أوَكُلَّما عادَ إِلينا شهرٌ؛ عُدْنا فيهِ للبِدْعةِ؟!



أوَكُلَّما عادَ إِلينا شهرٌ؛ عُدْنا فيهِ للبِدْعةِ؟!

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

الحمدُ للهِ، والصَّلَاةُ والسَّلَامُ على رسولِ اللهِ، أمَّا بعدُ:
فقدْ قالَ ربُّنا -تباركَ وتعالى-:
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}.
إنَّ أعمارَنا تُطْوى على مرِّ الأيَّامِ والشُّهورِ والسّنين، إلى أنْ نلقى ربَّ العالمين..
وكُلَّما عادَ إلينا شهرٌ، عادتْ فيهِ الغفلةُ؛ فشُدَّتِ الرِّحالُ فيهِ إلى (البدْعة)!
ورجعتْ إليهِ الخُرافاتُ، والمُحدثاتُ ...
وحُشدتِ لإحيائِها الجهودُ والطّاقاتُ ...
وكأنَّهُ لم تمرَّ علينا أيَّامٌ كافيةٌ لِنتعَلَّمَ فيها أنَّ هذا (ليسَ من دينِنا)
وأنّ هذا لم يفعلْهُ نبيُّنا محمّدٌ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّمَ
وأنَّ هذهِ (بدْعة)!

كُلَّما عادَ إلينا شهرٌ، وكأنَّنا لم نقرأْ ولم نفقهْ قولَهُ تعالى:
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31]
وقولَهُ عليه الصّلاةُ والسّلام:
((إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ،
وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ،
وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،
وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،
وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ))!*
تلكَ الآيةُ العظيمةُ، لمن؟
وذاكَ الحديثُ الرّهيبُ، لمن؟
من يَرضى لنفسِهِ أنْ يلقى ربَّهُ على (بدعةٍ)؟
من يُحبُّ أن يُحدِثَ في دينِ نبيِّهِ؟

أوَكُلَّما عادَ إلينا شهرٌ؛ عُدْنا صُمًّا بُكمًا عُميًا عن معنى (البدْعةِ)؟..
خطورتِها؟..
مآلِها في الآخرة؟..
أوَكُلَّما عادَ إلينا شهرٌ؛ عُدْنا إلى تحسينِ وتزيينِ (الِابْتداعِ في الدِّين)؟!

سيعودُ شهرُ رجبَ، وشعبانَ، ورمضانَ، و و؛ ولكنْ!
سيأتي يومٌ نحْنُ إليهِمْ لَن نَعود!
فيا رَبَّنا! هدايتَكَ وعفوَكَ نرجُو...
وصَلِّ اللَّهُمَّ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وسلِّمْ.
كتبتْهُ: حسَّانَةُ بنتُ محمَّدٍ ناصرِ الدّين بنِ نوح الألبانيّ
الخميس 25 رجب 1439هـ‍

*[رواهُ مسلمٌ والنَّسائيُّ وغيرهُ، مع اختلافاتٍ يسيرةٍ، يُنظر تصحيح والدي -رحمَهُ اللهُ- في: "صحيح النَّسائي"، رقم (1487)]