في معنى قولِهِ تعالى: {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}.



بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم...
في مَعْنَى قولِهِ تعالى: {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}.

• قالَ سُبحانَهُ وتعالى في سورةِ "سبأ":
{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}

- "فتح القدير":
"{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} مِنَ الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ.
{وَما بَلَغُوا مِعْشارَ مَا آتَيْناهُمْ}؛ أَيْ: مَا بَلَغَ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ (عُشْرَ) مَا آتَيْنَا مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ (الْقُوَّةِ، وَكَثْرَةِ الْمَالِ، وَطُولِ الْعُمُرِ)، فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، كَعَادٍ وَثَمُودَ وَأَمْثَالِهِمْ. وَ(الْمِعْشَارُ): هُوَ الْعُشْرُ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مِعْشَارُ الشَّيْءِ عُشْرُهُ.
وَقِيلَ الْمِعْشَارُ: عُشْرُ الْعُشْرِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقِيلَ إِنَّ الْمَعْنَى: مَا بَلَغَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِعْشَارَ مَا آتَيْنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى.
وَقِيلَ مَا بَلَغَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِعْشَارَ شُكْرِ مَا أَعْطَيْنَاهُمْ.
وَقِيلَ: مَا أَعْطَى اللَّهُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِعْشَارَ مَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى" اهـ‍

- "تفسير البغويّ":
"{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، مِنَ الْأُمَمِ رُسُلَنَا وَهُمْ (عَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ) وَغَيْرُهُمْ. {وَما بَلَغُوا} يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ.
{مِعْشارَ} أي: عُشْرَ.
{مَا آتَيْناهُمْ}، أَيْ: أَعْطَيْنَا الْأُمَمَ الْخَالِيَةَ مِنَ (الْقُوَّةِ وَالنِّعْمَةِ وَطُولِ الْعُمُرِ).
{فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ}؛ أَيْ إِنْكَارِي وَتَغْيِيرِي عَلَيْهِمْ!
يُحَذِّرُ كُفَّارَ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَذَابَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ!" اهـ‍

- "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن":
"مَا ذَكَرَهُ -جَلَّ وَعَلَا- فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ أَنَّهُ أَهْلَكَ الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ لَمَّا كَذَّبَتْ رُسُلَهُ، وَأَنَّ الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ أَقْوَى، وَأَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا، وَأَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخَافُوا مِنْ إِهْلَاكِ اللَّهِ لَهُمْ بِسَبَبِ تَكْذِيبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا أَهْلَكَ الْأُمَمَ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنْهُمْ، وَلَمْ يُؤْتُوا؛ أَيْ: كُفَّارَ مَكَّةَ، (مِعْشَارَ) مَا أَتَى اللَّهُ الْأُمَمَ الَّتِي أَهْلَكَهَا مِنْ قَبْلُ مِنَ الْقُوَّةِ!" اهـ‍

-"تفسير الطبريّ":
"وَقَوْلُهُ: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ يَقُولُ: وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ رُسُلَنَا وَتَنْزِيلَنَا.
{وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}؛ يَقُولُ: وَلَمْ يَبْلُغْ قَوْمُكَ يَا مُحَمَّدُ (عُشْرَ) مَا أعْطَيْنَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ مِنَ (الْقُوَّةِ وَالْأَيْدِي وَالْبَطْشِ)! وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النِّعَمِ! وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ" اهـ‍
واللهُ تعالى أعْلَم.
---
الخميس 19 صفر 1436