وَلَيْسَ الْمُنْتَهى إِلَّا إِلَى الَّذِي انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْأُمُور كلُّهَا..لابن القيّم رحمَهُ اللهُ

 بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيم

من كتاب "الفوائد"*، لابن القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ-:

"فَائِدَة:
 - قَولُ اللهِ تَعَالَى:

{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر : 21]

مُتَضَمِّنٌ لكَنزٍ منَ الكُنُوزِ؛ وَهُوَ أَنَّ: كلَّ شَيْءٍ لَا يُطْلَبُ إِلَّا مِمَّنْ عِنْدَهُ خَزائنُهُ، وَمفَاتيحُ تِلْكَ الخَزَائنِ بِيدَيْهِ،

وَأَنَّ طَلَبَهُ مِنْ غَيرِهِ؛ طَلَبٌ مِمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ، وَلَا يقْدِرُ عَلَيْهِ.

 - وَقَولُهُ: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} [النّجم : 42]

مُتَضَمِّنٌ لكَنْزٍ عَظِيمٍ؛ وَهُوَ أَنَّ: كلَّ مُرَادٍ إِنْ لَمْ يُرَدْ لأَجلِهِ، ويتَّصِلْ بِهِ؛ فَهُوَ مُضْمَحِلٌّ مُنْقَطِعٌ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى،

وَلَيْسَ الْمُنْتَهَى إِلَّا إِلَى الَّذِي انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْأُمُورُ كلُّهَا؛ فانْتَهتْ إِلَى خَلْقِهِ وَمشيْئَتِهِ وحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ؛

فَهُوَ غَايَةُ كُلِّ مَطْلُوبٍ،

وَكُلُّ مَحْبُوبٍ لَا يُحَبُّ لأَجْلِهِ؛ فمَحبَّتُهُ عَناءٌ وَعَذَابٌ،

وَكُلُّ (عَملٍ) لَا يُرَادُ لأَجْلِهِ؛ فَهُوَ ضَائعٌ وَباطِلٌ،

وَكُلُّ (قَلْبٍ) لَا يَصِلُ إِلَيْهِ؛ فَهُوَ شَقِيٌّ مَحْجُوبٌ عَنْ سَعادَتِهِ وفلَاحِهِ،

فَاجْتَمَعَ (مَا يُرَادُ مِنْهُ كُلُّهُ) فِي قَوْلِهِ:  {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ}

وَاجْتَمَعَ (مَا يُرَادُ لَهُ كُلُّهُ) فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} 

فَلَيْسَ وَرَاءَهُ -سُبْحَانَهُ- غَايَةٌ تُطْلَبُ!

وَلَيْسَ دُوْنَهُ غَايَةٌ إِلَيْهَا الْمُنْتَهَى!". اهـ‍‍‍‍‍‍

*ص 292-293، تحقيق: محمد شمس، إشراف: بكر أبو زيد، دار عالم الفوائد

السّبت 2 شوال 1444هـ‍‍‍‍‍