التَّثَاقُلُ عَنْ
(تَعَلُّمِ) وَ(تَعْلِيمِ) تَجْوِيدِ سُورَةِ (الفَاتِحةِ)!
بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ
الرَّحِيم...
إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ
ونستعينُهُ
من يهْدِهِ اللهُ فلَا مضلَّ لهُ، ومن
يُضللْ فلَا هاديَ لهُ
وأشهدُ أنْ لَا إلَٰهَ إلَّا اللهَ
وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا عبْدُهُ ورسولُهُ أمَّا بعدُ...
• فمَعَ أنَّ (سُورةَ الفاتِحةِ)
نَقرَؤُها فِي كُلِّ صَلَاةٍ (فرائِضَ وَنَوافِلَ)!
وَمِعَ أنَّهَا مِنْ (أَوَائِلِ
السُّوَرِ) الّتي نحفَظُها مُنذُ (الطّفولةِ)!
وَمِنَ (السُّوَرِ القَصيرَة)!
مَعَ ذَٰلِكَ؛ تَرَكْنَا
أَلْسِنَتَنا هَمَلًا فِي قراءَتِها!
ظَانِّين أنَّنا نَتْلُوهَا بلِسانٍ
عَرَبِيٍّ مُبينٍ!
بينمَا (الحَالُ والواقِعُ) لا
يُنْبِي عَنْ ذَلِكَ البَتَّة!
- فمنَّا مَنْ يُخفِّفُ شَّدَّةَ الرّاء
في{الرَّحْمَنِ}، {الرَّحِيمِ}، والياءِ في {إيَّاكَ}؛ فيقرؤُها حَرفًا واحدًا!
- وآخرُ يُرقِّقُ (الصّادَ) فِي {الصِّرَاطَ}،
حتَّى الْتَبَسَتْ بـ (السّينِ)! -وَهَذا في رواية حَفص-.
- والعكسُ هنا! يُفخِّمُ (السِّينَ)
في {الْمُسْتَقِيمَ}؛ حتَّى تُسمَعَ كَأَنَّها (صَادٌ)!
- أمَّا {وَلَا الضَّالِّينَ}، فَحَدِّثْ
عَنْ قَلبِ (ضادِهَا) إلىٰ (دالٍ مفخَّمةٍ)! أو (ظَاءٍ)، ونَقْصِ مدِّ (ألِفِها)، وتخفيفِ
(لامِها المشدَّدةِ)! وما في ذَٰلكَ من تغييرٍ وتحريفٍ للمعنَىٰ!
- عَدَا عنِ (اللّحونِ) الأخرىٰ؛ كعدمِ
(إِتمامِ) الحركاتِ في نحوِ {رَبِّ}، {الرَّحْمَنِ}، {الرَّحِيمِ}،{مَالِكِ يَوْمِ}،
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، {اهْدِنَا}...
- وتلاوَتِها مِنْ مَطْلَعِها إلىٰ
آخِرِها بنَفَسٍ واحدٍ، معَ أنَّ الوقفَ علىٰ رؤوسِ الآياتِ سُنَّةٌ مُطْلَقًا!
- وتركِ التّغنّي!..
- وغيرِ ذَٰلِكَ مِن الأخطاءِ (الجليّةِ
والدّقيقةِ) الَّتي نغفلُ عن أهمّيَّةِ وضرورَةِ التَّخلُّصِ منها!
• فَلِمَ هَٰذا (التّفريطُ) فِي تَصْحِيحِ
أخطائِنا، وتقويمِ ألسنَتِنَا في تلاوتِهَها! وبقائِنا علىٰ قراءَتِنا الأولىٰ
ونحنُ في سنِّ الطّفولةِ! رغمَ تكرارِنا لها في (صلَواتِنا)! وبالتّالي تكرارِ
أخطائِنا فيها!
• وعلامَ الزُّهدُ وعدَمُ الحرصِ
علىٰ (تعلُّمِ) تلاوتِها تلاوةً صحيحةً قويمةً؛ معَ أنَّ البعضَ يُدْرِكُ أنهُ لا
يُجيدُ تلاوتِها؛ لدرجةٍ تَجْعَلُهُ يُعْرِضُ عن (الإمامةِ في الصَّلاةِ)! خجَلًا
منْ أنْ يسمعَ النّاسُ أخطاءَهُ ولحنَهُ فيها!
