مِنْ فِقْهِ الإِمَامِ المُجَدِّدِ الألْبَانيِّ لِحَدِيث: ((إِذَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثًا، فَلَا تَزِيدَنَّ عَلَيَّ))


مِنْ فِقْهِ الإِمَامِ المُجَدِّدِ الألْبَانيِّ لِحَدِيث: 
((إِذَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثًا، فَلَا تَزِيدَنَّ عَلَيَّ))!

بسم اللهِ الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ، والصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وبعدُ:

عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  ((إِذَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثًا، فَلَا تَزِيدَنَّ عَلَيَّ))!
وَقَالَ: ((أَرْبَعٌ مِنْ أَطْيَبِ الْكَلَامِ، وَهُنَّ مِنَ الْقُرْآنِ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ )).  الحديث.

هَذَا الحَديثُ روَاهُ أحمَدُ -رحمَهُ اللهُ- و قدْ خَرَّجَهُ والِدي -رحمَةُ اللهِ عَلَيه- في "سلسلةِ الأحاديثِ الصَّحيحة"، (1/680)، رقم (346)، ثمَّ أَرْدَفَهُ (ص: 681-682) بقَاعِدَةٍ  نَفِيسَةٍ دَقِيقَة! حَيثُ قالَ:
"وفي الحديثِ آدابٌ ظَاهِرَةٌ، وفَوائِدُ باهِرةٌ؛ أهمُّها: (النَّهْي عَنِ الزِّيادَةِ في حَديثِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)!
وهَذَا وإنْ كانَ معْنَاهُ في روايةِ حديثِهِ ونقْلِهِ، فإنَّهُ يدلُّ عَلى (المنْعِ منَ الزِّيادَةِ فيهِ تعَبُّدًا)؛ قصْدًا للاستزادَةِ منَ الأجْرِ بها؛ من بابِ أوْلى!
وأبرَزُ صُورِ هَذَا: (الزِّيادَةُ عَلى الأذكارِ والأوْرَادِ الثَّابتَةِ عنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
كزيادةِ : "الرَّحْمَن الرَّحيمِ"،  في التَّسْميةِ على الطَّعامِ.
فكمَا أنَّهُ لا يجوزُ للمُسلمِ أن يرْوِيَ قولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -المتقدِّمَ (344)-:
((قُلْ: بِسْمِ اللهِ))،  بزيادةِ "الرَّحْمَن الرَّحيمِ"؛  فكذلِكَ لا يجوزُ لَهُ، أن يقولَ هذِهِ الزِّيادَةَ على طَعَامِهِ؛ لأنَّهُ (زيادَةٌ عَلى النَّصِّ فعْلًا)؛ فهُوَ بالمنْعِ أوْلَى!
لأنَّ قولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قُلْ: بِسْمِ اللهِ))،  تعليمٌ  للفِعْلِ؛ فإذَا لم يَجُزِ الزِّيادَةُ في التَّعليمِ الَّذي هُو وسيلةٌ للفْعْلِ؛ فلَأَنْ لَا يجوزُ الزِّيادَةُ في الفِعْلِ الَّذِي هوَ الغايةُ؛ أوْلَى وأحْرَى!
ألستَ ترَى إلى ابْنِ عُمَرَ، رضِيَ اللهُ عنْهُ، أنَّهُ أنْكَرَ على من زادَ الصَّلاةَ عَلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الحَمْدِ عَقِبَ العُطَاسِ، بِحُجَّةِ أنَّهُ مخالفٌ لتعليمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالَ لهُ: "وَأنَا أَقُولُ: الحَمْدُ للهِ، وَالسَّلَامُ عَلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكِنْ لَيسَ هكَذَا علَّمَنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! علَّمَنا إذَا عَطَسَ أَحَدُنَا أنْ يقُولَ: ((الحَمْدُ للهِ عَلى كُلِّ حَالٍ))"!.
أخْرَجَهُ الحَاكم (4 / 265 - 266) وقَالَ: "صحيحُ الإسنادِ "، ووافقَهُ الذَّهبيُّ. وهوَ كَمَا قَالَا، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ؛ فانظُرِ "المشكاة"، (4744)، و"الإِرْواء"، (3/345).
فإذا عرَفْتَ ما تقدَّمَ منَ البيانِ، فالحَديثُ منَ الأدلَّةِ الكثيرةِ على ( ردِّ الزِّيادَةِ في
الدِّينِ والعِبادةِ)!
فتأمَّلْ في هَذا! واحْفَظْهُ؛ فإنَّهُ ينفعُكَ -إنْ شاءَ اللهُ تعالى- في إقْنَاعِ المخَالفِين، هَدَانا اللهُ وإيَّاهُمْ صراطَهُ المستقيمَ".

=  انتهى البَيانُ، مِنْ والدِي. رحمَهُ اللهُ تعالى، وأسْكَنَهُ أعلَى الجِنان  
وَوَفَّقَنا  لِلْعَملِ بِتَوجِيـهِهِ، وهدَانا اللهُ جميعًا لسُنَّةِ نبيِّهِ
وصلَّى اللهُ عَلى نبيِّنا مُحمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وسلَّمَ.
الإثنين  20 جُمادَى الأولَى 1437هـ‍