المُعْتَقَدُ الصَّحيحُ في تَوحيدِ الإِلَهِيَّة... للشَّيخ: عبدِ السَّلَام بنِ بَرْجَس


المُعْتَقَدُ الصَّحيحُ في تَوحيدِ الإِلَهِيَّة
للشَّيخ:
عبدِ السَّلَام بنِ بَرْجَس
-رحمَهُ اللهُ-

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، أمَّا بعدُ:
فهذهِ سطورٌ اخْتَصَرْتُها من كتابِ: "المعْتَقَدِ الصَّحيحِ الواجبِ على كُلِّ مُسْلِمٍ اعْتقادُه"، للشّيخِ: (عبدِ السَّلَام بنِ برْجَس بنِ ناصرٍ آل عبدِ الكَريم)، رحمَهُ اللهُ تعالى
وهي تتعلَّقُ بأهمِّ المهمَّاتِ؛ ألَا وهوَ "توحيدُ الأُلُوهِيَّة"؛ الذي ينبغي لنا تعاهَدَهُ في قُلُوبنا، وألسنَتِنا، وجوارِحنا.

"المعتقدُ الصَّحيحُ في توحيدِ الإِلَهِيَّة:
ومن جملةِ اعتقادِ أهلِ السُّنَّة: إفرادُهُمُ اللهَ -تعالى- بـ (العُبوديَّةِ)
فلا يعبدونَ مع اللهِ إلهًا آخَر
بلْ يصرفونَ جميع الطَّاعاتِ التي أمرَ الله بها أمرَ إيجابٍ، أو اسْتحبابٍ (للهِ وحدهُ لاشريكَ له).
فلا يسجدونَ إلَّا (لله)
ولايطوفونَ إلَّا (لله) بالبيتِ العتيق
ولاينحرونَ إلَّا (لله)
ولاينذُرونَ إلَّا (لله)
ولايحلِفُون إلَّا (بالله)
ولايتوكَّلونَ إلَّا على (الله)
 ولايدْعونَ إلَّا (الله).
وهذا هو: (توحيدُ الأُلُوهِيَّة)!
قال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} (النساء: 36)

 وضدُّ ذلك: الشِّركُ باللهِ -أعاذنا اللهُ منه- وهوَ أعظَمُ ذنْبٍ عُصِيَ اللهُ به!
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} (النساء: 48)

وبيَّنَ تعالى أنَّ (الشِّركَ) محبطٌ للعملِ، مُخْرِجٌ من ملَّةِ الإسلام!
فقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأنعام: 88 )
وفي "صحيح البخاري" أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم قالَ:
((مَنْ مَاتَ وهوَ يدْعُو منْ دُونِ اللهِ نِدًّا؛ دَخلَ النَّار))!

فمنْ صرفَ نوعًا من أنواعِ العبادةِ لغيرِ (اللهِ)؛ فهُوَ: (مُشْركٌ كافر).

 فـ (الدُّعاءُ) عبادةٌ أمرَ اللهُ بها
 فمن دعَا (اللهَ وحدَهُ)؛ فهو (مُوَحِّدٌ)
ومن دعَا (غيرَ اللهِ)؛ فقدْ (أشْرَك).
قال تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (المؤمنون: 117)

وهذا التَّوحيدُ -توحيدُ الأُلُوهيَّةِ- هو الذي وقعتْ فيه الخصومةُ بين الرُّسلِ وأُمَمِهِم!
وهوَ الذي أَرْسَلَ اللهُ الرُّسُلَ منْ أْجلَ بيانِهِ والدَّعوةِ إليه,
وأنزَلَ الكتبَ فى تقريرِهِ وتوضيحهِ والِاحْتِجاجِ له
 كما قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (النحل: 36)
وقال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 25)

وافتتَحَ به الرُّسُلُ دعوةِ قومِهِمْ إلى اللهِ:
 فكلُّ رسولٍ يقولُ لقومهِ: {اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف : 59، 65، 73، 85)
قالها: نوحٌ، وهودٌ، وصالحٌ، وشعيبٌ، وكلُّ رسولٍ- صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم أجمعين- .

وليسَ للمُشْركينَ مُسْتَنَدٌ في شِرْكِهِم؛ لا من عقلٍ صحيحٍ، ولا من نقْلٍ عنِ المرْسَلِين!
قال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} (الزخرف: 45).
والمعنى: أنه لا يوجدُ أحدٌ من المرْسَلِين دعا إلى عبادةِ آلهةٍ مع اللهِ
بلْ كلُّهُم من أوَّلهِم إلى آخِرِهم؛ يدْعونَ إلى (عبادةِ اللهِ وحدهُ لا شريكَ له).

ونبَّهَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- إلى دليلٍ عقليٍّ يُبْطِلُ شرْكَ المشركين:
فقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (الأحقاف: 4).
فهذا دليلٌ عقليٌّ قاطعٌ على أنَّ كلَّ مَنْ سِوَى اللهِ؛ فعبادتُه باطلةٌ!
إذْ لمْ يَخْلُقُوا شيئًا، ولم يكنْ لهمْ معاونةٌ على خَلْقِ شيءٍ، وإنما (اللهُ وحدَهُ) المتفرِّدُ بذلكَ
فلمَ عبادتُهُمْ إذًا؟!
ثمَّ نفى اللهُ أنْ يكونَ للمشْركين دليلٌ منَ (النَّقْلِ عنٍ الكتبِ المنَزَّلَةِ، أو الرُّسُلِ المرْسَلَةِ) فيما ذهبُوا إليه منَ الشِّركِ.
فبانَ أنْ لا حُجَّةِ للمشْركين مُطْلَقًا؛ فكانوا من الخالدينَ فى نارِ جهنَّمَ، وبئسَ المصير!

ومما تقدَّمَ؛ يُعلمُ أنَّ هذا (التَّوحيدَ) هو أوَّلُ الواجباتِ، وأهمُّ المهِمَّاتِ!
وهو الذي لا يقْبلُ اللهُ من أحدٍ دينًا سواهُ!" انتهى.
لخَّصْتُهُ منْ (ص: 14- 19)، طبعة: الدّار الأثرية - دار المستقبل، بالقاهرة.

جعلَهُ اللهُ ذِكرى لنا، وتجْديدًا لتوحِيدِنا
ورحمَ اللهُ الشّيخَ وجزاهُ خيرًا عنَّا.