّ مَعَهُمْ عنْهُ بِالإِحْسَانِ!
4093- وتَلَقَّ عنْهُمْ ما تلَقَّوهُ هُمُ ... عنْهُ مِنَ الإِيمَانِ والعِرفَانِ!
4094- أفلَيسَ في هذا بَلاغُ مُسافِرٍ ... يبغي الإلَهَ وجنَّةَ الحَيَوَانِ!
4095- لولَا التَّنافُسُ بينَ هذا الخَلْقِ ما ... كانَ التَّفَرُّقُ قَطُّ في الحُسبانِ!
• قالَ العلَّامةُ العثيمينُ -رحمَهُ اللهُ- في شرحِهِ* لتلكَ الأبيات شرحًا زادَها عمقًا وجمالًا:
4092- واجْعلْ جلُوسَكَ بيْنَ صَحْبِ مُحَمَّدٍ ... وتلَقَّ مَعَهُمْ عنْهُ بِالإِحْسَانِ!
يعني:
اِجْعَلْ كأنَّكَ معَ الصّحابةِ؛ تسمعُ كلامَ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وترى أفعالَهُ، لتكونَ مثلَهُم في الاِتِّباع!
4093- وتَلَقَّ عنْهُمْ ما تلَقَّوهُ هُمُ ... عنْهُ مِنَ الإِيمَانِ والعِرفَانِ!
إذا قالَ قائلٌ: كيفَ أتَلَقَّى عَنْهُم؟!
نقولُ:
الحمدُ للهِ، هذِهِ الأمَّةُ حفظَ اللهُ دينَها بـ(السَّنَدِ)؛ اقْرَأْ: (حدَّثَنا فلانٌ عنْ فلانٍ عنْ فلانٍ) حتى تصلَ إلى (الرّسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ)!
4094- أفلَيسَ في هذا بَلاغُ مُسافِرٍ ... يبغي الإلَهَ وجنَّةَ الحَيَوَانِ!
الجوابُ: بلى!
"بلاغُ المسافرِ": الزّادُ الذي يبلِّغُهُ مقصَدَهُ.
يعني: فأنتَ الآنَ إذا أخذْتَ بما قُلتُهُ لكَ؛ فقدْ أخذْتَ بلاغَ المسافرِ الذي يُوصِلُهُ إلى مُنتهى سفرِهِ.
4095- لولَا التَّنافُسُ بينَ هذا الخَلْقِ ما ... كانَ التَّفَرُّقُ قَطُّ في الحِسبانِ!
يعني: لولا التّنافسُ بينَ (الخلقِ) في (الحقِّ)، لولا هذا؛ "ما كانَ التَّفَرُّقُ قَطُّ في الحُسبانِ"! ولكان النّاسُ أمَّةً واحدةً؛ ولكنَّهُمْ تنافسُوا فـ(تفرَّقوا)، أو: تنافسُوا فـ(اختلفُوا)!" اهـــــ.
- - -
* نقلتُ الشّرْحَ من كتاب: "شرح القصيدة النّونيّة المسمّاة: الكافية الشّافية في الانتصار للفرقة النّاجية"، تأليف العلّامة محمّد بن صالح العثيمين والعلّامة عبد الرّحمن بن ناصر السّعديّ مع تعليقات مهمّة للعلّامة محمّد خليل هَرَّاس، ج4، ص 202، ط1، 1429هـ، مكتبة الطّبريّ للنّشر والتّوزيع، القاهرة، عين شمس.
ملاحظة: كلمة (لولا التّنافس) في البيت : 4095، نقلتُها كما وردتْ في الكتاب، لكن في نسخٍ أخرى للمتن وجدتُها: (لولا التَّناوش)، فاللهُ أعلم.
الخميس 1 ربيع الأوّل 1443 هـــــ