(4)
الكيفيّاتُ الصّحِيحَةُ
لقيامِ النّبيِّ
صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في (اللّيلِ) و(وِتْرِهُ)!
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ...
الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ
اللهِ؛ أمَّا بعدُ:
قالَ الوالدُ -رحمهُ اللهُ- في كتابِهِ: (صلاة
التّراويح)[1]:
"واعلمْ أيُّها المسلمُ! أنَّ قيامَ النّبيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في (اللّيلِ) و(وترَهُ) كان على أنواعٍ وكيفيّاتٍ
كثيرةٍ! ولـمَّا كانَ ذلكَ غيرَ مدوَّنٍ في أكثرِ كتبِ الفقهِ -سواءٌ منها
المختصرةُ أو المطوّلةُ- وكانَ من الواجبِ بيانُ سنّته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ للناسِ:
- لكي نمهِّد السّبيلَ لمن كان -منهمْ- محبَّا
لاتّباعِهَا أنْ يعملِ بها، فيُكتبَ لنا أجرَهُ إن شاءَ اللهُ تعالىٰ!
-وحتى
يتورَّع عن إنكارِ شيءٍ منها من كان بها جاهلاً!
وفَّقنا اللهُ -تباركَ وتعالىٰ لاتِّباعِهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حقَّ الاتِّباعِ، واجتنابِ ما حذَّرَنا منَ
الابتدَاعِ! فقدْ وجبَ بيانُ ذلكَ فأقولُ...".. ثمَّ ساقَ -رحمهُ اللهُ- (ستَّ
كيفيّاتٍ)! ودلّلَ عليها[2]
مع الإشارةِ إلى أنّهُ يمكنُ أن يُزادَ عليها كيفيّاتٌ أخرىٰ -كما سيأتي-.
أمَّا في كتابهِ: (قيام رمضان)
فقد اختصرَ، فاقتصرَ على الكيفيّاتِ فقط؛ حيثُ قالَ: "كنتُ فصَّلتُ القولَ في
ذلك في "صلاة التراويح"، ص (101-115)؛ فأرى أن أٌلَخّصَ ذلكَ -هنا-
تيسيرًا على القارئِ، وتذكيرًا" اهـ[3]
وتلكَ
الكيفيّات هي ما سأنقلُهُ هنا؛ للسّببِ نفسهِ -تيسيرًا وتذكيرًا!- وإحياءً لها!
ودعوةً للعملِ بسنّتهِ وهديهِ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ، سائلةً الله عزَّ وجلَّ
الإعانةَ والتّوفيقَ والقبولَ.
" كيفيّاتُ
قيامَ النّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في (اللّيلِ) و(وترَهُ)"!
- الكيفيّةُ الأولى: (ثلاث عشرة ركعة):
يفتتحُها بركعتينِ خفيفتينِ -وهما على الأرجح:
سنّة العِشاءِ البعديّةِ, أو ركعتانِ مخصوصتانِ يفتتحُ بهما صلاةَ الّليل كما تقدَّم-
ثمَّ يصلّي ركعتينِ طويلتينِ جدًّا! ثمَّ يصلّي ركعتينِ دونهمَا, ثمَّ يصلّي
ركعتينِ دونَ اللَّتين قبلهُمَا, ثمَّ يصلّي ركعتينِ دونهمَا, ثمَّ يصلّي ركعتينِ
دونهمَا, ثمَّ يوترُ بركعةٍ.
الكيفيّةُ الثانيةُ: يصلِّي (ثلاث عشرة ركعة):
منها: ثمانية، يُسلِّمُ بين كلِّ ركعتينِ, ثمَّ
يوترُ بخمسٍ، لا يجلسُ ولا يسلِّمُ إلاَّ في الخامسةِ!
الكيفيّةُ الثّالثةُ: إحدى عشرة ركعة:
يُسلِّمُ بين كلِّ ركعتينِ, ويوترُ بواحدةٍ.
الكيفيّةُ الرّابعةُ: إحدى عشرة ركعة:
يصلِّي منها أربعًا بتسليمةٍ واحدةٍ, ثم أربعًا كذلكَ,
ثم ثلاثًا.
سؤال! وهلْ كانَ يجلسُ بين كلِّ ركعتينِ من الأربعِ والثّلاثِ؟
لم نجدْ جوابًا شافيًا في ذلك, لكنَّ الجلوس في
الثّلاثِ لا يُشرعُ!
