(آللَّهِ، مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟)

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

• "صحيح مسلم"، كِتابُ الذِّكْرِ والدُّعَاءِ، بابُ اسْتِحبابِ الِاسْتغفارِ والِاسْتكثارِ منْهُ:

40 - (2701) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ:

خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟

قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ.

قَالَ: آللَّهِ! مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟

قَالُوا: واللَّهِ! مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ.

قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ،

ومَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي،

وإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ:

((مَا أَجْلَسَكُمْ؟))

قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ، ونَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، ومَنَّ بِهِ عَلَيْنا.

قَالَ: ((آاللهِ! مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟))

قَالُوا: واللَّهِ! مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ.

قَالَ: ((أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ؛ ولَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ)).

من سورة العنكبوت

 

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)} [سورة العنكبوت]

فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

• من تفسير الإمام الطّبريّ* -رحمَهُ اللهُ-:

"القَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63)} [سورة هود]

 

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:

قَالَ صَالِحٌ لِقَوْمِهِ مِنْ ثَمُودَ:

{يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ  بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}:

عَلَى بُرْهَانٍ وبَيَانٍ مِنَ اللَّهِ؛ قَدْ عَلِمْتُهُ وَأَيْقَنْتُهُ.

 

{وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً}:

وَآتَانِي مِنْهُ: النُّبُوَّةَ وَالحِكْمَةَ وَالإِسْلَامَ.

 

{فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ}:

فَمَنِ الَّذِي يَدْفَعُ عَنِّي عِقَابَهُ إِذَا عَاقَبَنِي إِنْ أَنَا عَصَيْتُهُ، فَيُخَلِّصُنِي مِنْهُ؟!

 

{فَمَا تَزِيدُونَنِي}:

بِعُذْرِكُمُ الَّذِي تَعْتَذِرُونَ بِهِ مِنْ أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَ ما كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ.

 

{غَيْرَ تَخْسِيرٍ}: 

لَكُمْ يُخْسِرُكُمْ حُظُوظَكُمْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ" انتهى.

* "جامع البيان عن تأويل آيِ القرآن"، الجزء: 15، ص:  370 - 371.

تحقيق: مكتب التّبيان، ط1، دار ابن الجوزيّ، القاهرة.

الأربعاء 4 جمادى الأولى 1446هـ