مِنْ معَانِي مُفْرَداتِ مَادَّةِ (رَبَب)!
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ...
من بعدِ حمدِ اللهِ، والصّلاةِ والسّلامِ على رسولِ اللهِ؛ فهذه معلوماتٌ جمعتُها -وباختصارٍ-؛ عن معاني بعضِ الكلماتِ التي جذرُها مادّة (رَبَب)؛ وأخصُّ بالذِّكرِ كلمةَ (الرّب)! التي هي مِنْ صفاتِ إلهنا وحدَهُ لا شريكَ لهُ!
• من "لسان العرب" لابنِ منْظور:
"(رَبَب) الرَّبُّ هو: اللهُ عزّ وجلّ! هو رَبُّ كلِّ شيءٍ؛ أَي: مالكُه، وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق؛ لا شريك له! وهو رَبُّ الأَرْبابِ، ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ!
و(ربُّ كلِّ شيءٍ): مالِكُه، ومُسْتَحِقُّه، وقيل: صاحبُه.
ويقال: فلانٌ رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له.
وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئًا فهو رَبُّه؛ يقال: هو (رَبُّ الدابةِ) و(رَبُّ الدارِ) و(فلانٌ رَبُّ البيتِ)، وهُنَّ (رَبَّاتُ الحِجالِ).
ويقالُ: (رَبٌّ) مُشَدَّد. و(رَبٌ) مخفَّف
(الرَّبُّ) يُطْلَق في اللّغةِ على (المالكِ والسَّيِّدِ والمُدَبِّر والمُرَبِّي والقَيِّمِ والمُنْعِمِ)
ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه عزّ وجلّ!
وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِيفَ فقيلَ (ربُّ كذا)
فأَمَّا قولُهُ تعالى {اذْكُرْني عِنْدَ رَبِّكَ}؛ فإِنَّه خاطَبَهم على المُتَعارَفِ عندهمْ، وعلى ما كانوا يُسَمُّونَهم به!
ومنه قَولُ السامِرِيِّ {وانْظُرْ إِلَى إِلهِكَ}؛ أَي: الّذي اتَّخَذْتَهُ إِلهًا" انتهى باختصار.
~ ~ ~
• من "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس:
"(رَبَّ) الرَّاءُ وَالْبَاءُ يَدُلُّ عَلَى أُصُولٍ!
- فَالْأَوَّلُ: إِصْلَاحُ الشَّيْءِ وَالْقِيَامُ عَلَيْهِ! فَالرَّبُّ: الْمَالِكُ، وَالْخَالِقُ، وَالصَّاحِبُ. وَالرَّبُّ: الْمُصْلِحُ لِلشَّيْءِ. يُقَالُ رَبَّ فُلَانٌ ضَيْعَتَهُ، إِذَا قَامَ عَلَى إِصْلَاحِهَا.
وَالرَّبُّ: الْمُصْلِحُ لِلشَّيْءِ. وَاللهُ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ- الرَّبُّ; لِأَنَّهُ مُصْلِحُ أَحْوَالِ خَلْقِهِ.
وَالرِّبِّيُّ: الْعَارِفُ بِالرَّبِّ.
وَرَبَبْتُ الصَّبِيَّ أَرُبُّهُ، وَرَبَّبْتُهُ أُرَبِّبُهُ. وَالرَّبِيبَةُ الْحَاضِنَةُ.
وَرَبِيبُ الرَّجُلِ: ابْنُ امْرَأَتِهِ.
- وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: لُزُومُ الشَّيْءِ وَالْإِقَامَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِلْأَصْلِ الْأَوَّلِ. يُقَالُ أَرَبَّتِ السَّحَابَةُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ، إِذَا دَامَتْ. وَأَرْضٌ مَرَبٌّ: لَا يَزَالُ بِهَا مَطَرٌ; وَلِذَلِكَ سُمِّيَ السَّحَابُ رَبَابًا.
وَيُقَالُ (الْإِرْبَابُ): الدُّنُوُّ مِنَ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ أَرَبَّتِ النَّاقَةُ، إِذَا لَزِمَتِ الْفَحْلَ وَأَحَبَّتْهُ، وَهِيَ مُرِبٌّ.
- وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ: ضَمُّ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ، وَهُوَ أَيْضًا مُنَاسِبٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَمَتَى أُنْعِمَ النَّظَرُ كَانَ الْبَابُ كُلُّهُ قِيَاسًا وَاحِدًا.
فَأَمَّا (رُبَّ) فَكَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ لِتَقْلِيلِ الشَّيْءِ، تَقُولُ: رُبَّ رَجُلٍ جَاءَنِي. وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اشْتِقَاقٌ!". انتهى باختصار.
~ ~ ~
• ومن كتابِ "المفردات في غريب القرآن" للأصفهاني*:
(الرَّبُّ) -في الأصل-: التربية! وهو إنشاء الشيءِ حالاً فحالاً إلى حدّ التمامِ!
يقال: رَبَّهُ، وربّاه ورَبَّبَهُ.
فالرّبّ مصدرٌ مستعارٌ للفاعل.
ولا يُقال (الرّبّ) مطلقًا إلاَّ لله تعالى! المتكفّل بمصلحة الموجودات!
نحو قوله: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15].
وعلى هذا قوله تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبابًا}[آل عمران:80]
أي: آلهة، وتزعمون أنهم الباري مسبّب الأسباب، والمتولّي لمصالح العباد.