الكيفيّةُ الخامسةُ: يصلِّي إحدىٰ عشرة ركعة:
منها (ثماني) ركعاتٍ لا يقعدُ فيها إلا في الثّامنة!
يتشهّدُ ويصلِّي علىٰ النبيِّ صلَّىٰ اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثمَّ يقومُ ولا يسلِّمُ!
ثمَّ يوترُ بركعةٍ, ثمَّ يسلِّمُ, فهذِهِ (تسعٌ), ثم يصلِّي ركعتينِ، وهو (جالسٌ)!
الكيفيّةُ السّادسةُ: يصلِّي تسعَ ركعاتٍ:
منها (ستٌّ) لا يقعدُ إلَّا في (السّادسةِ)
منها, يتشهّدُ ويصلِّي علىٰ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ... إلخ ما
ذُكرَ في الكيفيّةِ السّابقةِ.
[هل يمكن أن يزادَ عليها كيفيّاتٌ أخرىٰ؟]
هذهِ هي الكيفيَّاتُ التي ثبتتْ عن النّبيِّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ نصًّا عنهُ, ويمكنُ أن يُزادَ عليهَا أنواعًا أخرىٰ, وذلكَ
بأنْ يُنقص من كلِّ نوعٍ منها ما شاءَ من الرَّكعاتِ؛ حتَّىٰ يقتصرَ علىٰ ركعةٍ
واحدةٍ! عملاً بقولهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -المتقدِّمُ-:
((فَمَنْ
شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِثَلَاثٍ، وَمَنْ شَاءَ
فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ))![4]
فهذهِ ((الخمسُ والثّلاثُ)):
- إن شاءَ صلَّاهَا بقعودٍ واحدٍ, وتسليمةٍ
واحدةٍ؛ كما في الصّفةِ الثّانية.
- وإن شاءَ سلَّمَ بينَ كلِّ ركعتينِ، كما في
الصّفةِ الثّالثةِ وغيرها, وهو الأفضلُ!
وأمَّا
صلاةً ((الخمسِ والثّلاث)) بقعودٍ بين كلِّ ركعتين بدونِ تسليمٍ، فلم نجدُهُ ثابتًا
عنهُ، والأصلُ الجوازُ, لكنْ لما كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قدْ نهىٰ
عن (الإيتارِ بثلاثٍ)، وعلَّلَ ذلكَ بقولِهِ:
((ولا
تشبَّهُوا بصَلاةِ المَغْرِب))؛ فحينئذٍ؛ لا بدَّ لمنْ صلَّىٰ الوترَ (ثلاثًا) من
الخروجِ عن هذه المشابهةِ, وذلكَ يكونُ بوجهينِ:
أحدُهما:
(التّسليمُ) بين (الشّفعِ والوترِ), وهوَ الأقوىٰ والأفضلُ!
والآخرُ:
أنْ (لا يقعدَ) بين (الشّفعِ والوترِ), واللهُ تعالىٰ أعلمُ.".
~
~ ~
انتهىٰ؛
مع تصرّفاتٍ يسيرةٍ في عناوينِ الفقراتِ.
السّبت:
18/ رمضان/ 1434هـ.
يتبع
إن شاءَ اللهُ...
[1] - صفحة
(99)، الطّبعة الأولى (1421هـ)، مكتبة: دار المعارف.
[2] - يُنظر
صفحة (101-115)
[3] - يُنظر:
(قيام رمضان)، صفحة: (27).
[4] - قالَ الوالدُ في الحاشيةِ:
"ينظر الفقرة 8 ص (22)" انتهى. والفقرةُ التي يعنيها -رحمهُ اللهُ- هي
قوله: "ولهُ أن يُنْقِصَ منها, حتَّىٰ لوِ اقْتصرَ على ركعةِ (الوتْر) فقط؛
بدليلِ فعلهِ صلَّىٰ اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وقولِهِ؛ أمَّا الفعلُ: فقدْ سُئِلَتْ
عائشةُ رضيَ اللهُ عنها: بِكَمْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُوتِرُ؟ قالتْ: (كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ وَثَلَاثٍ، وَسِتٍّ
وَثَلَاثٍ، وَعَشْرٍ وَثَلَاثٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ،
وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ)! وأمّا قولُهُ صلَّىٰ اللهُ عليهِ وسلَّمَ،
فهوَ: ((الْوِتْرُ حَقٌّ! فَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ، وَمَنْ شَاءَ
فَلْيُوتِرْ بِثَلَاثٍ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ))!