{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}!
(تفسير)
بسم الله الرحمن الرّحيم...
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ
والسّلامُ على نبيّنا محمّدٍ وعلىٰ آلهِ أجمعين..
أمَّا بعدُ:
أمَّا بعدُ:
قالَ تعالىٰ في سورةِ (إبراهيم):
{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ
لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} الآية: 43
أقفُ عندَ قولِهِ تعالىٰ: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}
• في اللّغةِ:
"(هَوِيَ): الْهَاءُ
وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خُلُوٍّ وَسُقُوطٍ!
أَصْلُهُ: الْهَوَاءُ بَيْنَ
الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، سُمِّيَ لِخُلُوِّهِ.
قَالُوا: وَكُلُّ خَالٍ هَوَاءٌ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43]؛ أَيْ: خَالِيَةٌ
لَا تَعِي شَيْئًا!".اهـ "معجم
مقاييس اللّغة".
• في التّفسير:
- قالَ القرطبيّ -رحمهُ اللهُ-:
"{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ}:
أَيْ: لَا تُغْنِي شَيْئًا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ!
ابْنُ عَبَّاسٍ: خَالِيَةٌ مِنْ
كُلِّ خَيْرٍ.
السُّدِّيُّ: خَرَجَتْ قُلُوبُهُمْ
مِنْ صُدُورِهِمْ، فَنَشِبَتْ فِي حُلُوقِهِمْ!
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُرَّةُ
وَابْنُ زَيْدٍ: خَاوِيَةٌ خَرِبَةٌ مُتَخَرِّقَةٌ، لَيْسَ فِيهَا خَيْرٌ وَلَا
عَقْلٌ! كَقَوْلِكَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي ليس فيه شي: إِنَّمَا هُوَ هَوَاءٌ! وَقَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالْهَوَاءُ فِي اللُّغَةِ:
الْمُجَوَّفُ الْخَالِي!". اهـ
- قالَ ابنُ كثيرٍ -رحمهُ اللهُ-:
"{لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ
طَرْفُهُمْ}؛ أَيْ: [بَلْ] أَبْصَارُهُمْ طَائِرَةٌ شَاخِصَةٌ، يُدِيمُونَ
النَّظَرَ لَا يَطْرِفُونَ لَحْظَةً لِكَثْرَةِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْهَوْلِ
وَالْفِكْرَةِ وَالْمَخَافَةِ؛ لِمَا يَحِلُّ بِهِمْ، -عِيَاذًا باللهِ الْعَظِيمِ
مِنْ ذَلِكَ!-، وَلِهَذَا قَالَ: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}؛ أَيْ: وَقُلُوبُهُمْ
خَاوِيَةٌ خَالِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ لِكَثْرَةِ [الْفَزَعِ وَ] الْوَجِلِ
وَالْخَوْفِ؛ وَلِهَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَجَمَاعَةٌ: إِنَّ أَمْكِنَةَ
أَفْئِدَتِهِمْ خَالِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ لَدَى الْحَنَاجِرِ قَدْ خَرَجَتْ
مِنْ أَمَاكِنِهَا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {هَوَاءٌ} خَرَابٌ
لَا تَعِي شَيْئًا". اهـ
- قالَ الطّبريُّ -رحمهُ اللهُ-:
" وَأَوْلَى هَذِهِ
الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ:
مَعْنَاهُ: أَنَّهَا خَالِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَا
تَعْقِلُ شَيْئًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ أَجْوَفَ خاوٍ:
هَوَاءً.."اهـ
- قالَ السّعديّ -رحمهُ اللهُ-:
"{لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ
طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أيْ: أفْئِدَتُـهُمْ فَارِغَةٌ مِنْ قُلُوبِـهِمْ!
قَدْ صَعِدَتْ إِلىٰ الحنَاجِرِ؛ لكنَّهَا مملُوءَةٌ مِنْ كُلِّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَحُزنٍ
وقَلَقٍ!" اهـ
- وجاءَ في "صحيح
البخاريِّ"، كتاب: المظالمِ والغصبِ، باب قصاصِ المظالمِ:
"{لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ
طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] يَعْنِي جُوفًا لاَ عُقُولَ
لَهُمْ!". اهـ
واللهُ تعالىٰ أعلم.
~ ~ ~
السّبت: 3/ شوّال/ 1434هــ