بسمِ
اللهِ الرَّحمن الرَّحيم
القَصِيدَةُ
الـهَائيَّة
قصيدةٌ
زُهديَّةٌ نَظَمَها العلَّامةُ:
حَافظٌ
بنُ أحمدَ الحكميّ، رحمَهُ اللهُ تعالى
• قالَ العلَّامةُ زيدٌ المدخليّ
-رحمَهُ اللهُ تعالى- في شرحِ مطلَعِ أبياتِها*:
" إذا أمعنتَ النَّظرَ في هذَين
البيتَين تبيَّنَ لكَ -بوضوحٍ- حالَ (الشَّيخِ)، وموقفَهُ من هذهِ الحياةِ
الدُّنيويةِ الحقيرةِ، ومدى فهمِهِ العميقِ لها ولأحوالِها؛
فهيَ في نظرِهِ -ونظرِ كلِّ عاقلٍ-
وسيلةٌ من الوسائلِ، وليستْ غايةً من الغاياتِ، وهيَ مطيَّةُ العبْدِ إلى دارِ
البقاءِ والخلودِ..."اهـ
• القَصيدَةُ الـهَائيَّة
1- مَا لِي ولِلـدُّنْـيـا
وَلَـيسَتْ بِبُـغْـيَـتي ... وَلَا
مُنْـتَـهى قَصْـدِي ولَسْتُ أَنا لَـها!
2- ولَسـْتُ بِمَـيَّـــالِ
إِلَيــهـا ولَا إِلــى ... رِئاسَاتِها فِتَنًا وقُـبْحًا
لِـحـَالِـهـا!
3- هِيَ الـدَّارُ دارُ الـهَـمِّ
والغَـمِّ والعَـنـا ... سَـريـعٌ تَـقَـضِّـيْـها قَـريبٌ زَوالُـهـا!
4- مَيَـاسِـيرُها عُسْـرٌ وحُـزنٌ
سُرُورُهـا ... وأَربـاحُـها خُـسْرٌ
ونَـقْصٌ كَمَـالُـها!
5- إِذا أَضحَكَتْ أَبكَتْ وإِنْ
رامَ وَصلَها ... غَـبِـيٌّ فـَيا سُـرْعَ
انْـقِـطَاعِ وِصَالِـها!
6- فـأَسْـأَلُ رَبـِّي أَنْ
يَـحـولَ بِـحَـولِـهِ ... وقُـوَّتِــهِ
بَـيـنـي وبَـيـنَ اغْـتِـيـالِـها!
7- فَـيَا طـالِبَ الـدُّنْـيا
الدَّنِيَّـةِ جاهِدًا ... أَلَا اطْـلُبْ
سِـوَاهـا إِنَّـها لَا وَفَا لَـها!
8- فَـكَمْ قَـدْ رَأَيـنا مِنْ
حَريصٍ ومُشْفِقٍ ... عَـلَيـها فلَـمْ يَـظْـفَـرْ بِـها أَنْ يَـنالَـها!
9- لَقَـدْ جَـاءَ فـي آيِ
(الحـديـدِ) و(يُـونُسٍ) ... وفي (الكَـهفِ) إِيضاحٌ بضَربِ مِثالِـها!
10- وَفـي (آلِ عِـمْـرانَ) وسُورَةِ (فـاطِـرٍ) ...
وفـي (غـافِـرٍ) قدْ جـاءَ تِـبـيانُ حَالِـها!
11- وَفـي سُورَةِ (الأَحْقافِ)
أَعـظَمُ واعِـظٍ ... وكمْ مِن (حَديثٍ) مُـوجِبٍ لِاعتِزالِـها!
12- لَـقَـدْ نَـظَرُوا قَـومٌ بِـعَينِ بَـصيـرَةٍ ...
إِلَـيْـها فلَـمْ تَـغْـرُرْهُـمُ بِـاخْـتِـيالِـها!
13- أُولَـئِـكَ أَهْـلُ اللهِ
حَــقًّـا وحِـزبُـه ... لَـهُـمْ
جَنَّـةُ الـفِـردَوسِ إِرثًا ويَا لَـها!
14- ومـالَ إِلَـيهـا آخَـرونَ
لِـجَـهْـلِـهِـمْ ... فـلَمَّـا اطْـمَأَنُّـوا أَرشَـقَتْـهُمْ نِـبالَـها!
15- أُولَــئِـكَ قَومٌ آثَــرُوهـا
فـأُعْـقِـبُـوا ... بِها الخِزْيَ في الأُخْرَى وذَاقُـوا وَبالَـها!
16- فَـقُلْ لِلَّـذِينَ
اسْـتَعْـذَبُوها: رُوَيـدَكُمْ! ... سَيَنْـقَـلِبُ السُّـمَّ النَّـقِـيـعَ
زُلَالُـها!
17- لِـيَلْـهُوا ويَـغْـتَـرُّوا
بِـها ما بَـدا لَـهُمْ ... مَتى تَـبْـلُـغِ الحُلْقومَ تُصْرَمْ حِبالُـها!
