صلاةُ (الجماعةِ) في (المسجدِ) سُنّةُ نبيِّكُمْ محمّدٍ صلّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ!

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ

صلاةُ (الجماعةِ) في (المسجدِ)
سُنّةُ نبيِّكُمْ محمّدٍ صلّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ!
 
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، فَقَالَ:
((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْهَا، فَآمُرَ بِهِمْ فَيُحَرِّقُوا عَلَيْهِمْ، بِحُزَمِ الْحَطَبِ بُيُوتَهُمْ، وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَهَا!)). يَعْنِي صَلَاةَ الْعِشَاءِ (1)

وعَنْ أبي الأحوصِ قالَ: قالَ عَبْدُ اللهِ (2):
(لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ، أَوْ مَرِيضٌ! إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ)!
وَقَالَ:
(إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى: الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ)!
وَفِي رِوَايَةٍ:
(مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ؛ فَإِنَّ اللهَ شرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى! وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى! وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ؛ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ! وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ!
وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ؛ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً! وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً! ويحطَّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً! وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ! وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَام فِي الصَّفّ)!(3)

جاء في (شرح النّووي على مسلم):
"- قَوْلُهُ (رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ أَوْ مَرِيضٌ) هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِصِحَّةِ مَا سَبَقَ تَأْوِيلُهُ فِي الَّذِينَ هَمَّ بِتَحْرِيقِ بُيُوتِهِمِ؛ أَنَّهُمْ كَانُوا (مُنَافِقِينَ)!
- قَوْلُهُ (عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى): رُوِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا، وَهُمَا بِمَعْنًى مُتَقَارِبٍ؛ أَيْ: طَرَائِقِ الْهُدَى وَالصَّوَابِ.
- قَوْلُهُ (وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ):
مَعْنَى (يُهَادَى)؛ أَيْ: يُمْسِكُهُ رَجُلَانِ مِنْ جَانِبَيْهِ بِعَضُدَيْهِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا! وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فِي الرواية الْأُولَى (إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ).
وَفِي هَذَا كُلِّهِ تَأْكِيدُ أَمْرِ (الْجَمَاعَةِ)، وَتَحَمُّلُ الْمَشَقَّةِ فِي حُضُورِهَا، وَأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الْمَرِيضُ ونحْوُهُ التّوصّلَ إليهَا؛ اسْتُحِبَّ له حضُورُهَا"اهـ‍
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "صحيح مسلم"، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، (651).
(2) عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، رضيَ اللهُ عنهُ.
(3) "صحيح مسلم"، كتاب المساجد ومواضع الصّلاة، باب صلاة الجماعَة من سُنن الهُدَى،(654).
....
حسّانة بنت محمّد ناصر الدّين بن نوح الألبانيّ.
الخميس: 23/جمادى الأولى/1434هـ