بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ
بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ، والصَّلَاةُ
والسَّلَامُ على رسولِ الله، أمَّا بعدُ:
• فقدْ قالَ ربُّنا
-تباركَ وتعالى- في سورة "هود":
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ
شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ
وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي
أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا
الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ
وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)}
• قالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ
-رحمهُ اللهُ- في تفسيرِه: "تفسير القرآن العظيم":
"وَقَوْلُهُ: {بَقِيَّتُ
اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رِزْقُ اللهِ خَيْر لَكُمْ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: رِزْقُ
اللهِ خَيْرٌ [لَكُمْ] مِنْ بَخْسِكُمُ النَّاسَ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ:
وَصِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: طَاعَةُ
اللهِ [خَيْرٌ لَكُمْ].
وَقَالَ قَتَادَةُ: حَظُّكُمْ
مِنَ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: "الْهَلَاكُ" فِي الْعَذَابِ، وَ"الْبَقِيَّةُ"
فِي الرَّحْمَةِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ
جَرِيرٍ:
{بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ}؛
أَيْ: مَا يفضُلُ لَكُمْ مِنَ الرِّبْحِ بَعْدَ وَفَاءِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ
{خَيْرٌ لَكُمْ}؛ أَيْ: مِنْ
أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ.
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قُلْتُ:وَيُشْبِهُ قَوْلَهُ
تَعَالَى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ
الْخَبِيثِ}[الْمَائِدَةِ:100]". اهـ (4/ 343).
• قالَ الإمامُ القرطبيُّ -رحمَهُ اللهُ-
في: "الجامع لأحكام القرآن":
"قولُهُ تعالى: {بَقِيَّتُ
اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ}؛ أَيْ: مَا يُبْقِيهِ اللهُ لَكُمْ بَعْدَ إِيفَاءِ الْحُقُوقِ
بِالْقِسْطِ؛ أَكْثَرُ بَرَكَةً، وَأَحْمَدُ عَاقِبَةً مِمَّا تُبْقُونَهُ أَنْتُمْ
لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ فَضْلِ التَّطْفِيفِ بِالتَّجَبُّرِ وَالظُّلْمِ. قَالَ مَعْنَاهُ
الطَّبَرِيُّ، وَغَيْرُهُ." اهـ (9/ 86)
• وقالَ العلَّامةُ السَّعديُّ
-رحمهُ اللهُ- في تفسيرِه: "تيسير الكريم الرّحمن":
{بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ}؛
أيْ: يكْفيكُمْ ما أبْقَى اللهُ لكُمْ منَ الخَيرِ، وما هُو لكُمْ، فلَا تطْمَعُوا
في أمرٍ لكُمْ عنْهُ غُنْيَةٌ، وهوَ ضارٌّ لكُمْ جدًّا" اهـ (ص: 387)
واللهُ تعالى أعْلم.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا
محمَّدٍ وعلى آلِهِ وسلَّم.
ملحوظة: كلمةُ (بَقِيَّتُ) -في هذا الموضع-
جاءتْ هكذا في المصحف؛ مرسومةً بالتّاء المبسوطة.