العنايةُ بالأظافرِ الطّويلةِ...



العنايةُ بالأظافرِ الطّويلةِ...

بسم الله الرَّحمن الرّحيم

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ
من يهدِهِ اللهُ فلَا مضلَّ لهُ
ومن يُضللْ فلَا هاديَ لهُ
وأشهدُ أنْ لَا إلَٰهَ إلَّا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا عبْدُهُ ورسولُهُ، أمَّا بعدُ:
فيا مَنْ تتجمَّلين بإطالةِ أظافِرِك:
- كيفَ أنتِ في (صلَاتِكِ) وقدْ أشرْتِ بسبَّابَتِكِ (ذاتِ الظُّفْر الطّويل)، للتّشهُّدِ؛ توحِّدين بها ربَّكِ؟!
- وفي (دعائِكِ) وقدْ رفعتِ يديكِ (ذاتِ الأظْفارِ الطّويلة)، تناجينَ خالِقَك؟!
- وفي (ذِكْرِكِ) وقدْ عقدتِ أناملَ يديكِ (ذاتِ الأظْفارِ الطّويلة): "سبحانَ الله، الحمدُ لله، لَا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبر"؟!
- وفي (تلاوتِكِ) وقدْ حملتِ بين يديكِ (ذاتِ الأظْفارِ الطَّويلة) المصحفَ الشّريف؟!
- وفي (مصافَحَتِكِ) وقد بسطْتِ يدَكِ (ذاتِ الأظْفارِ الطَّويلة)؛ استقْبَالًا وترْحيبًا؟!
- وفي (طهْيِكِ) تغسلين الخضارَ، وتُقطّعين البقدونس والبصلَ، وتعجنينَ الطّحينَ بيديكِ ذاتِ (الأظْفار الطّويلة)، ثم تُقدِّمينَها طبقًا لأهلِ بيتِكِ، قائلةً -بفرحٍ وفخرٍ-: "هذا من صنعِ يديَّ"؟!
- وفي (نظافتِكِ) تنتقينَ بيديكِ (ذاتِ الأظْفارِ الطّويلة)، أفضلَ أنواعِ (الصَّابون، والمعجون) حفاظًا على صحَّتِكِ، وخوفًا منَ الجراثيم، والميكرُوبات، والبكتيريات والفيروسات؟!
- كيفَ أنتِ وبسبببِ منظرِ يديكِ (ذاتِ الأظْفارِ الطَّويلة)، قدْ وُسِمْتِ بـ(ذاتِ المخالبِ الطّويلة)؟!
- فكيف بكِ وأنتِ في كُلِّ ما سبقَ قدْ نَكسْتِ فطرةَ خالقِكِ؛ فبدلَ أن تنزلي بأظافركِ للأسفلِ (بتقلِيمها، وقَصِّها)؛ إذ بكِ تُرسلينَها على راحتِها لتطولَ وتطولَ؛ مُعْلِنَةً في كُلِّ (أُصبُعٍ وظُفْرٍ) عن مُخالفَتِكِ للسُّنّةِ؟!

