بسمِ
اللهِ الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ
للهِ، والصّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله، أما بعدُ:
• فقدْ قالَ ربُّنا -تباركَ
وتعالى- في سورةِ "الأنبياء":
{وَوَهَبْنَا لَهُ
إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72)}
•
السؤالُ: هل (نَافِلَةً) تعودُ على (يعقوبَ) فقطْ، أم على (إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)
معًا؟
•
جاء في تفسيرِ الإمام الطّبريّ -رحمَهُ اللهُ- (18/ 457-472):
"وَاخْتَلَفَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِقَوْلِهِ:{نَافِلَةً}:
-
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ (يَعْقُوبُ)
خَاصَّةً
-
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ (إِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ).
قَالُوا:
وَإِنَّمَا مَعْنَى (النَّافِلَةِ): الْعَطِيَّةُ، وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ عَطَاءِ
اللهِ أَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ.
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْلُ أَنَّ (النَّافِلَةَ):
الْفَضْلُ مِنَ الشَّيْءِ؛ يَصِيرُ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ
ذَلِكَ
وَكِلَا
وَلَدَيْهِ: (إِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ)؛ كَانَ فَضْلًا مِنَ اللهِ؛ تَفَضَّلَ بِهِ
عَلَى إِبْرَاهِيمَ, وَهِبَةً مِنْهُ لَهُ....
فجَائِزٌ
أَنْ يَكُونَ عَنَى بِهِ:
-
أَنَّهُ آتَاهُمَا إِيَّاهُ (جَمِيعًا نَافِلَةً) مِنْهُ لَهُ،
-
وَأَنْ يَكُونَ عَنَى أَنَّهُ آتَاهُ (نَافِلَةً يَعْقُوبَ)،
وَلَا
بُرْهَانَ يَدُلُّ عَلَى أَيِّ ذَلِكَ الْمُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ؛
فَلَا شَيْءَ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَالَ اللهُ؛ وَوَهَبَ اللهُ لِإِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً" انتهى باختصار، وتصرُّفٍ يسير جدًّا.
فَلَا شَيْءَ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَالَ اللهُ؛ وَوَهَبَ اللهُ لِإِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً" انتهى باختصار، وتصرُّفٍ يسير جدًّا.
• فائدةٌ في معنى (نافِلة)
في اللُّغة:
"جاء
في "مقاييس اللغة"، (5/ 455-456):
"(نَفَلَ):
النُّونُ وَالْفَاءُ وَاللَّامُ؛ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى (عَطَاءٍ
وَإِعْطَاءٍ).
مِنْهُ
(النَّافِلَةُ): عَطِيَّةُ الطَّوْعِ مِنْ حَيْثُ لَا تَجِبُ.
وَمِنْهُ
نَافِلَةُ الصَّلَاةِ.
وَالنَّوْفَلُ:
الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الْعَطَاءِ...
وَمِنَ
الْبَابِ النَّفَلُ: الْغُنْمُ. وَالْجَمْعُ أَنْفَالٌ
وَذَلِكَ
أَنَّ الْإِمَامَ يُنَفِّلُ الْمُحَارِبِينَ؛ أَيْ: يُعْطِيهِمْ مَا غَنِمُوهُ.
يُقَالُ:
نَفَّلْتُكَ: أَعْطَيْتُكَ نَفَلًا." اهـ بشيءٍ منَ الاختصار.
سُبحانكَ
لَا عِلْمَ لنا إلَّا ما علَّمتنا إنَّكَ أنتَ العليمُ الحكيم.