يُخبِرُ تعالى المؤمنينَ، خبرًا يعرفونَ به حالةَ الرَّسولِ صلَّى اللهِ عليه وسلَّمَ ومرتبتَهُ...

 بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم

 

قالَ اللهُ -عزَّ وجلَّ-:

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} الآية. [الأحزاب : 6]

 

قالَ العلّامةُ السّعديُّ -رحمَهُ اللهُ-:

"يُخبِرُ تعالى المؤمنينَ، خبرًا يعرفونَ به حالةَ الرَّسولِ صلَّى اللهِ عليه وسلَّمَ ومرتبتَهُ، فيعاملونَهُ بمقتضَى تلكَ الحالةِ، فقال:

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أقربُ ما للإنسانِ، وأولَى ما لهُ: نفسُه، فالرَّسول أولَى به من نفسِهِ!

لأنَّهُ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ، بذلَ لهمْ من النُّصحِ، والشّفقةِ، والرّأفةِ، ما كانَ بهِ أرحمَ الخلقِ، وأرأفَهم،

فرسولُ اللهِ، أعظمُ الخَلْقِ مِنَّةً عليهمْ، منْ كلِّ أحدٍ؛

فإنّهُ لم يصلْ إليهمْ مثقالُ ذرّةٍ من الخيرِ، ولا اندفعَ عنهمْ مثقالُ ذرّةٍ من الشّرِّ، إلا على يديهِ وبسبِبهِ.

فلذلكَ، وجبَ عليهمْ إذا تعارضَ مرادُ النّفسِ، أو مرادُ أحدٍ من النّاسِ، مع مرادِ الرّسُولِ، أن يُقدَّمَ مرادُ الرَسولِ، وأن لا يُعارَضَ قولُ الرّسولِ بقولِ أحدٍ كائنًا من كانَ،

وأنْ يفدُوهُ بأنفسِهمْ وأموالِهمْ وأولادِهمْ،

ويقدِّموا محبَّتَهُ على الخَلْقِ كلِّهمْ،

وألا يقولُوا حتّى يقولَ، ولا يتقدّمُوا بينَ يديهِ،

وهوَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أبٌ للمؤمنينَ -كما في قراءةِ بعضِ الصّحابةِ- يُرَبِّيهمْ كما يُربِّي الوالدُ أولادَهُ؛

فترتَّبَ على هذِهِ الأبوَّةِ، أنْ كانَ نساؤُهُ أمّهاتِهمْ؛ أي: في الحُرْمَةِ والاحترامِ والإكرامِ؛ لا في الخَلْوةِ والمحرميَّةِ" انتهى*. 

والله تعالى أعلم.

‍‍‍‍‍‍*  "تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنان"، ص: 659، ط4، 1426هـ‍‍‍‍‍،

تحقيق: عبد الرّحمن بن معلّا اللّويحق، مؤسّسة الرّسالة، بيروت.

الأحد 28 ذو الحِجّة 1444هـ