"أَلاَ أيْـنَ الأُلَىٰ سَلَفُوا؟!".. قصيدةٌ وَعْظِيَّةٌ زُهديّةٌ، لأبِي العَتَاهيةِ








"أَلاَ أيْــنَ الأُلَــىٰ سَــــلَفُوا؟!"..

(قصيدةٌ وَعْظِيَّةٌ زُهديّةٌ)

لأبِي العَتَاهيةِ

بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ الرّحيم...
الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ علىٰ رسولِ اللهِ، وبعدُ..
هَٰذِهِ قصيدةٌ زُهديّةٌ رائقةٌ، لأبي العَتَاهيةِ
قوافِيهَا توقِفُ (قُرَّاءَهَا) علىٰ جوابِ: أينَ السّابقون!
و علىٰ هَٰذِهِ (الدّارِ)، وما فيها منَ (العذابِ والهلاكِ) مِنْ صنوفٍ وفنون!
وعلىٰ الحقيقةِ التي لا مفرَّ منهَا: (نحنُ اللَّاحقون)!
فأسوقُها في هَٰذِهِ الصّفحةِ..
راجيةً اللهَ -جلَّ جلالُهُ- أن يغفرَ لنَا ولناظمِهَا، كلَّ ذنبٍ وزلَّة
ويُخرجَنا من دارِ الفناءِ علىٰ (التّوحيدِ والسُّنّةِ)!.. اللهمّ آمين.

القصيدةُ:
1- أَلاَ أيْـــــــنَ الأُلـــَـــــــــىٰ سَــــلَفوا؟! ... دُعُوْا (لِلْمَــــــــــــوْتِ) واخْتُطِفُوْا!
2- فَــــوافَـــــوْا حــِـــــــــينَ لَا تُــــــــحَفٌ ... وَلَا طُــــــــــــــــــرَفٌ، ولَا لُـــــــــــــطَفُ!
3- تُـــــــــرَصُّ عَلَيْهِـــــــــــــــــمُ حُـــــــــــــفَرٌ ... وتُـــــــبْـــنَىٰ، ثُـــــــــــــــــــــــــــــمَّ تَنْخَسِـفُ!
4- لَـــــــــــهُمْ مِــــــــنْ تُرْبِــــــهَا فُـــــــــرُشٌ ... وَمِـــــــــــــــــــــنْ رَضْرَاضِهــَــــــا لُـحُفُ!
5- تَقَطَّـــــــــــعَ مِنْهُـمُ سَبَبُ الـــــــرَّ ... جَـــــــــــــــــــــــــــــاءِ، فَضُيِّعُــــوا وَجُفُـــوَا!
6- تَـمُــــــرُّ بِعَسْكَـــــــــــرِ الْــــــــــــمَوْتَىٰ ... وَقَلْبُـــــــــــــــــــــــــكَ مِنْـهُ لَا يَـــــــجِفُ!
7- كَــــــــــــــــــأنَّ مُشَيِّعِيــــــْــكَ وَقَــــــدْ ... رَمَــــــوْا بِـــــــــــــــــــــــكَ ثَــــمَّ وَانْصَرَفُوا!
8- فُنُـــــــــــــــــونُ رَدَاكِ يا (دُنْيــــــَا)! ... لَعَمْـــــــــــــــرِي! فَوْقَ ما أصِــــــفُ!
9- فَأنْتِ (الدّارُ) فيكِ الظُّلْمُ ... وَالْعُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــدْوانُ والسَّــــــــــــرَفُ!
10- وأَنْتِ (الدّارُ) فِيْــكِ الْبَغْـ ... ـيُ وَالْبَغْضـــَـــــــــــــــــــــــــــاءُ وَالشَّنَفُ!
11- وأَنْتِ (الدّارُ) فِيــــكِ الْهَمُّ ... والأَحْــــــــــــــــــــــــــــــــــزانُ وَالأَسَـــــــــفُ!
12- وأَنْتِ (الدّارُ) فِيْــــكِ الْغَدْ ... رُ وَالتنَّــْــــــــــــــــــــــغْيصُ والْكُلَـــــفُ!
13- وَفِيْكِ الْـحَبْلُ مَضْطَــــــربٌ ... وَفِيــــْـكِ الْبــــــــــــــــــــــــالُ مُنْكَسِفُ!
14- وَفِيْكِ لِسَاكِنيـــــــكِ الْغَــبْنُ ... وَالْآفــَــــــــــــــــــــــــــــــــــاتُ وَالتَّـــلَـــــــــــــــفُ!
15- وَمُلْكُـــــــــــــكِ فيهِــــــــــمُ دُوَلٌ ... بِــــــــهَــــــا الْأَقـْــــــــــــــــــــــدَارُ تَـخْتَلِفُ!
16- كَأنَّـــــــــــكِ بَيْنَهُـــــــــــمْ كُــــرةٌ ...  تُــــــــــــــــــــرَامَــــــىٰ ثُــــــــــــــــــــــــمَّ تُلْتَقَفُ!
17- تَرَىٰ الْأَيَّـــــــــــــــــــــــامَ لَا يُنظِرْ ... نَ! وَالسَّاعَـــــــــــــــــــــاتِ لَا تقِفُ!
18- وَلَـــــــــــنْ يَبقَىٰ لِأَهْـــــلِ الْأَرْ ... ضِ لَا عِـــــــــــــــــزٌّ، وَلَا شَــــــــــرَفُ!
19- وَكُلٌ دَائِـــــــــــــمُ الْغَفَــــــــــــــــــــــلَا ... تِ وَالْأَنْفَــــــــــــــــــــاسُ تُـــخْتَطفُ!
20- وَأَيُّ النَّــــــــــــــــــــــــــاسِ إِلَّا مُوْ ... قِنٌ (بالْــــــــــــــــــمَوْتِ) مُـــــــــعْتَرِفُ!
21- وَخَلْـــــــــــــــــــــــــقُ اللهِ مُشْـــتَبِــهٌ ... وَسَــــــــــــــــــــــــعْيُ النَّـــــــــــاسِ مُختلِفُ!
22- وَمَــــــــا الدُّنْيَــــــــــــــــــــــا بِبـــَـاقِيَةٍ ... ستُنْــــــــــــــــــــــزَحُ، ثًــــــــــــــــمَّ تُنْتَسَفُ!
23- وَقــــَــــــــــــــــــــوْلُ اللهِ ذَاكَ لَنَــا ... وَلَيْسَ لِقَوْلِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهِ خُــــــلُفُ!
                      -تمَّتِ القصيدةُ-