إِنَّ العنايةَ بالأظافرِ لمَّا تطولُ؛ إنَّما يكونُ:
1) بالتّفقُّهِ بما وردَ في شرعِنا الإسلَاميِّ، ومنهُ ما جاءَ "الصَّحيحَين" أنَّ منَ الفِطرةِ:
((تقليمُ الْأَظْفَارِ))..((قَصُّ الْأَظْفَارِ)).
2) والتّفقُّهِ بأنَّ قصَّ الأظافرِ (واجبٌ) على أحدِ القولَين.
وهو الحكمُ الذي اختارَهُ والدي -رحمَةُ اللهِ عليه- وأبطلَ القولَ الآخرَ أنَّهُ: (سُنَّةٌ)؛ مُعلِّلًا ذلكَ بقولِه:
"منَ الفطرةِ: (قصُّ الأظافر)؛ فلو قيلَ: إنَّ هذا (سُنَّةٌ)؛ لَتَرَكَ أظافِرَهُ، وما قصَّها أبدَ الحياةِ! فهذا صارَ (وحشًا) وليسَ (إنسانًا)! فيكفي تصوُّرُ هذا القولِ؛ لِنَحْكُمَ أنَّهُ باطلٌ!".
إلى أن قالَ -رحمَهُ اللهُ-:
"فهُنا -مثلًا- يوجدُ قولَان: ((خَمسٌ منَ الفِطرةِ))، أو ((عَشْرٌ منَ الفِطْرَة))؛ اختلفُوا:
- منهُم مَنْ قالَ: واجبٌ.
- ومنهُم مَنْ قالَ: لَا، سُنَّة؛ إنْ فَعَلْتَ؛ أُثِبْتَ، وإنْ تَرَكْتَ؛ فلَا شيءَ عليكَ.
كيفَ هذا يُعْقَلُ؟! فهذا سيُصْبِحُ وحْشًا!
ثمرةُ القولِ بـ( وجوبِ القيامِ بِسُنَنِ الفطْرَةِ): أنْ يبقى الإنسانُ نظيفًا، جميلًا، إنسانًا اصْطفاهُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- على مَنْ خلقَ، وفضَّلَهُ على كثيرٍ من خلقِهِ تفضيلًا.
فلَا يُعقَلُ -إذًا- أن يكونَ القولُ الآخرُ -بأنَّهُ سنَّةٌ- صوابًا؛ بلْ هو خطأٌ".
انتهى باختصار وتصرُّف يسيرٍ. ["سلسلة الهدى والنّور"، شريط رقم (494)، د 6 و47 ثا].
3) والتّفقُّهِ بأنَّ لقصِّها (توقيتًا) ما ينبغي تجاوُزُهُ، وهو ما جاءَ في "صحيح مسلمٍ"، و"صحيح التّرمذيِّ" وغيرهما، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، قَالَ:
(وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمَ الْأَظْفَارِ). الحديث.
واللّفظُ عندَ (مُسلمٍ): (وُقِّتَ لنا)
وهَذا التّوقيتُ على سبيلِ (الوجوبِ).
فقدْ سُئلِ والدي -رحمَهُ اللهُ تعالى- عن (توقيتِ سُنَنِ الفطرةِ التي بيَّنها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ):
السّائلُ: "هلْ لها تحديدٌ بمدَّتِها الزَّمنيّة؟".
الوالدُ: هناكَ تحديدٌ -طبعًا-: أربعون يومًا.
واستدلَّ الوالدُ بروايةِ مسلمٍ: (وُقِّتَ لنا) مشيرًا إلى أنَّهُ رَواها بالمبني للمجهول، وغيرُهُ بالمبني للمعلوم: (وَقَّتَ لنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، ثمَّ قالَ:
فالجوابُ -إذًا-: نعم.
فسألَ السّائل: يُؤخذُ هذا الحديثُ للوجوبِ؟ وجوبِ أمورِ الفِطْرة؟
- الوالدُ: طبعًا؛ لأنَّ (التّوقيتَ) يعني هذا؛ فأنتَ عندَكَ توقيتٌ للصّلَواتِ؛ يجوزُ تَعَدِّيها؟!
- السّائلُ: لَا.
-الوالدُ: عندكَ توقيتٌ لمواقيتِ الحجِّ والعُمرةِ، يجوزُ تَعَدِّيها؟! فهَذا مِنْ هَذا".
انتهى باختصار وتصرُّفٍ. ["سلسلة الهدى والنّور"، شريط رقم (308)، د 40 و36 ثا].

فبذاكَ الفقْهِ والعملِ بمقتضاهُ تكمُنُ عنايتُكِ (الحقيقيَّةُ) بأظافرِكِ
وتحافظينَ علَى سلَامَتِها في دينِكِ ودنياكِ.
وبهِ تُعطينَ أظافرِكَ -الطّويلةَ المظلومةَ!- حقَّها الذي ستُسألينَ عنْهُ يومَ القيامةِ!

فَلْنَقُصَّ الأظْفارَ، ولْنُنْمِي العقولَ..
إذْ حسبُنا في (تقليمِ الأظفارِ وتوقيتِها) أنَّهُ من (هديِ نبيِّنا عليهِ الصّلَاةُ والسّلَام)
ولئِنْ كنَّا نبحثُ عنِ السَّمتِ الحسنِ؛ فلَا أحسنَ مِنْ سَمْتِ (الدِّين).
وإن كُنَّا نبحثُ عنِ الهيئةِ الجميلةِ؛ فلَا أجملَ مِنْ هيئةِ (الدِّين).
واللهَ نرجوهُ أن يهديَنا جميعًا سواءَ السّبيل.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وسلَّم.
كتبتْهُ: حَسَّانَةُ بنتُ محمّدٍ ناصر الدّين بنِ نوحٍ الألبانيّ.
الثُّلَاثاء 14 صفر 1440هـ‍