تفقّدْ توحيدَك أيها المسلم!
إن الحمد لله... نحمده، ونستعينه، ونستغفره...
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا...
من يهده الله فلا مضلّ له... ومن يضلل فلا هادي له...
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الله...وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله..
أما بعد:
فإن المسلم مكلف أن يدعو إلى ربه، ويعبده على بصيرة، فقد قال تعالى:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].
ومما يضعف هذه البصيرة؛ بل ويُميتها! جهلُ العبد بأمرٍ يدخل في صلب معتقده وعبادته؛ ألا وهو: أنواع التوحيد!
ومن هذا الباب؛ رأيت من المهمّ أن أنقل للقراء مقطعًا من كتاب: "الرسالة المفيدة"؛ للإمام المجدد: (محمد بن عبد الوهاب)؛ رحمه الله تعالى، وجزاه عن المسلمين خيرًا..
سائلة الله تبارك وتعالى: النفع والقبول.
قال ـ رحمه الله ـ:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فاعلم ـ أرشدك الله تعالى ـ أن الله خلق الخلق ليعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا؛
قال الله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
Ÿ والعبادة هي: (التوحيد)! لأن الخصومة بين الأنبياء والأمم فيه؛ كما قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
وأما: (التوحيد)؛ فهو ثلاثة أنواع:
توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
ـ أما توحيد الربوبية:
فهو الذي أقر به الكفار على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخلهم في الإسلام، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستحل دماءهم وأموالهم.
ـ وهو: توحيده بفعله تعالى.
والدليل قوله تعالى:
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُون}[يونس: 31]
{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}{قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}[المؤمنون: الآيات: 84ـ 85ـ 86 ـ 87ـ 88ـ 89]
والآيات على هذا كثيرة جدًّا، أكثر من أن تحصر! وأشهر من أن تذكر!
فهو الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه!
ـ وهو توحيد الله تعالى بأفعال العباد:
كالدعاء، والنذر، والنحر، والرجاء، والخوف، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والإنابة.
ودليل الدعاء قوله تعالى:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]
وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل من القرآن.
وأصل العبادة:
تجريد الإخلاص لله وحده، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم!
قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}[الجن: 18]
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: 25]
وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} ـ إلى قوله ـ {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[الرعد:14]
وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: 62]، والآيات معلومات.
وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: 7]
وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[آل عمران: 31].
ـ وأما الثالث؛ فهو: توحيد الذات والأسماء والصفات:
قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}اللَّهُ الصَّمَدُ}{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}[سورة الإخلاصٍ]
وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف: 180]
وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}."[الشورى: 11].
انتهى كلامه ـ رحمه الله تعالى ـ.
ملحوظة: أسماء السور، وأرقام الآيات؛ ليست من كلام الشيخ؛ وإنما وضعتها ضمن النص لئلا يطول الهامش.
ــــــــــــــــــــــــ
وبعد قراءتنا للموضوع؛ هل علمنا:
ـ ما هي العبادة؟
ـ ما هو أصل العبادة؟
ـ ما هي أنواع التوحيد؟
ـ ما أدلتها من القرآن الكريم؟
ـ ما هو التوحيد الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه؟
ـ لمن يجب أن نصرف: دعاءنا، ونحرنا، ورجاءنا، وخوفنا، وتوكلنا... إلخ؟
أسأله تعالى أن يوفقنا لتوحيده جل في علاه، ويتوفانا عليه. اللهم آمين.