بسمِ اللهِ
الرّحمن الرّحيم..
وِرَاثَةُ
الجَنَّةَ!
الحمدُ للهِ،
والصَّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:
فلوْ أنَّ أحدًا
ورِثَ غرفةً صغيرةً؛ لغُبِطَ بها، وهيَ في دارِ الفناءِ!
فكيفَ بمنْ يرِثُ
(الجنّةَ) في دَارِ الخلودِ والبَقاءِ!
• قالَ -سُبحانَهُ
وتعالىٰ- في سورةِ "المؤمنون"، بعدَ ذِكْرِهِ لِصفَاتِ المؤمنينَ:
{أُوْلَئِكَ هُمُ
الْوَارِثُونَ (10)}{الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11)}.
• عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((مَا
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ:
مَنْزِلٌ فِي
الْجَنَّةِ!
وَمَنْزِلٌ
فِي النَّارِ!
فَإِنْ مَاتَ
فَدَخَلَ النَّارَ؛ وَرثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ!
فَذَٰلِكَ
قَوْلُهُ: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ}))!
رواهُ ابنُ
ماجه -رحمهُ اللهُ-، وصحَّحَهُ والدي -رحمَهُ اللهُ-. يُنظرُ "سلسلتُهُ
الصّحيحة"، رقم (2279).
• مَعْنَى (وَرِثَ)
في اللُّغة:
في "معجم
مقاييس اللُّغةِ"، (6/ 105):
"(وَرَثَ)
الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالثَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوِرْثُ.
وَالْمِيرَاثُ أَصْلُهُ الْوَاوُ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ لِقَوْمٍ ثُمَّ
يَصِيرَ إِلَى آخَرِينَ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ! قَالَ:
وَرِثْنَاهُنَّ
عَنْ آبَاءِ صِدْقَ ... وَنُورِثُهَا إِذَا مِتْنَا بَنِينَا" اهـ
• "تفسير
الطّبريّ"، (17/ 15):
"قَوْلُهُ
{أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ}: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ
هَذِهِ صِفَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا، هُمُ الْوَارِثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
مَنَازِلَ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْجَنَّةِ! وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي
ذَلِكَ، رُوِيَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَتَأَوَّلَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ" اهـ
• "تفسير
القرطبيّ"، (12/ 108):
"{أُولئِكَ
هُمُ الْوارِثُونَ}؛ أَيْ: مَنْ عَمِلَ بِمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ فَهُمُ
الْوَارِثُونَ؛ أَيْ: يَرِثُونَ مَنَازِلَ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْجَنَّةِ!"
اهـ
• "تفسير
ابن كثير"، (5/ 464):
"..فَالْمُؤْمِنُونَ
يَرْثُونَ مَنَازِلَ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ خُلِقُوا لِعِبَادَةِ اللهِ
تَعَالَى، فَلَمَّا (قَامَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنَ
الْعِبَادَةِ)! (وترَكَ أُولَئِكَ مَا أمرُوا بِهِ مِمَّا خُلِقُوا لَهُ)! أحْرزَ هَٰؤُلاءِ
نَصِيبَ أُولَئِكَ لَوْ كَانُوا (أَطَاعُوا رَبَّهُمْ) -عَزَّ وَجَلَّ-!.."
اهـ
• "تفسير
القرآن العزيز"؛ لابن أبي زمنين، (3/ 195):
"{أُولئِكَ
هُمُ الْوارِثُونَ} لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ أَعَدَّ اللهُ لَهُ مَنْزِلًا
وَأَهْلًا فِي الْجَنَّةِ! فَإِنْ (أَطَاعَ اللهَ)؛ صَارَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللهُ
لَهُ! وَإِنْ (عَصَى اللهَ)؛ صَرَفَ اللهُ ذَلِكَ الْمَنْزِلَ عَنْهُ؛ فَأَعْطَاهُ
الْمُؤْمِنَ مَعَ مَا أَعَدَّ اللهُ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَوَرَّثَ الْمُؤْمِنِينَ
تِلْكَ الْمَنَازِلَ والأزْوَاجَ!" اهـ
= فاللَّهُمَّ
اجعلْنا مِنَ المؤْمِنينَ الوَارثينَ الّذين يرثونَ الفرْدوسَ هُمْ فيها خَالدُون.
وصَلِّ
اللَّهمَّ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلىٰ آلِهِ وسلِّم.
الجمعة 26 رجب 1436هـ.