18- ويَـومَ تُوفَّـى كُـلُّ
نَـفـسٍ بِـكَسْـبِـهَا ... تَـوَدُّ فِـدَاءً لَـو بِبَـنِـيــْهـا ومــَالِهـا!
19- وتَـأخُـذُ إمَّـا
بِـالـيَـمـيـنِ كِـتـَابَـهـا ... إِذَا أَحـسنَـتْ أَوْ ضِـدَّ ذَا بشِمـالِـهـا!
20 - ويَبـدُو لَـدَيْها مـا
أَسَرَّتْ وأَعْـلَـنَـتْ ... وما قَـدَّمَـتْ مِـن قَولِـهـا وفِـعَالِـهـا!
21- بِـأَيـدي الكِـرامِ
الكَاتِبِــينَ مُسَـطَّـرٌ ... فلَـمْ يُغْـنِ عَنـْها عُـذْرُهـا وجِدَالُـها!
22- هُنـالِكَ تَـدْري رِبحَـهـا
وخَسَـارَها ... وإِذْ ذاكَ تَــلْــقَى مــا إلَيــهِ مَـآلُــها!
23- فإِنْ تَكُ مِن أَهـلِ
السَّـعـادَةِ والتُّـقَى ... فـإِنَّ لَـهـا الـحُسْنى بِحُـسْنِ فِعالِـها!
24- تَفـوزُ بِجَـنَّـاتِ
النَّـعـيمِ وحُــورِهـا ... وتُـحْــبَرُ في رَوْضَـاتِها وظِــلَالِــها!
25- وتُـرزَقُ مِـمَّـا تَشْتَـهي
مِـن نَعيمِـها ... وتَـشرَبُ مِنْ تَـسْنيــمِـها وَزُلَالِــها!
26- وَإِنَّ لَـهُـمْ يومَ
الـمَـزيدِ لَـمَـوعِــدًا ... زِيــادَةُ زُلْفَى غَــيرُهُــمْ لا يَنــالُـها!
27- وُجــوهٌ إِلى وَجْــهِ
الإِلَـهِ نَواظِـرٌ ... لَقَـدْ طـالَ
ما بِالـدَّمعِ كانَ ابْتِـلَالُـها!
28- تَـجَـلَّى لَـها الـرَّبُّ
الرَّحيمُ مُسَلِّـمًـا ... فيَـزدَادُ مِنْ ذاكَ التَّجَــلِّي جَـمــالُـها!
29- بِمَقْـعَـدِ صِـدْقٍ حَبَّـذا
الـجـارُ رَبُّهمْ ... ودَارِ خُــلودٍ لَـمْ يَـخـافـُـوا زَوالَـها!
30- فَواكِـهُــهَـا مِــمَّـا
تَلَـــذُّ عُيـونُـهُمْ ... وتَطَّــرِدُ الأَنـــهارُ بَــينَ خِــلَالِـها!
31- عَـلى سُرُرٍ مَـوضــونَةٍ
ثُـمَّ فُرْشُــهُمْ ... كَمـا قـَالَ فـيـهِ رَبُّـنـا وَاصِــفًا لَــها!
32- بَـطَائِـنُها إِسْـتَبْـرَقٌ
كَـيْفَ ظَـنُّكُمْ؟ ... ظَـواهِـرُهـا لَا مُنْـتَـهـى لِـجَمَـالِـها!
33- وإِنْ تَـكُـنِ الأُخْـرَى
فَـوَيـلٌ وحَسْرَةٌ ... ونــارُ جَـحِـيـمٍ مـا أَشَـدَّ نَــكَالَــها!
34- لَــهُمْ تَـحتَـهُـمْ مِـنْها
مِـهَادٌ وفَوقَهُم ... غَواشٍ ومِنْ يَـحمومِ سَاءَ ظِلَالُـها!
35- طَعـامُـهُمُ الغِسْـلِيـنُ
فِيْهَا وإِنْ سُقُوا ... حَـمـيمًـا بِـهِ الأَمْـعاءُ كانَ انْحِلَالُـها!
36- أَمـانِـيُّـهُمْ فِيْـهَا
الـهَـلَاكُ ومـَا لَــهُمْ ... خُـروجٌ ولَا مَـوتٌ كـمَـا لَا فَـنَا لَـها!
37- مَـحَـلَّـيْنِ، قُـلْ
لِلـنَّـفسِ لَيسَ سِواهُما ... لِتَـكْسِبْ أَو فَلْتَكتَسِبْ ما بَدَا لَـها!
38- فَـطُـوبـى لِـنَـفْسٍ
جَوَّزَتْ وتَخَـفَّفَتْ ... فَـتَـنْـجُو كَـفَافًـا لا عَـلَـيها ولَا لَـها!*
* من طبعة دار علماء السّلف، الطّبعة الثّانية (1414هـ)، الاسكندريّة.
وفيها شرحٌ موجزٌ للقصيدة، للعلَّامة الشّيخ: زيد
المدخليّ، رحمَهُ اللهُ تعالى.