في الصَّيفِ الحارِّ لَا تنْسُوا البهائمَ فإنَّ لنا فيها أجْرًا



بسم الله الرّحمن الرّحيم

• الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلَامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ:
هذا دينُنا!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ؛ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ
فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا
فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ؛ فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ))!
 قِيلَ: إِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟!
قَالَ: ((فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ))! [متّفقٌ عليه].

• ونحنُ في هذه الأشهرِ من الصّيفِ؛ الذي يشتدُّ معهُ الحرُّ الذي يعطشُ فيه المرءُ وهو في بيتهِ
والماء يجري في صنابيرِهِ
والباردُ منْهُ والعصائرُ -بألوانها- في ثلَّاجتِهِ
ولو لم يتوفَّرْ لهُ، ذهبَ بقدميهِ واشترى ما يروي ظمأَهُ
فكيفَ حالُ البهائمِ السّائبةِ في الشّوارعِ تحت قيظِ الشّمسِ
لَا تتكلَّمُ عن مدى عطشِها، ولَا تتحدَّثُ؟!

• فلَا ننساهُمْ..
ولَا نقلْ يبحثونَ لوحدِهِم..
ولا نظنّ أنَّهُم لَا يحتاجونَ..

• ذاتَ يومٍ حارٍّ، سمعتُ القطَّةَ تموءُ عندَ بابِ البيتِ مواءً شديدًا
ولم يكنْ في البيتِ ما يُناسبُها إلَّا الماءَ والحليبَ
فظننتُ أنَّهُ لَن يكفيها فليسَ فيهِ لحمٌ ولَا شيءٌ ممَّا تأكلُهُ ويسدُّ جوعَها
فأشارَ عليَّ بعضُ أهلِ البيتِ أن أضعَ لها الحليبَ
فوضعتُ  منْهُ كميَّةً لَا بأسَ بها، وظننتُ أنَّها لن تشربَهُ كلَّهُ
فلمَّا فتحتُ البابَ وأردتُ أنْ أنحنيَ لأضعَ لها وعاءَ الحليبِ على العتبةِ
فما كانَ منَ القطَّةِ التي تمشي على أربعَ؛ ومن شدَّةِ جوعِها وعطشِها؛ إلَّا أنْ وقفتْ قائمةً بطولها على رجلَيها ورفعتْ يديها الِاثنتينِ للأعلى! تريدُ أن تُمسكَ بالوعاءِ من يديَّ! حتَّى كادَ أنْ يقعَ منّي!
فوضعتُ لها الوعاءَ، فانكبَّتْ عليهِ بلهفةٍ وسرعةٍ
 وأغلقتُ البابَ لتتابعَ شرابَها.
ثمَّ لـمَّا لم أعدْ أسمعُ لها حسًّا، ولم أعدْ أسمعُ بكاءَها، أقصدُ مواءَها، وهذا يعني أنها قد شبعَتْ
عدتُ لأُرْجِعَ الوعاءَ وأطمئنَّ عنها، وفي ظني أنَّهُ لَا زالَ فيهِ بقايا الحليب
فوجدتها قد التهمتْهُ كُلَّهُ، وأنا التي كنتُ أظنُّ أنَّ الحليبَ لن يُرضيَ نهمتَها
فكم كانتْ جائعة؟!
وكم كانتْ عطشى؟!
وكم هناك مثلُها؟!

• وجديرٌ بالذَكر أن يتفقَّدَ بعضُ أصحابِ المخازن المغلقةِ، والتي لا يتردَّدُ إليها أصحابُها إلَّا بعد أيَّامٍ
فربَّما دخلتْ هرَّةٌ هناكَ وأُغلقَ عليها البابَ، لَا ماءَ ولَا طعامَ
فحصلَ لها ما يوجعُ القلبَ، ويُتلِفُ الأعصابَ!
وهي قصَّةٌ حقيقيَّةٌ كانتْ من ضمنِ الأسبابِ التي جعلتْني أكتبُ هذا الموضوعَ، واللهُ المستعان.

• قالَ سبحانَهُ في سورة "الزّلزلة":
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)}.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وسلَّم.
كتبتْهُ: حسَّانةُ بنتُ محمَّدٍ ناصرِ الدّين بنِ نوحٍ الألبانيّ.
السّبت 12 شوّال 1440 للهجرة.