وبالإضافة يُقال له ولغيره، نحو قوله: {رَبِّ الْعالَمِينَ} [الفاتحة: 1]، و{رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الصافات: 126]
ويُقال: رَبُّ الدّار، ورَبُّ الفرس لصاحبهما، وعلى ذلك قول الله تعالى:
{اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [يوسف: 42]
وقوله تعالى: {ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ} [يوسف:50]
وقوله: {قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ} [يوسف: 23]، قيل: عنى به: الله تعالى، وقيل: عنى به: الملك الذي ربّاه «2» ، والأوّل أليق بقوله.
= = =
و(الرَّبَّانِيُّ) قيلَ: منسوبٌ إلى: الرّبّان، ولفظُ فعلانَ من: فَعِلَ يُبْنَى؛ نحو: عطشانَ، وسكرانَ، وقلّما يُبْنى من فَعَل، وقد جاءِ نعسانُ.
وقيلَ: هو منسوب إلى: الرّبّ؛ الذي هو المصدر، وهو الذي يَرًبُّ العِلْمَ، كالحكيم.
وقيلَ: منسوبٌ إليه، ومعناه: يَرُبُّ نفسهُ بالعلمِ، وكلاهما في التّحقيق متلازمان؛ لأنّ مَنْ رَبَّ نفسهُ بالعلمِ؛ فقد ربَّ العِلْمَ، ومن رَبَّ العِلْمَ؛ فقد رَبَّ نفسه به.
وقيلَ: هو منسوبٌ إلى: الرّبّ، أي: الله تعالى، فالرّبّانيّ كقولهم: إلهيّ، وزيادة النون فيه كزيادته في قولهم: لحيانيّ، وجسمانيّ.
والجمع: ربّانيّون.
قال تعالى: {لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ} [المائدة:63]
{كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران:79]
وقوله تعالى: {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}[آل عمران: 146]
فالرِّبِّيُّ كالرّبّانيّ.
و(الرّبوبيّة) مصدر، يقال في: الله عزّ وجلّ.
= = =
وجمع (الرّبّ): أرْبابٌ.
قال تعالى: {أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39]، ولم يكن من حقّ الرّبّ أن يُجمعَ؛ إذ كانَ إطلاقُهُ لا يتناولُ إلّا اللهَ تعالَى، لكنْ أتَى بلفظِ الجمعِ فيه على حسبِ اعتقاداتهمْ! لا على ما عليهِ ذاتُ الشّيءِ في نفسهِ!
و(الرّبّ): لا يقالُ في التّعارفِ إلّا في (الله)! وجمعه: أَرِبَّةٌ، و: رَبُوبٌ.
قال الشاعر:
كانــــــتْ أرِبَّتُهُمْ حَفْرًا وغَرَّهُـــــــمْ
عَقْدُ الجِوارِ وكانُوا مَعْشَرًا غُدُرًا
وقال آخر:
وكنتَ امرأً أفْضَتْ إليك ربَابَتِي
وقَبْــلَكَ ربَّنِي فَضِــعْـــــتُ رُبُـــــــوبُ.
= = =
ويُقالُ للعقدِ في موالاةِ الغيرِ: الرِّبَابَةُ.
ولِـمَا يُجمع فيه القِدْحُ: ربَابَةٌ.
واختَصَّ: الرّابُّ والرّابّةُ بأحد الزّوجينِ؛ إذا تولّى تربيةَ الولدِ من زوجٍ كان قبله! و(الرّبيبُ) و(الرّبيبةُ) بذلكَ الولد.
قال تعالى: {وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}[النساء: 23]
وربَّيْتُ الأديمَ بالسّمنِ، والدّواءَ بالعسلِ، وسِقَاءٍ مربوبٍ.
= = =
و(الرَّبَابُ): السّحابُ، سُمّيَ بذلكَ؛ لأنّهُ يربُّ النّباتَ، وبهذا النّظرِ سمّيَ المطر دَرًّا، وشُبِّهَ السّحابُ باللَّقُوحِ.
وأَرَبَّتِ السّحابةُ: دامت. وحقيقتُهُ أنها صارتْ ذاتَ تربيةٍ.
وتُصوِّرَ فيه مَعْنى الإقامةِ، فقيلَ: أَرَبَّ فلانٌ بمكانِ كذَا؛ تشبيهًا بإقامةِ الرَّبابِ.
= = =
وَ(رُبَّ): لاستقلالِ الشَّيْءِ، ولِـمَا يكونُ وقتًا بعد وقتٍ، نحو: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الحجر: 2]" انتهى.
والله تعالى أعلمُ.
~ ~ ~
• وفي "المخصّص"، لابن سيده:
"(والرَّبُّ): مالِكُ كُلِّ شَيْء.
وَقيلَ (الرَّبُّ): السيّدُ.
وَقيلَ (الرَّبُّ): الـمُدبِّرُ.
(رُبُوبٌ)، جمع رَبِّ؛ أَي: الـمُلوك.
و(اللهُ عز وَجلّ): الرَّبُّ! بِمَعْنى: المالِكِ السيِّد!
وَقَالَ عز وَجل: {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} [يُوسُف: 41]؛ أَي: سَيّده.
وَأَصلهُ فِي الِاشْتِقَاقِ: من التَّرْبِيَةِ؛ وَهِي التَّنْشِئَةِ!
يُقَال: رَبِّيْتُهُ ورَبَّيْتُهُ؛ بِمَعْنى
وَقيل للْمَالِك (رَبٌّ)؛ لِأَنَّهُ يملك تَنْشِئَةَ المَرْبُوبُ!" انتهى باختصارٍ.
~ ~ ~
* حيث جمعَ باختصارٍ، أهمّ ما وردَ في المصدرين السابقين.
الأحد: 30/ رجب/ 1434هـ.