• والعَجَبُ منْ عدمِ مسَارَعةِ (الماهرِينِ
في تلاوتِها) إلى اغْتنامِ تعليمِهَا (للأطفالِ) قُبَيْلَ أن يسبقَهُم غَيرُهُم
إلى هَٰذا (الفضْلِ)!
فكلَّما قرأَهَا ذاكَ (الطّفلُ)
وكرَّرَها في طفولتِهِ، ثمَّ شبابِهِ، ثمَّ شيخوختِهِ، في (الصّلاةِ) و(خارِجها)؛ كان
لِذاكَ المعلِّمِ (السَّبقُ) إلىٰ (ثوابِ تعلِيمِها) -إن شاءَ اللهُ تعالىٰ-!
فيكونُ أجرُ ترتيلِ هَٰذا (الطّفلِ)
منذُ نشأتِهِ إلى ما كتبَ اللهُ لَهُ منَ الحياةِ؛ في ميزانِ حسناتِ ذاكَ (المقرئِ
السَّبَّاقِ الفَطِنِ لموَاطِنِ الخَيراتِ)!
• عن أبِي مالكٍ الأشجعيِّ، عنْ
أبيهِ قالَ:
قالَ رَسولُ اللهِ صلَّىٰ اللهُ
عليهِ وسلَّمَ:
((مَنْ عَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ كانَ لَهُ ثوابُهَا مَا تُليَتْ))!
صحَّحَهُ والدِي -رحمهُ
اللهُ تعالىٰ-، في "سلسلته الصّحيحة"، الحديث رقم (1335).
•
((كانَ لَهُ ثوابُهَا مَا تُليَتْ))!
وهَٰذا الأجرُ في (آيةِ) فكيف
بـ(آياتٍ)! فكيفَ بسورةٍ تتكرَّرُ تلاوةُ آياتِـها كُلَّ يومٍ وكلَّ صلاةٍ!
• فـ(لِلْمُعلِّمين): البدَارِ إلىٰ
بذْلِ تعليمِ تجويدِ (سورةِ الفاتحةِ) لمن يتيسَّرْ مِنَ الصّغارِ فضْلًا عنِ
الكبارِ، رَغِّبوهُمْ وحثُّوهُمْ! حتَّىٰ يُرَتِّلُوها مَليحةَ الحروفِ، مُحكمَةَ
التّرقيقِ والتَّفخيم؛ فتتبيَّنُ المعَاني، وتنجلِي!
و(للكبارِ والصِّغارِ): سجِّلُوا تلاوتَكُمْ
لسورةِ (الفاتحةِ) كي تسمعُوا مدىٰ إتقانِكُمْ لها، وتقفُوا على حجْمِ الأخطاءِ في
أدائِهَا؛ وسارعُوا إلىٰ الأخذِ بالأسبابِ لتعلُّمِ تجويدِها، وإعطاءِ حروفِها
حقَّهَا ومُستحقَّها؛ فإنَّه ميسَّرٌ وسهلٌ لمنْ حرصَ وجاهدَ وسعىٰ مُستعينًا
باللهِ عزَّ وجلَّ!
قالَ رَبُّنا تباركَ وتعالىٰ:
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ
فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}[القمر: 17]
ولقدِ استمعتُ لبعضِ منِ التقيتُ منَ
الأخواتِ (مِنَ الأعاجمِ الـمُسْلِمَاتِ حديثًا!) يتلونَ (سورةَ الفاتحةِ) بحرصٍ
شديدٍ عندَ الأداءِ! متوخِّيَاتٍ إجادَتَها حتّٰى في نُطْقِ (الضّادِ) من مخرَجِها
الصّحيحِ!
قالَ سُبحانَهُ: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: 58]
واللهُ الموفِّقُ للجميعِ...
وصلَّى اللهُ علىٰ نبيِّنا محمَّدٍ
وعلى آلِهِ وسلَّم.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
كتبتْهُ: حَسَّانَة بنت محمّد ناصر
الدّين بن نوح الألبانيّ.
الثّلاثاء 2 رجب 1436هـ