في تفسير الآية (50) من سورة الأعراف: "يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ذِلَّةِ أَهْلِ النَّارِ، وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ (شَرَابِهِمْ وَطَعَامِهِمْ)، وَأَنَّهُمْ لَا يُجَابُونَ إِلَى ذَلِكَ!"



بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم...
طَلَبُ أَصْحَابِ النَّارِ مِنْ أَصْحَابِ الجَنَّةِ (الطَّعَامَ والشَّرابَ)! فَهَلْ يُجَابُ طَلَبُهُمْ!

قالَ ربُّنا تبارَكَ وتَعَالى في سورةِ "الأعْراف":
{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [50]

جاءَ في "تفسير ابن كثير":
"يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ذِلَّةِ أَهْلِ النَّارِ، وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ (شَرَابِهِمْ وَطَعَامِهِمْ)، وَأَنَّهُمْ لَا يُجَابُونَ إِلَى ذَلِكَ!
قَالَ السُّدِّي: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}؛ يَعْنِي: الطَّعَامَ!
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: (يَسْتَطْعِمُونَهُمْ وَيَسْتَسْقُونَهُمْ)!
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: يُنَادِي الرَّجُلُ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ فَيَقُولُ: قَدِ احْتَرَقْتُ! أَفِضْ عَلَيَّ مِنَ الْمَاءِ! 
فَيُقَالُ لَهُمْ: أَجِيبُوهُمْ. فَيَقُولُونَ: {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}؛ يَعْنِي: (طَعَامَ الْجَنَّةِ وَشَرَابَهَا)!" اهـ‍ مختصَرًا.

• "تفسير القرطبيّ":
" قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَنادى) قِيلَ: إِذَا صَارَ أَهْلُ الْأَعْرَافِ إِلَى الْجَنَّةِ؛ طَمِعَ أَهْلُ النَّارِ؛ فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا! إِنَّ لَنَا قَرَابَاتٍ فِي الْجَنَّةِ؛ فَأْذَنْ لَنَا حَتَّى نَرَاهُمْ وَنُكَلِّمَهُمْ! -وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَعْرِفُونَهُمْ لِسَوادِ وجُوهِهِمْ!- فيَقُولُون: {أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}: فَبَيَّنَ أَنَّ ابْنَ آدَمَ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ (الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) وَإِنْ كَانَ فِي الْعَذَابِ!
{قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ)}؛ يَعْنِي: (طَعَامَ الْجَنَّةِ وَشَرَابَهَا)!" اهـ‍ مختصَرًا.

"تفسير البغويّ":
"قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا صَارَ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ إِلَى الْجَنَّةِ؛ طَمِعَ أَهْلُ النَّارِ فِي الْفَرَجِ، وَقَالُوا: يَا رَبِّ! إِنَّ لَنَا قَرَابَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَأْذَنْ لنَا حَتَّى نَرَاهُمْ ونُكَلِّمُهُمْ! فينُظُرُونَ إِلَى قَرَابَتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَمَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، فَيَعْرِفُونَهُمْ، وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ لِسَوَادِ وُجُوهِهِمْ! فَيُنَادِي أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ بِأَسْمَائِهِمْ، وَأَخْبَرُوهُمْ بِقَرَابَاتِهِمْ! {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ}؛ يَعْنِي: (الْمَاءَ وَالطَّعَامَ)" اهـ‍

"تفسير السعديّ":
"أيْ: يُنَادِي أصْحَابُ النَّارِ أصْحَابَ الجنَّةِ، حِينَ يبْلُغُ مِنْهُمُ العَذَابُ كُلَّ مبْلَغٍ! وحِينَ يمسُّهُمْ (الجُوعُ المفْرِطُ)! و(الظَّمَأُ الـمُوجِعُ)! يَسْتَغِيثُونَ بِـهِمْ، فيقولُونَ: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}: مِنَ (الطَّعامِ)، فأجَابَهُمْ أهلُ الجنَّةِ بقَولِهِمْ: {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا}؛ أيْ: (مَاءُ الجنَّةِ) و(طَعَامُهَا)!.." اهـ‍

= نعوذُ باللهِ منَ النّار!
- - -
السّبت 30 شوّال 1436هـ‍