• معنىٰ بعضِ الكلمات:
- (رَضْرَاضِهــَــــــا):
 - في "لسان العرب"، مادّة (رضَضَ): "الرَّضْراضُ: ما دَقَّ من الحَصىٰ". اهـ‍
- وفي "معجم مقاييس اللّغة": "(رَضَّ): الرَّاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى دَقِّ شَيْءٍ.
يُقَالُ: رَضَضْتُ الشَّيْءَ أَرُضُّهُ رَضًّا. وَالرَّضْرَاضُ: حِجَارَةٌ تُرَضْرَضُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ" اهـ‍

 - (بِعَسْكَـــــــــــرِ):
- في "لسان العرب": "..العَسْكَرُ: الكثيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.." اهـ‍

_ (الشَّنَفُ):
- في "معجم مقاييس اللّغة": "الشَّنَفُ: الْبُغْضُ" اهـ‍

 - (ستُنْــــــــــــــــــــــزَحُ)!
- في "معجم مقاييس اللّغة":
"(نَزَحَ): النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْحَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى بُعْدٍ! وَنَزَحَتِ الدَّارُ نُزُوحًا: بَعُدَتْ!" اهـ‍

جاءَ في ترجمةِ (أبي العتاهية):
- في "تاريخ بغداد" (7/ 226):
"إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَاسمِ بنِ سُوَيْدِ بنِ كَيْسَانَ أَبُو إِسْحَاقَ العَنَزِيُّ
المعروفُ بـ (أبي العتاهية) الشّاعر.
وهو أحدُ من سارَ قولُهُ، وانتشرَ شعرُهُ وشاعَ ذكرُهُ, ويقالُ: إنَّ أحدًا لم يجتمعْ له ديوانُهُ بكمالِهِ لعِظَمهِ! وكانَ يقولُ في الغزلِ والمديحِ والهجاءِ قديمًا، ثم نسكَ وعدلَ عن ذلكَ إلى الشِّعر في (الزّهدِ وطريقةِ الوعظِ)، فأحسنَ القولَ فيهِ، وجوَّدَ وأربىٰ علىٰ كلِّ مَن ذَهبَ ذَٰلك المذْهبَ! وأكثرُ شعرهِ حكمٌ وأمثالٌ، وكانَ سهلَ القولِ، قريبَ المأخذِ، بعيدًا من التّكلُّفِ، مُقَدَّمًا في الطَّبْعِ" اهـ باختصار.
- في "لسان الميزان" (2/ 158):
"... ثمَّ تَزَهَّدَ، وتابَ عن نظمْ الشِّعْرِ، وشِعْرُهُ سائرٌ..." اهـ‍
- في "سير أعلام النبلاء" (8/ 333-334):
"رَأْسُ الشُّعرَاءِ! الأَدِيْبُ الصَّالِحُ: أَبُو إِسْحَاقَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَاسمِ بنِ سُوَيْدِ بنِ كَيْسَانَ العَنَزِيُّ مَوْلاَهُمُ الكُوْفِيُّ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
تَنَسَّكَ بِأَخَرَةٍ! وَقَالَ فِي المَوَاعِظِ وَالزُّهْدِ فَأَجَادَ."اهـ باختصار.

-وقدْ سُئِلَ والدي -رحمهُ اللهُ تعالىٰ-:
"يا شيخَنَا! أبو العتاهيةَ الذي اشْتُهِرَ بالشِّعرِ؛ هلْ لَهُ أيُّ أشياءَ في الإسلامِ؛ كعلمٍ أو نحوِهِ؟
فأجابَ: "ما نعرفُ عنهُ أنَّهُ منَ العلماءِ؛ إلَّا أنَّهُ منَ الشّعراءِ فقطْ". اهـ
قيّدْتُهُ كتابيًّا بتصرّفٍ يسير، منَ الشّريط رقم (199)، (د: 57 وثا: 5)، "سلسلة الهدىٰ واالنّور".
 
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وسلَّمَ.
~ ~ ~
السّبت: 3/ربيع الأوّل/ 1435هـ‍