من صورِ محافظةِ (الصّحابةِ) رضوانُ اللهِ عليهمْ


بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ

من صورِ (محافظةِ الصّحابةِ) رضوانُ اللهِ عليهمْ 
على (لفظِ القرآنِ)!
عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ القَارِيَّ، حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ (سُورَةَ الفُرْقَانِ) فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ! فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ:
مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟!
قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقُلْتُ: كَذَبْتَ! فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ!
فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ (بِسُورَةِ الفُرْقَانِ) عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا!
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ))، فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ))، ثُمَّ قَالَ:
((اقْرَأْ يَا عُمَرُ))، فَقَرَأْتُ القِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ)).
[صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، الحديث رقم (4992)].


جاءَ في "شرح النّوويّ على مسلم":
" قوله (ثم لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْأُولَى، مَعْنَاهُ مَأْخُوذٌ مِنَ (اللَّبَّةِ) -بِفَتْحِ اللَّامِ- لِأَنَّهُ يَقْبِضُ عَلَيْهَا. وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ (الِاعْتِنَاءِ بِالْقُرْآنِ)! وَ(الذَّبِّ عَنْهُ)! وَ(الْمُحَافَظَةِ عَلَى لَفْظِهِ)! كَمَا سَمِعُوهُ مِنْ غَيْرِ عُدُولٍ إِلَى ما يجوزه الْعَرَبِيَّةُ..."اهـ‍
~~~
حسّانة بنت محمّد ناصر الدّين بن نوح الألبانيّ.
الأحد/19/جمادى الآخرة/1434هـ‍