مَاذَا يَنبَغِي عَلَى مَنْ يُرِيدُ تَحْقِيقَ عِلْمِ القِرَاءَاتِ.. لابنِ الجزريِّ رحمَهُ اللهُ



مَاذَا يَنبَغِي عَلَى مَنْ يُرِيدُ تَحْقِيقَ عِلْمِ القِرَاءَاتِ 
لابنِ الجزريِّ رحمَهُ اللهُ

 بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم...

قالَ الإمامُ ابْنُ الجزريِّ -رحمَهُ اللهُ تعالى وجزاهُ خيرًا- في كتابِه: "النَّشْر في القِراءاتِ العشْر"؛ موجِّهًا طُلَّابَ هذا العِلْمِ النَّفيس: (عِلْمِ القِرَاءات)؛ كيْ يُتْقِنُوهُ (بالإفرَادِ والجَمْع):
" ..فَلْيُعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ يُرِيدُ (تَحْقِيقَ عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ)، وَ(إِحْكَامِ تِلَاوَةِ الْحُرُوفِ)؛ فَلَا بُدَّ مِنْ:
1) حِفْظِهِ كِتَابًا كَامِلًا؛ يَسْتَحْضِرُ بِهِ اخْتِلَافَ الْقِرَاءَةِ. 
2) وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ؛ -أَوَّلًا- (اصْطِلَاحَ) الْكِتَابِ الَّذِي يَحْفَظُهُ وَمَعْرِفَةَ طُرُقِهِ. وَكَذَلِكَ إِنْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ بِكِتَابِ غَيْرِهِ.
3) وَلَا بُدَّ مِنْ (إِفْرَادِ) الَّتِي يَقْصِدُ مَعْرِفَتَهَا قِرَاءَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
4) فَإِذَا أَحْكَمَ الْقِرَاءَاتِ (إِفْرَادًا)، وَصَارَ لَهُ بِالتَّلَفُّظِ بِالْأَوْجُهِ (مَلِكَةً) لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا عَلَى تَكَلُّفٍ، وَأَرَادَ أَنْ يُحْكِمَهَا (جَمْعًا)؛ (فَلْيُرِضْ نَفْسَهُ وَلِسَانَهُ) فِيمَا يُرِيدُ أَنْ (يَجْمَعَهُ).
5) وَلْيَنْظُرْ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْخِلَافِ (أُصُولًا وَفَرْشًا)؛ فَمَا أَمْكَنَ فِيهِ (التَّدَاخُلُ) اكْتَفَى مِنْهُ (بِوَجْهٍ)، وَمَا لَمْ يُمْكِنْ فِيهِ؛ نَظَرَ:
- فَإِنْ أَمْكَنَ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِكَلِمَةٍ، أَوْ بِكَلِمَتَيْنِ، أَوْ بِأَكْثَرِ مِنْ غَيْرِ تَخْطِيطٍ، وَلَا تَرْكِيبٍ؛ اعْتَمَدَهُ.
- وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ عَطْفَهُ، رَجَعَ إِلَى مَوْضِعٍ ابْتَدَأَ؛ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ (الْأَوْجُهَ كُلَّهَا) مِنْ غَيْرِ إِهْمَالٍ، وَلَا تَرْكِيبٍ، وَلَا إِعَادَةِ مَا دَخَلَ؛ فَإِنَّ الْأَوَّلَ: (مَمْنُوعٌ)، وَالثَّانِيَ: (مَكْرُوهٌ)، وَالثَّالِثَ: (مَعِيبٌ)!
6) وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ يَعْرِفَ (أَحْرُفَ الْخِلَافِ الْجَائِزِ)؛ فَمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْخِلَافَيْنِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى (الْجَمْعِ)! وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى (الْقِرَاءَاتِ)!
7) وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَ (الطَّرِيقِ) وَ(الرِّوَايَاتِ)؛ وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى السَّلَامَةِ مِنَ التَّرْكِيبِ فِي الْقِرَاءَاتِ!..". اهـ‍
(2/199)، ط دار الكتب العلميّة، بيروت.
- - -
الأحد 25 جمادى الثانية 1437هـ‍